الوعـود الحكوميـة تلـزم مـن يصدقهـا

الخبير أعيس قال إن الأسعار ستستمر في الارتفاع والحل الوحيد هو القطع مع الريع وتحرير الاقتصاد قال الطيب أعيس، الخبير الاقتصادي والمالي، إن الوعود التي جاءت في البرنامج الحكومي لا تلزم من وعد بها أكثر ما تلزم مصدقها، مبرزا أنه من الصعب إيجاد 1.5 مليون منصب شغل، بمعدل نمو في حدود 4 بالمائة، مبرزا أن الحل الوحيد للوفاء بالوعود الحكومية، هو القطع مع سياسة الريع، وتحرير الاقتصاد، وتشجيع قيمة العمل. وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: عصام الناصيري > الكثير من الدول تسير نحو اعتماد سياسات تقشفية لمواجهة تداعيات الجائحة هل يسير المغرب في الاتجاه نفسه؟ > سياسة التقشف بدأها المغرب في 2020، في عز الوباء، أما الآن فهناك بحث عن مخرج من الأزمة، والذي يحتاج دفعة قوية من الدولة للاقتصاد. أما الاستمرار في التقشف فسيقتل النسيج الاقتصادي الوطني، وستكون تكلفته غالية على الدولة. المطلوب من الحكومة اليوم، نهج سياسة تحفيز للاقتصاد الوطني العام والخاص، والرفع من الاستثمار العمومي والتمويل، لأن تحرك الاقتصاد العام ينعكس إيجابا على الخاص، وهو ما سيمكن من إيجاد فرص الشغل والثروة. بعد الجائحة قطاعات كثيرة متوقفة، من قبيل السياحة والتظاهرات والمقاهي والمطاعم، وبالتالي يجب أن تعطي الحكومة دفعة قوية، لاستدراك ما خسرنا في فترة الإغلاق. > هل مكنت إجراءات الإقلاع المتخذة من قبل الحكومة السابقة من إنعاش النسيج الاقتصادي؟ > اتخاذ عدد من القرارات الاستباقية، كان ضروريا في ظل الأزمة، من قبيل تعويض المتضررين، وتسريع التلقيح وإنشاء المستشفيات، وهو ما مكن من إنقاذ المغرب، لأن المملكة خرجت منتصرة من الأزمة، إذ أصبحنا اليوم نفكر في الخروج منها، في وقت ما تزال فيه دول كثيرة تعاني، مثل أوربا الشرقية وبعض الدول العربية والإفريقية، وهذا الأمر جعلنا في وضع مريح. > هناك حالة من الترقب تحكم المستثمرين والدولة أيضا لا تساعد على الإقلاع متى ينتهي هذا الوضع في نظرك؟ > سبب هذا الأمر، هو أن هذا الفيروس حسب ما يظهر من مؤشرات، مستمر معنا، لأننا مررنا من الموجة الثالثة، ونتمنى أن تكون الأخيرة، لكن هناك من يتحدث عن موجة رابعة، نتمنى ألا تصلنا، وهذه الإجراءات الاحترازية، التي تنتج حالة الترقب، يجب أن نحافظ عليها، وأن نفكر في كيفيات التعايش مع الفيروس. والمغرب يشتغل على اللقاح، ويجب العمل على إنتاج الأدوية أيضا، وتطوير هذا القطاع والاهتمام أكثر بالبحث العلمي، ويجب أن نهضم فكرة أن الفيروس يعيش بيننا، ونشتغل ونفكر وفق هذا المنطق. > تناسلت في الأيام الأخيرة توقعات معدل النمو بالمغرب في 2021 أهمها توقع صندوق النقد الدولي أن تصل نسبة النمو إلى 5.7 بالمائة، ما تعليقك على هذا الرقم؟ > طبعا هذه النسبة مهمة جدا، وهناك من يتوقع نسبا أكثر، تصل إلى 6 أو 7 بالمائة، وهذا يعني أن الحكومة السابقة دبرت الجائحة بشكل جيد، وكانت الإجراءات الاستباقية في محلها، وهو ما نجني ثماره اليوم، خاصة أن بعض دول الجوار لم تتجاوز 2 بالمائة، لهذا أشرت في البداية إلى أن المغرب يفكر جديا في الخروج من الأزمة، وهو ما يعطيه الأفضلية. وإذا كانت هذه النسبة مشجعة، فهذا يفرض على الحكومة الحالية، أن تحافظ على هذا المستوى السنة المقبلة، أو أن ترفع هذه النسبة، خاصة أنها التزمت في البرنامج الحكومي بتوفير مليون منصب شغل. > يقودنا هذا الجواب إلى التساؤل حول إلى أي مدى يمكن للحكومة الالتزام بوعودها في الشق الاقتصادي؟ > الوعود تلزم من يصدقها وليس الذي وعد بها، لأن الأمر لا يتعلق فقط بمليون منصب شغل، بل هناك وعود أخرى تهم 250 ألف منصب شغل في الأوراش العمومية الكبرى والصغرى، و100 ألف منصب شغل في الصيد البحري، و100 ألف منصب في القطاع الصناعي في إطار «صنع في المغرب»، وهو ما يجعل هذا الوعد يرتفع إلى مليون ونصف مليون منصب شغل. > هل هناك إمكانية تطبيق هذا الوعد؟ > يمكن أن نوفر هذه المناصب، لكن التناقض الذي يواجهنا، هو وعد الحكومة تحقيق نمو اقتصادي في السنوات الخمس المقبلة يصل إلى 4 بالمائة، وهذه النسبة لا يمكن أن توفر كل هذه المناصب، لأن الوصول إلى هذا الهدف، يتطلب معدل نمو ما بين 5 بالمائة إلى 7، وهذا الأمر ممكن، مقابل تحرير الاقتصاد الوطني، وبناء نموذج اقتصادي مبني على قيمة العمل وليس الريع، لأن الاقتصاد المغربي قائم عليه، والاستمرار في هذا الواقع لا يمكن أن يحقق هذه الوعود. وأما إذ قررت الحكومة القطع مع سياسة الريع وتشجيع العمل، فيمكن أن نتجاوز الوعود المقدمة، ونحقق معدلات نمو يمكن أن تصل إلى 8 بالمائة، وسيشتغل كل المغاربة، بل سنلجأ إلى جلب يد عاملة من الخارج، وهذا الأمر يتطلب تحرير الاقتصاد، والقطع مع البيروقراطية، إذ أن هناك من ينتظر رخص الاستثمار أكثر من 4 سنوات، وبالتالي يجب الاهتمام بقيمة العمل، وفتح الباب أمام الشباب. والمشكل في هذا البرنامج الحكومي، أنه جاء بالأمنيات، ولم يقدم شروط إنجاحها، والعامل المهم الغائب في البرنامج الحكومي، هو مسألة التمويل، ونعرف أن الدولة قامت بمجهود كبير العام الماضي، وأنفقت الكثير من المال، ولم يعد لها ما تقدمه اليوم، لهذا نتساءل عن مصادر التمويل. > ما مصير الطبقة الوسطى في السنوات المقبلة خاصة أن الأسعار تواصل الارتفاع؟ > لا يمكننا التكهن، لكن التوقعات العلمية، تؤكد أن الأسعار ستستمر في الارتفاع، والطبقة الوسطى والفقيرة ستتضرران أكثر فأكثر. ولتجنب هذا الأمر يجب أن تتمكن الحكومة من تحقيق نسب نمو كبيرة، وأن يعاد النظر في توزيع الثروة، وإصلاحات النظام الجبائي، وفرض ضريبة على الثروة، وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية، الكفيلة بإنقاذ الطبقة الوسطى، وبدون هذه الإجراءات فإن وضع هذه الفئة لن يتحسن. وأما الطبقة الفقيرة، والتي استفادت من اهتمام الحكومة السابقة، من خلال دعم الأيتام والأرامل والعاطلين والطلبة، فيطرح حولها السؤال، فهل الحكومة ستستمر في هذا النهج أم لا؟ لأنها إذ عجزت عن تمويل المشاريع، ستضطر إلى التراجع عن هذه الأمور، خاصة أن الحكومات تمارس السياسة، وتدعم الفئات التي تدافع عن نفسها، ونعلم أن الفقراء ليس لهم من يمثلهم، وهنا يكمن الإشكال، إذ يمكن أن يسوء وضع الفقراء.

الوعـود الحكوميـة تلـزم مـن يصدقهـا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحكومة في مواجهة تداعيات الفيروس

المديونية تهدد تنزيل النموذج التنموي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات