حالات العود… السجن أرحم

جانحون يحبذون العودة السريعة إلى السجن بعد فشل اندماجهم وسط المجتمع «من شب على شيء شاب عليه»، مثل يصلح إسقاطه على عدد من الجانحين الذين اعتادوا على دخول السجن كولوج بيتهم، بعد أن استطابوا المقام خلف الأسوار إلى درجة افتعالهم عددا من الجرائم للعودة السريعة إلى المؤسسة السجنية. ولعل عبارة «باغي رجع للحبس» التي يتداولها عدد من السجناء السابقين بالشارع العام أثناء دخولهم في شجار أو ملاسنات مع خصومهم، تكشف أن المعضلة بحاجة إلى تفسير نفسي واجتماعي دقيق، بعد أن فشلت أسوار السجن وسنوات الاعتقال في ردعهم في أفق تأهيلهم للاندماج في مجتمعهم الذي يرفضونه بعد أن لفظهم في وقت سابق، وهو ما يترجم إلى ارتفاع الحالات الإجرامية التي أصبحت تهدد أمن المجتمع المغربي. وعكس آراء العامة، يرى متخصصون في الشأن القانوني، أن المسؤولية تتحملها مجموعة من الأطراف والمتدخلين، أولها الأسرة وفضاءات التربية والتكوين، وأيضا المؤسسات العمومية التي تفتح للشركات والمؤسسات الأخرى المجال لتصنيف طالبي الشغل، بين سجين سابق وآخر لا يتوفر على عقوبات، وأيضا الإعلام، فتتولد لذوي السوابق عداوة تجاه المجتمع، ما يعبد له الطريق في العودة إلى مجال الإجرام، وهناك نقطة أساسية يتم إغفالها، وهي المصاحبة في العلاج النفسي، لأن العديد من النزلاء السابقين يغادرون المركبات السجنية وهم مرضى، وهو ما يطرح ضرورة إعادة النظر في منظومة الاعتقال والتأهيل لضمان إدماج ناجح يقطع مع جرائم العود التي تهدد الأمن والنظام العامين. محمد بها الانتقام وشفاء الغليل نسبة منهم ترتكب جرائم أخطر بعد مغادرة السجن وأحدهم حطم الرقم القياسي في حالات العود أصبح السجن مقر إقامة شبه دائمة لمنحرفين ما أن يغادروه بعد إنهاء عقوبة محكومين بها، حتى يعودوا إليه لارتكابهم جرائم أخطر. وفئة منهم لا تقضي إلا أياما قليلة خارجه أو في "السيفيل" بتعبير السجناء، ما يؤكد أن السجن لم يعد مؤسسة إصلاحية ناجعة تنتشل المجرم من انحرافه. حتى الأرقام الرسمية تعترف بهذا الواقع. وتؤكد أن نسبة كبيرة من السجناء، تناهز 80 بالمائة، يكونون في حالة عود، بل يرتكبون جرائم أكثر وقعا وخطورة قد تصل للقتل، ويحكمون بعقوبات أكبر دون أن يندموا أو يعيدوا قراءة أنفسهم وسلوكاتهم أو يقللوا من طيشهم وتهورهم. نسبة مهمة منهم لا يتوبون ولم يختاروا العودة لممارسة حياتهم الطبيعية، بعيدا عن المشاكل خاصة من تتملكهم الرغبة في الانتقام ممن كان السبب في سجنهم ولو كانوا مخطئين. إنهم لا يندمون على ضياع سنوات طويلة من العمر خلف أسوار السجن، بدل بناء أسس مستقبلهم. من آخر هذه الحالات زوج غادر السجن ولم يتمتع بحريته إلا 5 أيام، عاد بعدها لسجن بوركايز في انتظار الحكم عليه بعقوبة ستكون أكبر وقد تصل للسجن المؤبد، بعدما قتل زوجته بعد ساعات قليلة من عيد الأضحى، بمنزلهما في حي مولاي عبد الله قرب القصر الملكي بالمدينة العتيقة. السجن مدى الحياة عقوبة يقضيها فلاح من منطقة تيسة قتل شخصين من عائلته بعد أيام قليلة من مغادرته السجن الذي قضى به عقوبات متفاوتة أكبرها 15 سنة أدين بها لقتله خطيبته الرافضة استكمال إجراءات الزواج بعدما ضاقت ذرعا من عصبيته وغيرته المغالى فيها دون سبب مقنع. فئة عريضة من السجناء في حالة عود متورطون في جرائم قتل ارتكبوها بدافع الانتقام، ممن تسببوا في سجنهم في حوادث ولأسباب مختلفة قد تكون لها صلة بجرائم الأخلاق والاتجار في المخدرات وغيرها، بل تمتد العداوة وتتسرب الرغبة في الانتقام، حتى بين العائلات التي تتقاتل لسبب تافه. عائلات فاسية اشتهرت بجرائم الانتقام من بعضها لحسابات قديمة لم تستطع استئصال أسبابها، كما الاعتقالات في صفوفها التي رفعت صحيفة سوابق أفرادها بطريقة مخيفة لمن يسمع بها. أقلهم جرب دخول السجن مرتين على الأقل بسبب تبادل الضرب والجرح والهجوم على مسكن الغير. لذلك لا يفاجأ قاض ولا محام أو متتبع لما يسمع برقم سوابق أفراد هذه العائلات وغيرها، ممن يتناوبون على دخول السجن تباعا حتى لا يخلوا الساحة لمنافسيهم، وكأن الأمر يتعلق بحالة حرب متواصلة تفضحها أحيانا فيديوهات منشورة تكشف ضراوة مواجهات دامية في أحياء شعبية بئيسة. الجرائم العنيفة والسرقة بأنواعها والضرب والجرح بالسلاح وبغيره، عادة ما تعيد كثيرا منهم للسجن بعد مدد قصيرة من مغادرتهم إياه، كما مجرمون آخرون يشكلون "فتوات" أحياء تهابهم وتركع أحيانا لجبروتهم وابتزازهم المتكرر للتجار والمارة دون أن تنفع عقوبات حكموا بها في ردعهم. حميد الأبيض (فاس)

حالات العود… السجن أرحم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الزرهوني... شيخ الحصباوي

سيجارة تعيد قاتلا إلى الزنزانة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات