fbpx
أسواق

الإعفاءات الضريبية… ريع بـ3000 مليار

غياب مقتضيات قانونية تلزم الحكومة بالكشف عن مبررات لجوئها للنفقات الجبائية

أصبحت الإعفاءات الضريبية تشكل عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة، إذ تجاوزت تكلفتها، خلال السنوات الأخيرة، 30 مليار درهم (3000 مليار سنتيم) في المتوسط السنوي، علما أن أغلب الإجراءات الجبائية الاستثنائية المقررة غير محددة في الزمن، إذ أن أغلب النفقات الجبائية يتم إحداثها دون تحديد مدة صلاحيتها، ما يجعلها نفقات دائمة. وهناك بعض الإجراءات الاستثنائية التي أصبحت دائمة دون تقييم انعكاسها. وتعاني جل الإجراءات غياب إطار لوضع قواعد من أجل تحديد الأهداف السنوية وتقدير كلفة الإجراءات الجديدة ووضع منهجية لتقييم أثرها، ما يطرح مشكل عدم الشفافية وضعف المراقبة.
ويعاني إصدار إجراءات الإعفاء الجبائي غياب ضمانات كافية عند إقرارها وترخيصها، مقارنة مع تلك المتوفرة في المساطر المتبعة في نفقات الميزانية العامة، فبشأن مسطرة إحداثها، لا توجد مقتضيات قانونية تلزم الحكومة بالكشف عن مبررات لجوئها للنفقات الجبائية عوض نفقات عادية. وخلال مناقشة مشروع قانون المالية تطرح الإجراءات الضريبية الاستثنائية الجديدة المقترحة على البرلمان للمصادقة عليها، دون دعمها بتحليلات مقنعة وتوقعات موثوقة وتقديرات مرقمة.
عبد الواحد كنفاوي

مغتنون من إجراءات تمييزية
شركات وملزمون يستفيدون من إعفاءات ضريبية على حساب فئات أخرى

تحولت الإعفاءات والإجراءات الاستثنائية الضريبية من سياسة اقتصادية الهدف منها تأطير الاستثمار الخاص وتوجيهه نحو القطاعات الإستراتيجية التي تحظى بالأولوية، إلى مصدر ريع دائم لفائدة المستفيدين منها. وتصدر وزارة الاقتصاد والمالية، منذ سنوات، تقريرا حول النفقات الجبائية، التي تمثل عائدات ضريبية كان بإمكان الدولة تحصيلها، لكنها تتخلى عنها بهدف تخفيض الضغط الضريبي عن بعض الفئات، أو تحفيز قطاعات اقتصادية بعينها. لذا يطلق عليها اسم النفقات الجبائية، لأنه عندما تتخلى الدولة عن تحصيل واجبات جبائية من بعض الملزمين، لأسباب ومبررات مختلفة، فإنها تكون كما لو أنفقت هذه الموارد على الفئات المستفيدة من الإجراءات الاستثنائية. وتحولت هذه التدابير إلى كلفة باهظة بالنسبة إلى ميزانية الدولة، إذ لو تم تحصيل هذه المبالغ أو جزء منها لأمكن تمويل برامج ومشاريع ذات أولوية.
وتضمن التقرير الأخير حول النفقات العمومية المصاحب لمشروع قانون المالية 2022، تقييم 306 إجراءات، منها 194 إعفاء كليا، و55 تخفيضا و 18 إعفاءات جزئية أو كلية، بقيمة إجمالية تناهز 30 مليار درهم (3000 مليار سنتيم)، علما أن التقرير السابق شمل تقييم 302 إجراء استثنائي بقيمة في حدود 28 مليار درهم. لكن التقرير لا يعطي إحصاء دقيقا لمختلف هذه الإجراءات الاستثنائية، التي تتضمنها قوانين المالية المتعاقبة. فمن هم المستفيدون من هذه الإجراءات؟

الفلاحون والمنعشون العقاريون… 900 مليار

يحتل المنعشون العقاريون الصدارة ضمن لائحة المستفيدين من الإعفاءات الجبائية بمبلغ يصل إلى 6 ملايير و 546 مليون درهم، ما يمثل 22.2 % من إجمالي النفقات الجبائية، ويتضمن المبلغ الإعفاءات الممنوحة لإنتاج السكن الاجتماعي، إضافة إلى إجراءات أخرى لفائدة مقاولة الإنعاش العقاري، التي تخلت الدولة عن تحصيل 760 مليون درهم (76 مليار سنتيم) من الواجبات الضريبية التي كان عليها أن تؤديها لولا هذه الإجراءات الاستثنائية.
واستفاد الفاعلون في قطاع الفلاحة والصيد البحري من إعفاءات بقيمة مليارين و 302 مليون درهم (230 مليار سنتيم)، تتعلق بـ 25 إجراء، منها حوالي ملياري درهم (200 مليار سنتيم)، استفاد منها الفلاحون، في حين استفاد الصيادون من إعفاءات بقيمة 82 مليون درهم (أزيد من 8 ملايير سنتيم).

الضريبة على القيمة المضافة الأكثر كلفة

يشير تقرير النفقات الجبائية إلى أن الإعفاءات والتسهيلات، التي تهم الضريبة على القيمة المضافة تعد الأهم من ناحية كلفتها على ميزانية الدولة، إذ وصلت الكلفة الإجمالية لـ 82 تدبيرا، تم تقييمه إلى 13 مليارا و 590 مليون درهم ( 1359 مليار سنتيم)، ما يمثل 46 في المائة من إجمالي النفقات الجبائية، وتستفيد النشاطات العقارية من الجزء الأكبر من هذه النفقات. وتكلف الإعفاءات والتدابير الاستثنائية المتعلقة بالضريبة على الشركات 4 ملايير و 86 مليون درهم (408 ملايير سنتيم).
وتعود الحصة الكبرى من الإعفاءات والتدابير الاستثنائية المتعلقة بالضريبة على الدخل إلى الأسر، التي تستفيد من مليارين و 900 مليون درهم من أصل 4 ملايير و 361 مليون درهم (436 مليار سنتيم)، التي تمثل الكلفة الإجمالية. ووصلت كلفة التدابير الاستثنائية المتعلقة بواجبات التسجيل والتنبر إلى مليارين و 592 مليون درهم (259 مليار سنتيم)، وتهم، بدورها، بوجه خاص النشاطات العقارية. وكلفت الإعفاءات والتخفيضات المتعلقة بالرسم على عقود التأمين 3 ملايير و 498 مليون درهم (ما يناهز 350 مليار سنتيم)، في حين توزعت المبالغ المتبقية على مختلف الضرائب والرسوم الأخرى.
ويظل السؤال المطروح، في هذا الباب، ما جدوى هذه الإجراءات ومدى تحقيقها للأهداف التي من أجلها تم إقرارها؟ هذا ما لا تجيب عنه تقارير وزارة الاقتصاد والمالية، إذ لم يتم إلى حد الآن تقييم شامل ودقيق لهذه الإجراءات، علما أنه لا يوجد أي إطار تعاقدي يحدد التزامات المستفيدين من هذه التدابير الاستثنائية، ما يجعلها تتحول إلى مصدر ريع لفئة من الملزمين على حساب فئات أخرى تتحمل الجزء الكبير من العبء الضريبي.

الكهرباء والغاز…444 مليارا

هم تقييم الإجراءات التي يستفيد منها قطاع إنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز 4 إجراءات، تكلف الخزينة ما لا يقل عن 4 ملايير و 440 مليون درهم (444 مليار سنتيم). وتبرر الحكومة هذه الإعفاءات بتشجيع الاستثمار في هذا القطاع وضمان الأمن الطاقي للمغرب. وأكدت عدد من التقارير أن المغرب ما يزال لا يتوفر على بنية تخزين تؤمن الاحتياطات الإستراتيجية المعمول بها على الصعيد الدولي، رغم عدد من الإجراءات التحفيزية الممنوحة للفاعلين في هذه القطاعات، ما يطرح التساؤل حول جدوى هذه التدابير الاستثنائية.

القطاع المالي…١٨٧ مليارا

وصلت كلفة 32 إجراء لفائدة القطاع المالي، التي تم تقييمها خلال السنة الجارية، إلى مليار و 870 مليون درهم (187 مليار سنتيم)، ما يمثل 6.4 في المائة من إجمالي النفقات الجبائية. تضاف هذه المبالغ إلى الأرباح التي يحققها الفاعلون في القطاع، إذ أن القطاع البنكي حقق في عز أزمة «كوفيد 19» أرباحا ناهزت 10 ملايير درهم (1000 مليار سنتيم).


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى