نسخة مغربية من تلفزيون الواقع تحصد مشاهدات مليونية وتفضح منظومة مجتمعية متأزمة وجد المهووسون باستعراض المؤهلات الجنسية في شوارع "شوفوني"، بديلا أكثر فعالية ويحترم الإجراءات الاحترازية ضد فيروس "كورونا"، إذ أصبحت مواقع "روتيني اليومي" على "يوتوب" و"فيسبوك" ظاهرة مغربية بالنظر إلى ملايين المشاهدات التي حققتها نجمات سباقات الأشغال المنزلية بثياب غرف النوم. ووصل جدل النسخة المغربية من تلفزيون الواقع، التي فضحت منظومة مجتمعية متأزمة، إلى البرلمان، إذ طالب النواب وزارة العدل بتحريك المتابعة في حق "ناشري الرداءة والسفاهة"، بذريعة أنها ظاهرة غريبة تنتشر على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، هدفها الإخلال العلني بالحياء وانتهاك الآداب ونشر الرذيلة بكل أنواعها، وأن الأمر يتعلق بممارسات شاذة ولها تبعات خطيرة على الناشئة، وتأثير سلبي على فئة عريضة من المراهقين والمراهقات، الذين يمرون من مرحلة حساسة جدا تتكون فيها قناعاتهم. وفي الوقت الذي يعتبر فيه أنصار الحرية أن "روتيني اليومي" متنفس لسجينات المطابخ والأسطح، اعتبرها المحافظون رداءة دون الحد الأدنى للأخلاق، مطالبين بضرورة التصدي للظاهرة حفاظا على الذوق العام لكل المغاربة، خاصة بعدما وصل مستوى الكبسولات المصورة إلى القاع وأصبح المغاربة يشاهدون "فيديوهات" تصور من داخل غرف النوم واستعمال الكلام النابي الذي يحمل بين طياته الكثير من العنف، بتواطؤ "مؤثرين سلبيين" ينتقلون بكل حرية من مدينة إلى أخرى من أجل تصوير فيديوهات كلها سب وشتم وانحطاط في المحتوى. ومن جهتهم، اعتبر المتخصصون في علم النفس الاجتماعي، أن نجوم و رواد هذه المواقع سواء كانوا رجالا أو نساء هم ضحايا نقص عاطفي ومادي وكبت ناجم عن عدم إشباع رغبات دفينة، ويحاولون من خلال تلك "الفيديوهات" تحقيق تعويض طبيعي لكن بطريقة خاطئة. ولم تكن الظاهرة محط إعجاب من قبل جميع رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تعالت أصوات نشطاء من أجل لفت الانتباه إلى مساهمة تلك التسجيلات في تفشي العنف ضد النساء، وتكريس الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام الجديدة، والتأثيرات السلبية على الأطفال الذين قد يصادفون هذه "الفيديوهات". ووصلت التعليقات الرافضة حد المطالبة بإدراج هذه الأشرطة ضمن المحتويات الجنسية التي يجرمها القانون الجنائي المغربي، الذي يعاقب في فصله الـ 483 بالحبس من شهر واحد إلى سنتين، وبغرامة مالية من مائتين إلى خمسمائة درهم، كل من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء، وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، وتحميل النساء اللائي ينتجن تلك المقاطع المصورة مسؤولية تدني صورة المرأة في المجتمع. وكشفت الظاهرة أن الرأي العام يتابع الرغبات والمشاعر المكبوتة بالنظر إلى الأعداد الهائلة من المتابعين، إذ لا يمكن إلقاء اللوم على النساء اللائي ينتجن تلك المحتويات، بل على المتابعين لأن كلاهما وجهة لعملة واحدة، ويجسدان المنتج الثقافي والاجتماعي نفسه وتجمعهما التنشئة الاجتماعية المشتركة والمرتكزات القيمية. ياسين قُطيب