<< يدور نقاش واسع حاليا حول الاعتقال الاحتياطي، في نظركم هل هناك من تغيير على أرض الواقع؟ > قد يكون الاعتقال الاحتياطي ربما من بين المواضيع، التي استأثرت بقسط وافر غير يسير من منشورات مديرية الشؤون الجنائية والعفو، ومن وزير العدل لما كان رئيسا للنيابة العامة، ومن رئاسة النيابة العامة حينما استقلت هذه الأخيرة، بالإضافة إلى الندوات التي تجرى حاليا في الموضوع، فضلا عن أكتوبر 2003 الذي عرف دخول قانون المسطرة الجنائية الحالي حيز النفاذ، ونسخ قانون المسطرة الجنائية لسنة 1959، حيث قيل عن القانون الجديد إنه أتى للتلطيف من الغلو المشوبة به عمليات المتابعة في حالة اعتقال، إلا أنه للأسف بقي الحال على ما هو عليه. فلا المناشير ولا الدوريات بل ولا القانون نفسه استطاع كبح جماح الاعتقال الاحتياطي، لنخلص إلى مقولة أرددها دوما في هذا السياق، أن الأزمة ليست أزمة نصوص، بل هي أزمة شخوص. << أين مكمن الخلل وموطن الزلل إذن؟ > أسلفنا أن المؤسسات المشرفة على النيابة العامة تغيرت ومررنا على التغيير الدستوري ومررنا بنصوص المسطرة الجنائية، فكل تلك الأمور تغيرت، إلا أن الاعتقال الاحتياطي لم يتغير، إذن فالأزمة أزمة شخوص وليست أزمة نصوص، فالشخوص القائمون على إنفاذ تلك النصوص هم من يمكن تحميلهم المسؤولية عن ارتفاع نسب الاعتقال الاحتياطي، وتحويله من استثناء قانوني إلى قاعدة في الممارسة، فالنص القانوني ميت والقاضي هو الذي يزرع فيه الروح من حيث الممارسة، بإمكانه أن يقوم المعوج منه ولا حرج عليه في ذلك، إذ يطبق مبدأ دستوريا مفاده التطبيق العادل للقانون، وإن كان هذا المبدأ موجها أساسا لقضاة الحكم، فإنه يتعين الاستئناس به من قبل قضاة النيابة العامة، فليس مهما تطبيق نص قانوني، فقط بل يجب أن يكون تطبيقا عادلا. << إذن من المسؤول عن عدم تطبيقه؟ > لما كانت النيابة العامة حاليا مستقلة، أي غير خاضعة للجهاز الحكومي أو السلطة التنفيذية، ولما كان العمل القضائي مطبوعا بمبدأ عدم المسؤولية، فإن المسؤولية في هذا السياق تلاشت ولا مسؤولية على القائمين عن هذا الشأن – كمبدأ عام – في حين أنه قبل استقلال النيابة العامة كان من الممكن مساءلة وزير العدل وتحمل المسؤولية السياسية والقانونية في ذلك، أما الآن فالأمر غير ممكن تبعا لاستقلالية السلط. هذا الوضع أكيد أن من شأنه أن يستلزم من المشرع التدخل والاعتماد بشكل أكبر على سلطة مقيدة للنيابة العامة، بدلا من سلطة ملائمة واسعة. أجرت الحوار: ك. م * محام بهيأة البيضاء