الخريطة الانتخابية صنعت سلفا

بلكبير قال إن المال الانتخابي لم يكن حاسما لكنه استخدم أداة لإنجاح إستراتيجية كبرى قال الدكتور عبد الصمد بلكبير، إن الإدارة السياسية اشتغلت قبل سنتين على صناعة الخريطة السياسية الحالية، مبرزا أن المال الانتخابي لم يكن حاسما، بقدر ما استخدم أداة لإنجاح إستراتيجية كبرى. ونفى بلكبير أن يكون القصد هو إذلال العدالة والتنمية، التي فكرت بدورها بشكل عقلاني، وقبلت الانسحاب من القرى، لأن دخولها في 2016 إليها شكل خطرا. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: عصام الناصيري > ما رأيك في دفوعات المشككين في نزاهة الانتخابات وغموضها؟ > أعتقد أنه حتى أصحاب الشأن لم يتصرفوا بطريقة من شأنها إخفاء آثار أصابعهم في النتائج، إذ نلاحظ أن الداخلية تعمدت في الكثير من الحالات، أن تظهر أن هذه الانتخابات لا علاقة لها باستحقاقات 2016. وأرى أيضا أنه أحيانا لم يتمكن من وصفتهم بأصحاب الشأن، من التدقيق في التدبير، ومنه عدم إعطاء المحاضر للمراقبين في حينها، عكس ما كان يحدث سابقا رغم التزوير، الذي كان متقنا في الماضي، أما هذه المرة وضعوا لوائح بأسماء 2 مليون ناخب وهمي، وهذا الأمر مؤكد بالنسبة إلي، كما لم يستطيعوا في الزمن الانتخابي أن يطابقوا بين الأصوات في المكاتب، وبين الأسماء الموضوعة في اللوائح المصطنعة، لذلك اضطروا إلى الانتظار أحيانا يومين قبل مد المرشحين بالمحاضر. وأعتقد أنه هناك صناعة للخريطة السياسية، وليس الحزبية، لأن هناك حزب واحد فقط، والباقي مثل أسماء الله الحسنى، بل إن القائمين على تدبير الانتخابات، تعمدوا إظهار أن الخريطة معدة سلفا، وأقصد هنا سلوك توزيع المرشحين على الأحزاب، إذ كانت فيها درجة عالية من السريالية، إذ هناك من وجد نفسه في حزب سياسي لا تربطه به أي علاقة، لهذا أقول إن التدبير لم يتم بشكل سري وإنما ظاهريا. > إذا سلمنا بهذه الفرضية، فما الغرض من الاشتغال في العلن بدل السرية؟ > هذا أمر عاد في تاريخ الديمقراطيات الرأسمالية، إذ عندما يقع توافق على أعلى المستويات، لا يهتمون في التنزيل بإخفاء آثار أصابعهم، ففي فرنسا على سبيل المثال، لم تنظم الانتخابات وفق قواعد لعب مفتوحة إلى حدود 1957، تكون قابلة لصناعة المفاجأة، لكن في زمن انتخاب ماكرون، كان تدخل الدولة العميقة واضحا جدا، وهذا الأمر يتم اللجوء إليه، عندما يسود شعور بخطر خارجي محدق، وهو ما يقع في تونس اليوم أيضا، إذ اضطرت الدولة العميقة والجيش، الذي يتدخل لأول مرة في السياسة، دعم شرعية الرئيس ضد شرعية البرلمان. ويمكن القول إن الحالة المغربية لا تخرج عن هذا الإطار، إذ هناك وجهة نظر داخل الدولة، أن البلد مهدد بخطر خارجي، وهو عبارة عن أخطبوط يمتلك وسائل مالية وغيرها، يمكن أن يضر مصالح المملكة. > كيف تنظر إلى الرأي الذي يعتبر أن دور وزارة الداخلية في صناعة الخريطة الانتخابية ما يزال حاسما؟ > أعتقد أنه في 2016، احترمت قواعد اللعب بدرجة عالية، ما سمح للعدالة والتنمية بالصعود، رغم الإمكانيات التي أتيحت للأصالة والمعاصرة، فإن النتائج كانت ضده نسبيا، لأن الداخلية لم تتدخل، لكن هذه المرة استدرك الأمر، وتمت صناعة الخريطة السياسية. > هناك أيضا وجهة نظر تعتقد أن استعمال المال الانتخابي كان له دور أساسي في مخرجات الانتخابات الأخيرة، ما رأيك؟ > يجب أن نتفق على أمر أساسي، وهو أن التدخل لم يكن على مستوى الصناديق، بل خارجها وقبل يوم الاقتراع، إذ تم الدفع بأشخاص معتبرين، لديهم نفوذ قبلي أو مالي ومعنوي، وتم توزيعهم على الأحزاب، كل حسب حاجته وإمكانيته. من المؤكد أن المال لعب دورا، لكن ضمن إستراتيجية أكبر منه، إذ لا أتصور في العالم والتاريخ أن يكون المال حاسما، بل السياسة هي الحاسمة، وتقوم بتوجيه المال لخدمتها، لكن الوعي البسيط، يعتبر أن الأموال هي التي قررت النتيجة، والحقيقة غير ذلك. ومن الواضح أن حياد الإدارة باد أثناء الحملة، لكن الإدارة اشتغلت قبل سنتين على صناعة الخريطة، ولا أقصد هنا المخابرات، بل الإدارة السياسية، حتى لا تأتي نتائج الانتخابات مفاجئة. > هل هذا التدخل كان هدفه إذلال العدالة والتنمية وإعادته إلى حجمه الطبيعي بداية العهد الجديد؟ أعتقد أن هذا عنصر ثانوي، لأن العدالة التنمية "فضت بكارتها" في المرحلة الثانية، فبعد التخلي عن بنكيران فإنهم هزموا أنفسهم، إضافة إلى إدخال العثماني إلى المعترك، وهو غير مؤهل سياسيا، ومن تلك المرحلة حكم الحزب على نفسه بما سيقع له بعدها. ولا ننسى أنه خلال المفاوضات مع الدولة، كان الاتفاق عموما على أن لا يتصدروا الحملة الانتخابية. > هل تقصد أن العدالة والتنمية أيضا شارك في اللعبة وكان يعرف مصيره سلفا؟ > بالطبع، وإلا بماذا يمكن تفسير الخلاف بين الرميد والقيادة، إذ ذهب بعيدا، وطالب بالخروج من العملية السياسية كلها مؤقتا، وتم التوصل إلى حل لم يكن الرميد راضيا عنه، وهو الانسحاب من القرى، إذ في 2016 دخل الإسلام السياسي إلى القرى، وهذا أمر صعب وحساس، في الحسابات والتوازنات السياسية الوطنية والإقليمية والدولية، إذ تم الاتفاق على الانسحاب، والحزب تصرف بشكل عقلاني، لكن حقيقة كان يجب أن يحافظ له على قدر من الكرامة، لكن أن يصل إلى 13 مقعدا فهذا صعب، وكانت هناك محاولة لتدارك الأمر في انتخابات مجلس المستشارين، لكن الفضيحة كانت أكبر من الأولى. السيادة > أشادت هيآت دولية كثيرة بنزاهة الانتخابات المغربية. هل يعطي هذا الأمر مصداقية للنتائج؟ > أعتقد أن ما يهم هذه الهيآت والدول التابعة لها، هو هل بلد معين منسجم مع الإستراتيجية السياسية على الصعيد الدولي والإقليمي؟ وهنا يظهر ما يصطلح عليه السيادة المتبادلة، يعني لا يوجد نسبيا استقلال للدول، لأن الخارج يقوم بدوره، والاستقلال عن هذه التحالفات، يؤدي إلى دفع ضريبة غالية.

الخريطة الانتخابية صنعت سلفا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طرق حديثة للتزوير

المراقبون الدوليون..."شاهد ما شافش حاجة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات