بيت العنكبوت

قرارات قصر المرادية يصعب فهمها خارج سياق دق طبول الحرب عبد الرزاق الحجوي قرارات قصر المرادية الجديدة، وتصريح لعمامرة أخيرا لقناة "سي إن إن"، يصعب فهمها خارج سياق دق طبول الحرب. فالأنظمة العسكرية تتوحد في بناء سرديتها على صناعة وفبركة العداوات والمخاطر، مع تغذية موضوعها من طرف واحد بأي ثمن وعلى حساب أي مصلحة، مهما بلغت قيمتها. لأن عدم فبركة مثل هذا الظرف سيفرض موضوع فشلها في التنمية، الموضوع الوحيد في الساحة الداخلية، فهي تستطيع تحمل كلفة ومخاطر صراع مصطنع ولا يمكنها تحمل مواجهة محاسبة حقيقية أمام الشعب. لقد مددت العشرية السوداء ضد كل منطق سليم للجنرالات، عقودا إضافية في الحكم بعدما جبت كل محاسبة عما قبلها، وفي ظل استفحال الأزمة الاقتصادية، أنسيت جميع الأسئلة الحارقة لمعاناة الشعب وسط دخان هذه المناوشات المفتعلة من جهة واحدة ضد المغرب، فهذا الصراع، نظرا لصعوبة إقناع الشعب الجزائري بصحة جدواه، يتم تغليفه بغلاف لامع عن طريق دمجه في سياق النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، رغم أن دعم المغرب المادي والسياسي للقضية الفلسطينية لا يقارن بتاتا مع دعم الجزائر الشفوي لها. إن فشل كل الأنظمة العسكرية اقتصاديا يدفعها للهروب دوما إلى الأمام، لأنها عاجزة عن التخلي عن صرف أكبر نسبة من موارد الدولة على النظام وعلى الجيش لا على الشعب، حتى في أحلك الظروف الاقتصادية، فبالتالي لا حيلة بيدها غير صناعة الأعداء وتأجيج الصراعات ولو من طرف واحد. فالأنظمة التي تسبح ضد التيار، ضد مصلحة الإقليم، وضد مصلحة الشعوب التي تحكمها، تقدم خدمات للنظام العالمي بدورها، ولا غنى عنها لجهة ما بين الكبار، لذلك تتطوع مراكز النفوذ العظمى لدعم بقاء هذه الأنظمة وإنعاشها كلما واجهت خطرا ما، خصوصا من الداخل، إذ تركز التقارير الحقوقية على دول بعينها وتغمض العين عن أسوأ الدول حكما وحكامة. لم تُسقط قاذفة القنابل الإستراتيجية 52B- حائط برلين، بل الذي مهد لتفتيته هو خطة تسريب مستمر لصور تقدم مظاهر العيش بالغرب، وتسريب لألبومات أكبر الفنانين بأمريكا، حيث ربط شباب ألمانيا الشرقية نفسيا بما يدور خارجها، ليتداعى هذا الحائط دون قنابل، بعد احتكاك تطبيقي بسيط بين سرديتي الشرق والغرب، حيث طبخت طبخة القوة الناعمة بشكل متقن وعلى نار هادئة. وقد أتت أكلها نظرا لضعف المركز بسبب استحالة ديمومة اعتماده على القبضة الحديدية وعلى القوة القاهرة فقط في ممارسة الحكم، قبضة تآكلت عضلاتها مع الزمن، خاصة مع شساعة المجال الجغرافي وتنوعه الإثني واستفحال الفوارق لينتج عن انهيار هذا الحائط التفسخ الكلي للحلف وأفوله. حتى مع الفوارق الكبيرة بين واقعة وأخرى، تبقى القوة الناعمة فنا من فنون القتال، بل علما من علومه، يجب ألا يحظى بأقل مما تحظى به باقي أدوات إدارة النزاعات، خاصة ضد السرديات الفاسدة، المبنية على الخدعة والتضليل.

بيت العنكبوت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بركة يواجه غضب الاستقلال

نقاش مادة التربية الإسلامية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات