يبدو أن أولويات الرياضة تغيرت بعض الشيء في نظر كثيرين، وربما حتى في السياسات العامة للدولة، وصار الأهم هو كيف نحتفل، وكيف نسعد الجماهير، ونلفت أنظار العالم، وليس كيف نبني شبابنا وننميه، وبعد ذلك نحاول تحقيق تلك الغايات في المستقبل. فقد أولينا اهتماما كبيرا للجزء الاحتفالي من الرياضة، وترشحنا لتنظيم المونديال أمام أقوى دولة في العالم، وطلبنا احتضان مؤتمرات وتظاهرات، ونجحنا في ذلك إلى أبعد حد، وقدمنا صورة مشرفة إلى العالم، لكنا أغفلنا الورش الأهم. فنحن لم نستثمر في الرياضة القاعدية للتغلغل في عقول الشباب في الأحياء الشعبية والقرى والمداشر، من أجل تأطيرهم، ومد اليد إليهم، لتمكينهم من فرص تنمية قدراتهم وضمان مستقبلهم ومستقبل أسرهم، وانتشالهم من وحل الفراغ والهشاشة والانحراف. وضاعت الرياضة المدرسية، في غياب أي تصور لإنقاذها، كما تحولت ملاعب القرب، التي كلفت الملايير، إلى فضاءات ترفيهية يتبارى فيها المتقاعدون وجمعيات الموظفين، فزاغت عن الهدف الذي جاءت من أجله الفكرة، وهو تقريب الملاعب من الشباب المغربي. وبينما زاد الاهتمام بكرة القدم، خصوصا على مستوى النخبة في فئة الكبار بالأندية، والمنتخبات، والمواكبة الإعلامية لذلك، فإن الإهمال قتل باقي الرياضات الأخرى، مثل كرة فرق الأحياء وألعاب القوى والتايكووندو والكراطي والملاكمة وكرة السلة والكرة الطائرة والجمباز والدراجات، التي يفترض أن تستقطب الشباب وتؤطره، بل كان بعضها ينافس على الميداليات في المحافل الدولية. فأين الخلل؟ أسوأ شيء في الرياضة ببلد ما هو أن يفقد الشباب الحافز لممارستها، أو يصل إلى مرحلة يصبح فيها الهاجس هو رياضة النخبة والفوز والربح بأي طريقة، والخوف أن نكون قد وصلنا إلى هذه المرحلة، وهذا هو الخلل والورش الأهم في المستقبل، وفي العام الجديد. كل عام والرياضة الوطنية بألف خير. عبد الإله المتقي