“سبيطار الغابة” بالقنيطرة… مقبرة المرضى

اختلالات وتجاوزات وأجهزة معطلة ومصابون يفترشون الأرض ومطالبة بلجنة برلمانية للتقصي عيسى الكامحي وتصوير عبد المجيد بزيوات مازال مستشفى الإدريسي بالقنيطرة، المعروف لدى سكان عاصمة الغرب بـ"سبيطار الغابة"، يثير المزيد من ردود الأفعال المنددة بوضعيته، لما آل إليه من تجاوزات وخروقات، إذ نددت مختلف فعاليات المجتمع المدني بسوء الخدمات الصحية، واستفحال الأمر بعد الانتشار المتزايد لفيروس كورونا، بسبب النقص في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية، كما طالبت بفتح تحقيق إزاء وضعيته الكارثية، من أجل ترتيب الجزاءات واتخاذ التدابير اللازمة في حق المخالفين، إلا أن كل النداءات ذهبت سدى. "سبيطار الغابة" بالقنيطرة... مقبرة المرضى اختلالات وتجاوزات وأجهزة معطلة ومصابون يفترشون الأرض ومطالبة بلجنة برلمانية للتقصي ما إن تقترب من المركز الاستشفائي الإدريسي بالقنيطرة، حتى تقف على حجم العدد المتزايد للزوار الراغبين في تفقد أحوال ذويهم وأقاربهم المرضى، ممن يعانون في صمت دون مجيب، إذ يحتشد المئات أمام الباب الرئيسي للمستشفى، في انتظار فتحه في حدود الثالثة بعد الزوال. طوابير ومعاناة يبدو أن هذا الإجراء ضروري وجار به العمل، لدى معظم مستشفيات المملكة، حفاظا على تنظيم عملية الدخول والخروج والتخفيف من ضغط الزيارات المتتالية، خصوصا أن الوافدين يأتون من مختلف المدن والمناطق المجاورة للقنيطرة، لكن غير المقبول أن يتمكن أفراد "محظوظون" من زيارة أقاربهم متى شاؤوا، مقابل إتاوات تدفع لهذا الغرض. "نحن هنا منذ الصباح الباكر، ننتظر السماح لنا بولوج المستشفى، وإذا أردت عدم الانتظار فما عليك إلا إرشاء هذا أو ذاك. وبما أن اليد قصيرة، فلا نرضى إلا ما قدر الله لنا، وهو الانتظار لساعات إلى أن يأذن لنا بزيارة مرضانا"، يقول أحد المواطنين، الذي كان مستندا على حائط، قبل أن يقاطعه آخر "هنا كلشي بالفلوس وشوف تشوف". لم تتردد امرأة تجاوزت عقدها السادس في التعبير عن امتعاضها من سوء المعاملة قائلة، "لا أحد يسمعنا، الله يحسن عوان هادوك المراض المرميين في السبيطار"، ثم تضيف "خاصك تجبد الفلوس إلى بغيتي تقضي حاجتك". إهمال وفوضى ظن عديدون أن إعفاء مديرة مستشفى الإدريسي من مهامها قبل سنة، نتيجة وجود اختلالات وتجاوزات، سيحسن وضعية هذا المرفق العمومي، خصوصا بعد توصل وزارة الصحة بالعديد من الشكايات من قبل فعاليات جمعوية وسياسية، غير أن العكس هو الذي حصل، إذ أن وضعيته تفاقمت أكثر، جراء سوء التدبير وعدم الاهتمام بصحة المواطنين. مشاهد قاسية، وحالات مستعصية، ومعاملة سيئة، حصيلة معاينة عن قرب لمستعجلات مستشفى الإدريسي. البداية بسوء الاستقبال وإهمال المرضى، وتجمع طوابير حول جهاز الفحص بالأشعة. لا يهم إن كانت الحالة حرجة ومستعصية وتتطلب تدخلا عاجلا، أو حالات إغماءات نتيجة حوادث سير، فالأمر سيان. مرافق المريض مطالب بحمله بين يديه أو فوق ظهره، من أجل نقله إلى المستعجلات، قبل أن يلقيه على سرير صدئ، وأحيانا على الأرض، لغياب الناقلات، عدا اثنتين أو ثلاثة، وجميعها في حالات مهترئة وصدئة، شأنها شأن سيارات الإسعاف، التي تنقل المرضى في وضعية حاطة بالكرامة. "انظر إلى المرضى بهذه الغرفة الأشبه بالإسطبل، أهكذا يكون مستشفى إقليمي يحج إليه مواطنون من مختلف المناطق المجاورة للقنيطرة؟ قبل أن يجيب "إنه العبث بصحة المرضى"، يصرخ مريض غير راض على خدمات المستشفى . لم يقتصر الإهمال على إجبار المرضى على الانتظار طويلا، بغض النظر عن حالتهم الصحية الحرجة، بل تجاوز الأمر إلى ممارسات تحتقر إنسانيتهم. بنايات مهترئة كل زائر تطأ قدماه المركز الاستشفائي بالقنيطرة لأول مرة، سيستنتج أن الفضاء لا يليق بمرفق عمومي يحج إليه المرضى من كل حدب وصوب لأجل العلاج، بسبب الفوضى العارمة وكثرة الأوساخ المترامية على أطرافه دون تعقيم أو تنظيف. بنايات هذا المرفق تبدو مهترئة. الجدران متسخة، رغم بعض الإصلاحات البسيطة، لأجل ذر الرماد في العيون، الأمر الذي يطرح علامات استفهام كبرى حول الأسباب الحقيقية وراء تدني الخدمات الصحية بمستشفى الإدريسي. استغرب العديد من المواطنين من تأخر إتمام أشغال المستشفى الإقليمي الجديد، المدرج في إطار المخطط الإستراتيجي للتنمية المندمجة والمستدامة 2015 – 2020، الموقع أمام جلالة الملك، متسائلين عن خلفيات هذا التعثر، بعدما كان يفترض أن يكون جاهزا في متم 2020، من أجل رفع الضغط عن مستشفى الإدريسي والأطر الصحية العاملة به، والاستجابة إلى حاجيات سكان إقليم القنيطرة.لجنة للتقصي طالب برلمانيون وسياسيون بتشكيل لجنة برلمانية للتقصي والوقوف على مجموعة من الاختلالات والتجاوزات بمستشفى الإدريسي، وأسباب تعثر إنجاز المستشفى الجديد. ويأتي هذا الطلب بعد نشر فيديوهات ترصد سوء المعاملة التي يتعرض لها المرضى بمختلف الأقسام، ناهيك عن النقص الكبير في اللوازم الطبية، وتعطل أجهزة "الراديو" و"السكانير" في الكثير من الأحيان، وقلة الأطر الصحية، خاصة الأطباء المختصين، إضافة إلى فضائح أخرى متعلقة بالابتزاز والرشوة. وأكدت مصادر مطلعة، أن الوضعية المتردية لمستشفى الإدريسي تستدعي تدخلا عاجلا لوضع حد للفوضى السائدة به، في الوقت الذي تفضل وزارة الصحة خيار الصمت، بدل إيجاد حل لاختلالات هذا المرفق العمومي الهام. ولم تستبعد تلك المصادر إمكانية حلول لجنة التقصي بالمستشفى المذكور، مستقبلا، لرفع الضرر، في ظل كثرة الشكايات الموضوعة لدى الجهات المعنية.

“سبيطار الغابة” بالقنيطرة… مقبرة المرضى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مخاطر إهمال تنظيف البشرة

متشردون يحولون حديقة إلى مستعمرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات