“النوار”… قبل “الفتيح”

أطباء يفرضون مبالغ من "تحت الدف" تصل مليون سنتيم لا ذكر لها في فاتورة المستشفى ولا يتم التعويض عنها يرفع المغرب، تحديا كبيرا، اسمه مشروع تعميم الحماية الاجتماعية. وهو المشروع الذي يشرف عليه الملك محمد السادس شخصيا، ويسعى من خلاله، إلى ضمان استفادة جميع المغاربة، خاصة الفئات الهشة والفقيرة، من التغطية والتأمين الصحي على المرض. هذا المشروع الطموح، لا يمكنه أن ينجح في ظل بعض الممارسات الخطيرة التي يعرفها القطاع الصحي، سواء العمومي والخاص، والتي يدفع ثمنها المواطنون الفقراء، والفئات المتوسطة في المجتمع، التي تستفيد من "الخدمات" الصحية داخل أرض الوطن، في حين تفضل الفئات الميسورة و"اللي مسك عليها الله"، التطبيب والبحث عن العلاج، خارج أرض الوطن. وإذا كانت هذه المبادرة الملكية المحمودة، تهدف إلى توفير الرعاية الصحية للمواطنين، سواء كانوا مؤمنين صحيا أم غير مستفيدين من تأمين صحي على المرض، فيجب، من أجل إنجاحها، القضاء على جميع الممارسات والسلوكات غير الإنسانية التي قد تتسبب في فشلها، وإلا فإننا "بحال يلا غا نكبو الما فالرملة". لا يمكن الحديث عن حماية اجتماعية وصحية للمواطنين، في الوقت الذي يضطرون فيه إلى دفع تكاليف مرتفعة من أجل الاستشفاء أو العلاج، وفوقها "النوار"، الذي أصبح العديد من الأطباء يفرضونه على المرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية، ويدخلونه مباشرة إلى جيوبهم، ولا يظهر له أي أثر في فاتورة المستشفى، وبالتالي لا يتم تعويض المريض عنه، لأنه إجراء غير قانوني، لكنه رغم ذلك، سلوك يجري به العمل، ويفرضه العديد من الأطباء على مرضى لا حول لهم ولا قوة، أمام المرض من جهة، وأمام كلفة العلاج المرتفعة التي يضطرون إلى الاستدانة، من أجل دفعها، من جهة أخرى، وأمام جشع بعض الأطباء الذين يسرقون أموالهم "عاين باين"، في غياب أي رادع قانوني أو أخلاقي. كيف يمكن الحديث عن حماية اجتماعية تشمل جميع المواطنين، ونحن لدينا مثل هؤلاء الأطباء الذين يتعاملون مع المريض وكأنه بقرة حلوب، دون أدنى مراعاة لظروفه الصحية والاجتماعية والمادية؟، كيف يمكن أن تكون لدينا منظومة صحية محترمة في المستقبل، ومهنة الطب النبيلة والسامية، تحولت لدى الأغلبية إلى مشروع للاغتناء وبناء الفيلات وشراء "الرونجات"، على حساب جميع القيم الإنسانية، التي يجب أن يتحلى بها كل طبيب أدى قسم أبقراط. إن الفئات المسحوقة من المغاربة، تضطر أمام ضعف هزالة المنظومة الصحية في القطاع العمومي، إلى أن "تتسلف وتتكلف" من أجل الحصول على العلاج في المصحات الخاصة، التي تفرض عليهم أسعارا مبالغا فيها، ولا تسمح لهم بولوج أقسامها أو رؤية أطبائها، بدون "شيكات ضمان"، وتضطرهم إلى دفع مبلغ "من تحت الدف"، إلى الطبيب، في حال الخضوع لعملية جراحية، لا يتم الإعلان عنه في الفاتورة، رغم أنه قد يصل إلى مليون سنتيم، يضعها الطبيب في جيبه ويغادر فرحا مطمئنا، تاركا المريض وأهله يضربون أخماسا في أسداس، أمام إدارة المستشفى، ويتساءلون عن أي تغطية اجتماعية يتحدثون؟ نورا الفواري

“النوار”… قبل “الفتيح”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحت الدف

أقديم :إســـاءة

مقالات ذات صلة