الاحتجاج بـ “الاحتلال” في البيضاء

حافلات النقل السياحي تشل اقتصاد أهم شارع بالمدينة وتستهدف قوت البسطاء لا يُنتزع الحق بالقوة ولا بالفوضى، أو المساس بحقوق الآخرين وقوت يومهم، ولا يستقيم بإلحاق أضرار بالصالح العام، أو استهداف شركات ومؤسسات تجد نفسها عاجزة ومكبلة اليدين أمام لافتة "الحق في الإضراب". إنه المشهد اليومي في شارع الجيش الملكي بالبيضاء، الذي يعد شريانا اقتصاديا لقلب المدينة، وحلقة وصل بين عدة أحياء، فشركات النقل السياحي وحافلاتها "تحتل"، منذ الثلاثاء الماضي، الأرصفة والملك العام بدعوى الإضراب والاحتجاج على تدابير الحكومة. من حق شركات النقل السياحي الاحتجاج على غياب الدعم الحكومي، بعد إغلاق الحدود الجوية والبحرية والبرية، ومن حقها رفع صوتها للمطالبة بما تعتبره لا مبالاة بمشاكلها التي تقودها إلى الإفلاس وتشريد عائلات، كما من حق القطاعات المتضررة الصراخ والغضب، ما دام القانون والدستور يمنحانها مشروعية الضغط على الحكومة، لكن، دون اللجوء إلى سياسة "العصا في الرويضة"، فاحتلال الملك العمومي من شأنه أن يقود إلى فوضى الاحتجاج، وربما نشهد، يوما ما، محتجين يغلقون الطريق السيار، ويمنعون شاحنات محملة بالسلع والمواد الغذائية من المرور، بدعوى الحق في الاحتجاج أو الإضراب. يعكس مشهد حافلات وسيارات النقل السياحي بشارع الجيش الملكي بالبيضاء خللا في فهم الحقوق والواجبات، ولا أحد تجرأ لتنبيه أصحابها، علما أن زبناء شركات، ومرتفقي بعض المؤسسات، وزبناء المقاهي، أصبحوا ينفرون من المكان، كما يجد الموظفون والمستخدمون أنفسهم في ورطة، لعجزهم عن ركن سياراتهم، فيضطرون إلى التخلي عنها في مناطق بعيدة جدا. يقول أحد المتضررين "إن المغرب قطع شوطا كبيرا في حق الإضراب والتعبير عنه، لكن دون أن يصبح فوضى ترهق الآخرين وتمس مصالحهم"، مشيرا إلى أنه قضى أزيد من ساعة للعثور على مكان خاص بركن سيارته في الموقف الذي احتلته حافلات النقل السياحي. وأمام استعجال مهمته بإحدى الإدارات، اضطر إلى ركنها في "الصف الثاني"، وبعد دقائق قليلة وجد شرطيا يحرر مخالفة ضده، دون أن يتفهم وضعيته، أو يتدخل لإجبار الحافلات على مغادرة مكانها. يعرف الشارع نفسه اختناق حركة المرور عادة، وزادت الوضعية الجديدة في تأزم حركة السير، حتى اختلت مواعيد وصول الموظفين والمستخدمين إلى مقرات عملهم، ناهيك عن تضرر فئة أخرى من حراس السيارات، الذين يقتاتون منذ سنوات، مما يجود به أصحاب السيارات، ومنهم من يحجز المكان مقابل واجب شهري، فوجدوا أنفسهم عاطلين، وربما تدفعهم فوضى الاحتجاج إلى احتلال ما تبقى للشارع. أجهزت كورونا على شركات النقل السياحي، وهذه حقيقة لا غبار عليها، يجمع عليها الكثيرون، بمن فيهم الحكومة، لكن أن يمس إضراب أصحابها الاقتصاد أو قوت الآخرين، فإن الأمر يصبح فوضى تستدعي التدخل العاجل، وليس انتظار حلول من السماء! خالد العطاوي

الاحتجاج بـ “الاحتلال” في البيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خونة

معاشات تحت عتبة الفقر

مقالات ذات صلة