المؤبد لقاتل أخطأ الطريق إلى التوبة

كان ضحية تنمر وتسلح بسكين للدفاع عن نفسه وتورط في جريمتي قتل عبد الله غيتومي (الجديدة) القصة تتعلق بجريمة قتل وقعت بدرب بن إدريس بقلب الجديدة، بطلها شاب في الأربعين خرج لتوه من السجن الفلاحي "العدير"، بعد أن أمضى عقوبة حبسية مدتها 15 سنة في جريمة قتل سابقة، لكن هذه المرة قادته حالة العود إلى عقوبة أشد، بعد أن أدانته جنايات الجديدة بالسجن المؤبد. كيف وقعت جريمة القتل الثانية؟، وما هو مسار البحث الذي سلكه المحققون للإيقاع بالجاني، الذي ظل يتنقل طيلة أسبوع بين البيضاء والمحمدية والقنيطرة ؟ لسنا هنا أمام قاتل بالتسلسل وإنما أمام شخص بمستوى تعليمي محدود جدا، غادر صفوف الدراسة واحتضنه سوق "علال القاسيمي" أحد أشهر الأسواق الشعبية بالجديدة، ومن يومها عاش على مدخول يومي هزيل ضمن خانة من يصنفهم الزمان بـ"طالب معاشو"، ومع مرور الأيام ارتمى في أحضان رفاق السوء، عاشرهم في معاقرة الخمر والممنوعات، إلى أن صقلته مشاجراته المتكررة، ومنحته لقب فتوات السوق القديم الأشداء . عقوبة 15 سنة كانت المشاجرات التي يشارك فيها بطل قصتنا، تنتهي أحيانا بالتنكيل به من قبل خصوم أشد منه بطشا وقوة بدنية، ما دفعه إلى أن يتسلح باستمرار بسكين حرص على إخفائه بدقة في حزامه، فصار يضمر شرا دفينا بداخله ورغبة كبيرة في إراقة الدماء، هذا التحول العدواني في سلوكه لمسه رفاقه وأيضا خصومه، وفي لحظة خلاف مع غريم له كانت يده سباقة إلى حزامه، استل سكينا وسدد طعنة غادرة له، أصابته في مقتل، بينما وقف مذهولا من هول جرمه المشهود، وأثناء التحقيق معه لم ينكر أنه "القاتل"، وأنه كان في وضع الدفاع عن النفس، وبعد عدة جلسات اقتنعت المحكمة بالمنسوب إليه، وعاقبته بـ15 سنة سجنا قضاها بالسجن الفلاحي العدير، وبشهادة جل من عاشروه مال المتهم إلى الهدوء، وأعطى الانطباع أنه تاب إلى الله، وندم على اقترافه جريمة القتل التي أسر لمقربين منه أنها "جريمة طيش". القاتل يعود إلى المجتمع بعد انقضاء مدة العقوبة التي لم تكن سهلة عليه، تم الإفراج عنه وعانق الحرية من جديد، وبالكاد حاول أن ينجح عملية "إدماجه مجددا " في مجتمع السوق القديم، الذي اكتشف أنه تغير عليه بشكل كبير، وأضحى التحكم فيه واضحا من طرف "عتاة مجرمين". الوضع الجديد الذي صادفه جعله يتحاشى السوق القديم، وحصر نفسه في زقاق ضيق بدرب ابن إدريس المجاور لحي القلعة، أحد الأحياء الشعبية الشهيرة بالجديدة، دون أن يدور بخلده أنه مسرح جريمة جديد سيرتبط بجريمة قتل ثانية تقطع صلته كليا بالحرية . جريمة قتل ثانية في أحد الأيام ركن بضاعته كعادته بركن من درب بن إدريس، وهي عبارة عن خضر اعتاد بيعها بالتقسيط للمارة وسكان الحي. كانت كل الأمور توحي أنه دخل باب التوبة من أبوابه الواسعة، وهكذا كان هو اﻵخر يمني النفس لأنه ذاق مرارة فقدان الحرية، إلى أن تلاسن مع أحد أبناء الحي وتلقى منه صفعة، هزت كبرياءه أمام حشد كبير من الفضوليين، وفي لحظة، تمردت عليه ميولاته العدوانية، فاستل سكينه، ووجه طعنة قاتلة لخصمه الذي سقط مضرجا في دمائه جثة بدون حراك، إثرها أطلق ساقيه للريح كانت وجهته البيضاء والمحمدية والقنيطرة. ليلة القبض لم يكن القاتل يتوفر على هاتف محمول، لذلك كان مسار تعقبه من قبل أمن الجديدة مضنيا، لكن المصطفى رمحان رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بالجديدة، وظف خبرته التي راكمها واستدعى أخت المتهم إلى مكتبه ووجه لها بعض الأسئلة، ولما همت بالمغادرة طلب منها رقم هاتفها المحمول لكل غاية مفيدة، ومنذ تلك اللحظة أخضع هاتفها للتنصت، لأنه كان يدرك أن أخاها القاتل سيتصل بها لاحقا لغرض ما، وبالفعل هاتفها طالبا منها تزويده بقدر من المال، وتم الاتفاق على مجيئه قبل أذان مغرب اليوم السابع من هروبه لتناول إفطار رمضان مع العائلة والانصراف هذه المرة نحو أولاد افرج، وهي اللحظة التي كان رمحان ورجاله اتخذوا كل الاحتياطات للتمكن من الصيد الثمين، وفي لحظة الصفر ظهر القاتل وحاصره الأمنيون، وقاموا بتصفيده والاستماع إليه في محضر رسمي، ذكر فيه كل اﻷمور التي رافقت جريمة القتل التي ارتكبها، وفراره نحو البيضاء ونيته التزود بقدر من المال لمواصلة رحلة الهروب، التي لم تدم طويلا عندما سقط في يد العدالة التي حاكمته بالمؤبد.

المؤبد لقاتل أخطأ الطريق إلى التوبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بطولات مهددة بسنة بيضاء

الموت يغيب العلامة أفا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات