الالتفاف على مداخيل مهمة بسوق الجملة للخضر والفواكه والجماعة تكتفي بالفتات "سوق الجملة للخضر والفواكه خارج الدولة"، هذه إحدى الخلاصات التي انتهت إليها شكاية توصل بها نائب الوكيل العام للملك باستئنافية البيضاء، من قبل مواطنين وتجار نبهوا إلى وجود اختلالات وصفت بالجسيمة بهذا المرفق العمومي التابع للجماعة الحضرية والمدبر من قبل شركة البيضاء للخدمات. وسردت الشكاية عددا من المعطيات حول التدبير الحالي للسوق وطريقة تحديد أثمان السلع والرسوم التي تدفع قبل دخول الشاحنات إليه على مدار الساعة، متحدثة عن خسارات تفوق 200 مليار تضيع عن خزينة الجماعة سنويا، علما أن مجموع مداخيل المدينة لا يتجاوز 350 مليارا، يساهم فيها السوق بـ16 مليارا دون احتساب الضرائب. وأكدت الشكاية، التي تتوفر "الصباح" على نسخة منها، أن المرفق العمومي التجاري الأكبر بالمدينة الواقع على عشرات الهكتارات، يخضع إلى قانون خاص خارج الدولة، وتتحكم فيه فئات مختلفة، هي الآمرة والناهية، وتستخلص فيه إتاوات وأموال بالملايين، تذهب مباشرة إلى الجيوب. وتحدثت الشكاية عن أوضاع شاذة عجزت جميع المكاتب المسيرة المتعاقبة في البيضاء عن حلها، ويتعلق الأمر بوكلاء المربعات، وهم مجموعة وسطاء البيع، وعددهم 20 شخصا، و20 نائبا لهم، يتسلمون 7 في المائة من القيمة الإجمالية للبضاعة في شكل جبايات، 6 في المائة لفائدة الدولة، و1 في المائة مقابل الخدمات التي يقوم بها هؤلاء الوكلاء المنظمون بمرسوم موقع في عهد الوزير رضى اكديرة. وأوضحت الشكاية أن الوكلاء الذين يمارسون خارج القانون، بعد انتهاء مهامهم في 1989، وضمنهم بعض أبناء الشهداء والمقاومين، لا يكتفون بذلك فحسب، بل يرفض عدد منهم أداء ما بذمتهم من أموال الرسوم (6 في المائة) إلى خزينة الجماعة، مقدرة (أي الشكاية) المبلغ الضائع في هذه السنوات بـ 14 مليار سنتيم، موزعة على المتهربين من الدفع. ويساهم التلاعب في المحلات التجارية والتحايل على الوثائق والبيوعات والتنازلات في ضياع مداخيل أخرى تقدر بـ100 مليار، على خزينة الضرائب والمدينة، إذ عجز المسؤولون عن وقف النزيف والتصدي إلى السماسرة الذين يعيثون فسادا في ممتلكات الجماعة، ومنهم من التحق بلوائح أثرياء المدينة، بعد أن بدأ من تحت الصفر. وإضافة إلى المداخيل الخاصة بالنشاط الأساسي للسوق، تفوت خزينة المدينة مداخيل أخرى متأتية من عدد الأنشطة التجارية الأخرى، والخدمات والمرافق الموجودة داخله، والمملوكة إلى الخواص في إطار عمليات غامضة لا أحد يستطيع فك شفراتها. ويتوفر سوق الجملة على عشرات المقاهي والفنادق والمطاعم والمحلات التجارية والمحلبات و"سناكات" وصالونات للحلاقة، وحمامات و"دوشات"، يصعب ضبط ما يجري فيها على وجه التحديد، بسبب الوجود المكثف لآلاف الأشخاص الذين يترددون على المكان، وأغلبهم لا علاقة لهم بالتجارة. وفي بعض الأحيان، تحولت بعض المحلات التجارية (ماكازات) إلى فنادق صغيرة لغرباء و"هاربين" و"هاربات"، حيث يكترى المكان الواحد للنوم بين 20 درهما و30 لليلة. وطلبت الشكاية من نائب الوكيل العام للملك التحرك لفتح تحقيق وإصدار الأمر إلى السلطات الأمنية المختصة للاستماع إلى جميع الأطراف التي لها علاقة بهدر المال العام، وآخرين لهم علاقة بخرق القانون وإلحاق الضرر بمواطنين، عن طريق فرض خدمات غير موجودة (الموازين مثلا). يوسف الساكت