حق التعويض فقط في حال تعرضت وسائلها المادية وعقاراتها لفعل جرمي (2/2) بقلم: أشرف منصور جدوي* إن الانتصاب طرفا مدنيا من أجل المطالبة بالتعويض في مواجهة مرتكب الفعل الضار لا يمكن ممارسته من قبل المديرية العامة للأمن الوطني أو الموظف، فهذا حق للدولة وحدها، فالدولة هي الضامنة للتعويض بنص القانون ولا تعويض إلا بدعوى ولا دعوى من غير ذي صفة، وبالتالي فالانتصاب طرفا مدنيا من قبل المديرية العامة للأمن الوطني أو موظفيها يبقى معيبا من الناحية القانونية الشكلية، ونريد هنا إثارة الانتباه لبعض العمل القضائي الذي يقضي بالتعويض، بالرغم من انعدام الصفة القانونية في ذلك كما سبق التوضيح. ثالثا: الغاية من ضمان الدولة للحماية والتعويض. إن لكل نص فلسفة أو غاية، ولما كانت المديرية العامة للأمن الوطني عن طريق موظفيها، إحدى ركائز الدولة المهمة في استتباب الأمن وحماية الأرواح والممتلكات، ولما كانت المهام الجسام والمسؤوليات العظام التي يضطلع بها هذا الصنف من الموظفين الذين يعملون آناء الليل وأطراف النهار، ولما كان مرتكب الفعل الضار قد يكون معسرا وهو ما يدخل الموظف الضحية في دوامة من الاجراءات بعد عدم تنفيذ الحكم القاضي بالتعويض نظرا للإعسار، ولما كانت الدولة مفترض فيها دائما الملاءة فإن فلسفة وغاية المشرع هي النأي بعيدا بهذا الموظف بعيدا عن هاته المتاهات، وجعل أي مطالبة بالتعويض تكون في مواجهة الدولة، حيث التعويض مضمون من قبلها. فإذا كان هذا الموظف يعتبر من ركائز الدولة في حفظ النظام والأمن العامين، وحفظ سلامة الأرواح والممتلكات فالدولة منوط بها حمايته ثم منوط بها تعويضه، لكن ليس وفقا للقواعد العادية بل بقواعد تضمن نفاذ هذا التعويض، والذي قد يبقى مجرد رقم مسطور في حكم إذا صدر في مواجهة شخص معسر. ومن جهة أخرى، فإن المكانة التي أعطاها المشرع للدولة في ممارسة الحلول محل الضحية في الدعاوى والحقوق ضد مرتكب الضرر، فلهي تشريف لهذا الموظف وللمديرية العامة للأمن الوطني، فكأنما الاعتداء على ذلك الموظف إنما هو ليس اعتداء عليه أو على المديرية العامة للأمن الوطني، بل هو اعتداء على الدولة المغربية، ولذلك أمكن للدولة الحق والصفة في التقاضي بدلا عن ذاك الموظف. رابعا: حالة وحيدة يحق فيها للمديرية العامة للأمن الوطني الانتصاب طرفا مدنيا. إذا كان موظفو المديرية العامة للأمن الوطني مشمولين بحماية الدولة، والدولة تضمن لهم التعويض عما يمكن أن يلحقهم من أضرار، وإذا كان ليس للمديرية العامة للأمن الوطني في الانتصاب طرفا مدنيا كما سلف الذكر، فإن حالة وحيدة تبقى غير مشمولة بالمادة 7 من الظهير الشريف المذكور، فالمادة المذكورة حصرت الحالة التي تضمن فيها الدولة التعويض وهذه الحالة تقوم تبعا للأضرار الجسدية التي حاقت بموظف الأمن أثناء ممارسته لمهامه أو بمناسبتها، فكلما كان الضرر جسديا إلا والدولة ضامنة للتعويض، إلا أن هناك حالة غير منصوص عليها في تلك المادة 7 وهي حالة الأضرار التي تلحق بوسائل مادية في ملكية المديرية العامة للأمن الوطني، كسيارات النجدة والدراجات والعقارات مثلا التي تتخذ ثكنات... وعليه وبناء على المادة 7 المذكورة، فإن أي ضرر يلحق هذه الوسائل أو هاته المنشآت نتيجة لفعل جرمي، فإن المديرية العامة للأمن الوطني تبقى لها الصفة القانونية في الانتصاب طرفا مدنيا والمطالبة بالتعويض لجبر الضرر وفقا للقواعد العامة لقانون المسطرة الجنائية، ما دامت المادة 7 لم تتحدث عن هذا الصنف من الأضرار، وأعتقد أن هذا من باب مبدأ "حماية الدولة لموظفيها"، الذي وقع التنصيص عليه في مستهل المادة 7 المذكورة، فالدولة تنتصب وتحمي وتعوض موظفيها متى طالهم فعل جرمي بقواعد خاصة واستثنائية، تشكل خروجا عن المألوف في القواعد العامة للانتصاب طرفا مدنيا، بيد أنه في حالة الأضرار اللاحقة بوسائل مادية فتبقى القواعد العامة هي الواجبة التطبيق، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على اهتمام الدولة بهذه الفئة من الموظفين، إذ لم تسوِ بين الضرر الذي يلحق بهم والضرر الذي يلحق بالوسائل المادية، وهو ما يؤكد أن أي اعتداء على موظفي الأمن لهو بمثابة اعتداء على الدولة. وعليه، وإذا ثبت ما سبق، فإن ذلك التوجه القضائي الذي يقضي للمديرية العامة للأمن الوطني وموظفيها بالتعويض في حالة الأضرار الجسدية اللاحقة بهما، فإنه يبقى توجها قضائيا مخالفا للقانون من زاوية قانونية صرف. * محام بهيأة المحامين بالبيضاء