فجرت وثائق منسوبة للمخابرات التشيكوسلوفاكية، قنبلة من العيار الثقيل، حينما كشفت أن المعارض اليساري المهدي بن بركة، الذي قتل في 1965 بباريس، كان عميلا لها، وذلك بعد رفع السرية عن وثائق مخابرات العاصمة « براغ». ونشرت الصحيفة البريطانية» الغارديان» مقالا في موضوع وثائق أجهزة استخبارات « تشيكوسلوفاكية» والذي أكد ما راج في 2007، حول ازدواجية عمل الزعيم اليساري المغربي بن بركة الذي كان متنقلا بين العديد من عواصم الدول الأجنبية. وأكدت الصحيفة البريطانية، أن بن بركة الذي اختطف في قلب باريس واغتيل في 1965، اشتغل جاسوسا، وأن الملفات المصنفة تحت خانة « سري جدا» من براغ، أكدت أنه لم يكن على علاقة وثيقة مع جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي فقط، ولكنه تلقى منه دفوعات مالية كبيرة. وكشفت الوثائق عن صورة مختلفة تماما عن رجل كان يلعب على أكثر من حبل، ويعرف معلومات ذات قيمة كبيرة في الحرب الباردة، كما قال الدكتور «جان كورا»، الأستاذ المساعد في جامعة تشارلز في براغ، الذي تمكن من الوصول إلى الوثائق المتعلقة به، وأضاف أنه « كان انتهازيا يلعب لعبة خطيرة للغاية». ولم يتمكن «كورا» فقط من الوصول إلى ملف بن بركة بأكمله في أرشيف جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي السابق، ولكن تمكن أيضا من مقارنة صفحاته البالغ عددها 1500 صفحة مع آلاف الوثائق السرية الأخرى المنشورة حديثا. وقال «ليس هناك شك في وجود علاقة مع جهاز الاستخبارات، وكل الوثائق تؤكد ذلك». وبدأت علاقة بن بركة مع جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي في 1960، عندما التقى بأهم جاسوس لهذا الجهاز في باريس. وكتبت الصحيفة «كان جواسيس براغ يأملون أن يقدم لهم هذا القائد البارز للنضال من أجل استقلال المغرب، ومؤسس أول حزب اشتراكي معارض، معلومات قيمة، ليس فقط عن التطور السياسي للمملكة، ولكن أيضا عن تفكير القادة العرب مثل الرئيس المصري جمال عبد الناصر». وأضاف المصدر نفسه، أنه بعد وقت قصير من لقائهما الأول، أفاد جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي أن بن بركة كان مصدرا «قيما للغاية» للمعلومات وأطلق عليه اسم «الشيخ»، حسب ما كشفه الأرشيف السري، إذ في شتنبر 1961، تلقى بن بركة 1000 فرنك فرنسي من جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي مقابل تقارير قدمها عن المغرب، كما عرض على بن بركة القيام برحلة مدفوعة التكاليف بالكامل إلى غرب إفريقيا لجمع معلومات استخبارية عن الأنشطة الأمريكية في غينيا الاستوائية.. وأوضحت الوثائق نفسها أن بن بركة وافق على عرض قدم له لأجل المساعدة في التأثير على سياسة وزعماء في إفريقيا مقابل 1500 جنيه إسترليني في العام، كما أرسلته المخابرات إلى العراق للحصول على معلومات حول انقلاب فبراير 1963، وتقاضى من أجل ذلك 250 جنيها إسترليني، وفي الجزائر، التقى بالرئيس أحمد بن بلة وقدم تقريرا عن ذلك. وفي القاهرة، تضيف الوثائق ذاتها، «طلب منه جمع معلومات عن كبار المسؤولين المصريين الذين يمكن أن يساعدوا السوفيات في المفاوضات خلال زيارة نيكيتا خروتشوف، الوزير الأول للاتحاد السوفياتي. ووصلت تقارير بن بركة إلى « ك ج بي» أجهزة المخابرات السوفياتية، التي اعتبرت أن المواد المقدمة لها ذات قيمة كبيرة. بن بركة كان أيضا شخصية رئيسية في «الحركة المناهضة للإمبريالية بالدول الإفريقية والآسيوية»، والتي تضمنت اتصالات «مالكولم إكس» و»تشي جيفارا» والشاب «نيلسون مانديلا». وكشفت الأرشيفات بعد وقت قصير من اجتماعاتهم الأولى، أن مكتب «إس تي بي» أبلغ عن أن بن بركة كان مصدرا لمعلومات «قيّمة للغاية» ومنحته الاسم الرمزي « شيخ». ورفض البشير بن بركة، نجل الراحل ، ما نشر من اتهامات ضد والده، وقال لصحيفة « الأوبسرفر» الفرنسية، إن الوثائق التي درست من قبل كورا «تم إنتاجها من قبل جهاز مخابرات، ما يجعلها غير مكتملة». أحمد الأرقام