حداد بالقنيطرة بعد اندحار “الكاك”

دموع وحزن وغليان بسبب فضيحة النزول إلى الهواة والجمهور يطالب برأس الرماش عاشت القنيطرة ليلة سوداء بعد سقوط النادي القنيطري إلى الهواة، عقب الهزيمة، غير المنتظرة أمام الاتحاد البيضاوي بهدف لصفر في المباراة، التي جمعتهما، الجمعة الماضي، بالملعب البلدي في القنيطرة، لحساب الدورة الأخيرة من منافسات بطولة القسم الثاني. وتحولت مقاهي القنيطرة إلى جلسات لمحاكمة المتورطين في فضيحة اندحار صرح كروي، بعدما شكل مشتلا لتفريخ المواهب الكروية على مر العصور، فيما توارى غيورون ومحبون عن الأنظار، حسرة وخيبة وألما، في الوقت الذي أطلق مشجعون سهام النقد والتجريح والتهديد، بملاحقة كل من تسبب في نكسة الهبوط إلى قسم الهواة. أما اللاعبون القدامى، فوجدوا أنفسهم في قلب العاصفة، دون أن يدركوا أنهم متورطون رغما عنهم، ليتحولوا إلى أعداء، بعدما ساهموا في صنع أفراح "الكاك" على مر تاريخه. ضحية غياب الاستقرار بينما كان جمهور النادي القنيطري يمني النفس في صعود فريقه إلى القسم الأول، وهو الذي يتوفر على منجم لإنجاب اللاعبين وقاعدة جماهيرية وتاريخ حافل بالألقاب (أربع بطولات وطنية وكأس العرش)، سيصاب بخيبة أمل كبيرة بمجرد إعلان الحكم رضوان جيد نزول "الكاك" رسميا إلى قسم الهواة، ليرافق بذلك وداد تمارة، وسط صدمة ودهشة كبيرتين في صفوف عشاق هذا النادي. ولعل غياب الاستقرار التقني كان سببا مباشرا في نزول "الكاك" إلى الهواة، بعدما تعاقب على تدريبه ثلاثة مدربين منذ بداية الموسم المنتهي، إذ جيء بحسن بنعبيشة ويونس منقاري في الوهلة الأولى، إلا أن مقامهما لم يدم سوى ثلاث مباريات، قبل أن يجدا نفسيهما خارج أسوار "الكاك"، ليحل بدلهما سمير يعيش وعلي بواب، بمجرد "تنصيب" علي الرماش رئيسا للفريق، خلفا لنور الدين الحلوي. ورغم نجاحه في إعادة الروح للفر يق من خلال تحقيق نتائج إيجابية، إلا أن الإقالة ستصيب يعيش في مقتل، ودون سابق إنذار، تاركا منصبه لعزيز العامري، الذي كان يشغل مهمة المدير التقني. وإضافة إلى موضة تغيير المدربين، تعاقد النادي القنيطري مع لاعبين لم يشاركوا أساسيين مع أنديتهم، ومنهم من غاب عن المنافسة لموسم كامل، دون أن يستفيد منهم، ناهيك عن إقصاء أبناء الفريق، رغم توفرهم على كل المؤهلات التقنية والبدنية، التي تؤهلهم لحمل قميص "الكاك"، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول دوافع لجوء المكتب الحالي إلى سياسة جلب لاعبين بمبالغ مالية، دون أن يقدموا الإضافة المطلوبة. تفاقم الأزمة المالية عانى النادي القنيطري أزمة مالية خانقة، جراء سوء تدبير ماليته لسنوات خلت، رغم حصوله على منح استثنائية من قبل الجهات الداعمة، منذ الموسم الذي تلا إبعاد حكيم دومو من الرئاسة، لأسباب شخصية وسياسية. وفشل مكتب النادي القنيطري في الموازنة بين إمكانياته المالية وتطلعاته المستقبلية، كما افتقد إلى إستراتيجية واضحة وتخطيط مدروس، ما أثر سلبا على توازنه المالي. وشكلت الانتدابات وكثرتها في السنوات الأخيرة، القشة التي قصمت ظهر البعير، بما أنها أنهكت ميزانية الفريق، دون أن يفي مسؤولوه بالتزاماتهم تجاه العديد من اللاعبين والأطر التقنية، الأمر الذي أدى إلى اللجوء إلى لجنة النزاعات، التابعة للجامعة المالية المغربية لكرة القدم. وتراكمت ديون النادي القنيطري موسما بعد آخر، لتناهز حاليا مليار سنتيم، دون أن يتغلب المكتب الحالي عليها، رغم تعاقده مع ثلاثة مستشهرين جدد، أو على الأقل التخفيف منها، طالما أنه ورث ديونا عالقة، منذ عهد الرئيس السابق نور الدين الحلوي. ورغم نزول «الكاك» إلى القسم الهواة، إلا أنه أصبح مطالبا بتسديد مستحقات اللاعبين والأطر التقنية، لتفادي لجوئهم إلى لجنة النزاعات بالجامعة، أو الجلوس معهم إلى طاولة المفاوضات للتنازل عن جزء منها، مساهمة في التخفيف من أزمة الفريق المالية. وعود ومشاريع على الورق استبشر القنيطريون خيرا بعد تولي علي الرماش رئاسة النادي القنيطري، قبل ستة أشهر، بعد صفقة وصفت بالمخزية وغير القانونية، إذ راهن محبو "الكاك" على الرئيس الجديد، من أجل إعادة الفريق إلى سكة الانتصارات والتصالح مع تاريخه المجيد، خصوصا بعد وعوده بمشاريع تنموية ستضخ مبالغ مهمة في خزينة الفريق. ووعد الرماش بإحداث مشاريع كبرى في خرجات إعلامية، لإعادة بناء "الكاك"، كما استهل مرحلته بالتعاقد مع ثلاثة مستشهرين بغلاف مالي قدره 120 مليونا لكل منهم لمدة أربع سنوات، تماما كما تعهد بجلب موارد مالية إضافية ومشاريع، ليتضح جليا أنها مجرد وعود وهمية، أو الأصح تأجيلها إلى الموسم المقبل، وهو ما أجج غضب جمهور النادي القنيطري، مباشرة بعد سقوط الفريق إلى قسم "المظاليم". وخرج لاعبون قدماء ليشهروا ورقة "ارحل" في وجه الرماش، بعد تصريحاته الأخيرة عقب فضيحة النزول، وأكد فيها أنه لن يتخلى عن فريقه، متعهدا باستكمال مشروعه الموسم المقبل، وإعادة الفريق إلى القسم الثاني، وهو ما اعتبره محمد شيبو، لاعب سابق، مجرد ضحك على الذقون، قبل أن يطلب من الرئيس الحالي الرحيل عن الفريق، بعدما حمله مسؤولية إنزال الفريق إلى قسم الهواة. وهاجم شيبو الرئيس الحالي، وهو يذرف الدموع، لتسببه في إقبار ناد عريق بحجم النادي القنيطري، وهو الاتجاه نفسه، الذي سار عليه منير الجعواني، وهو يطالب الرماش بالتنحي والابتعاد عن "الكاك" لأنه أكبر منه، وبالتالي لا داعي لعزف أنشودة المشاريع الوهمية. وأضاف الجعواني أن الرئيس الحالي يجهل قيمة الرؤساء الذين تعاقبوا على تسيير "الكاك" وتضحياتهم الجسام، كما يجهل قيمة رموزه. خروقات في تفويت الرئاسة عدم الامتثال إلى الأنظمة والقوانين أحد أبرز أسباب النزول لعبت العشوائية في تدبير النادي القنيطري، دورا مهما في نزوله إلى القسم الوطني هواة، لأول مرة في تاريخه، إذ كشف سوء التسيير وعدم الامتثال إلى القوانين والأنظمة الأساسية، أن النتيجة كانت حتمية، ولا يمكن تفاديها بأي حال من الأحوال، وأن ما بلغه اليوم، كان بالإمكان حدوثه قبل ذلك بسنوات، إلا أن الأقدار شاءت أن تتزامن مع سنة انتخابية. ومن أبرز مظاهر سوء التدبير، الطريقة التي انتخب بها مجموعة من الرؤساء، آخرهم علي الرماش، الذي يمكن القول إنه صعد إلى الرئاسة بالتفويت من سلفه، أقرب مما صعد عن طريقة عملية انتخابية ديمقراطية، الشيء الذي يؤكد أن الأمر، يتم بطريقة ارتجالية، ودون الخضوع للقوانين، سيما أن الرئيس الحالي لا يتوفر على شرط سنتي الانخراط بالفريق، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام، حول الأسباب التي تدفع فريقا عريقا إلى الانصياع لمثل هذه الممارسات. والشيء ذاته، يمكن قوله عن عبد الودود الزعاف، الذي انتخب رئيسا ولم يكن يتوفر على شرط سنتين أيضا، وحتى عند استبعاده من قبل المنخرطين، بطريقة غير ديمقراطية، انتخب بلعيد كروم، في الوقت الذي رفض الجميع تحمل المسؤولية، ولم يتجرأ أحد على تقديم ترشيحه، لكن ما يحسب له أنه استطاع الحفاظ على مكانة الفريق بالقسم الثاني، رغم أنه دبر أزمته المالية ب»الصينية». أضف إلى ذلك، أن تغيير رؤساء النادي القنيطري في السنوات الأخيرة، أصبح مثل تغيير الملابس الداخلية، إذ لم يتمكن العديد منهم من إنهاء فترة ولايته كاملة، وكلما سجل الفريق نتائج غير مرضية، إلا وبادر المنخرطون إلى الاحتجاج، والدعوة إلى عقد الجمع العام، أو إلى تغيير «الشيفور»، عوض معالجة المشاكل الحقيقية. السياسة تقبر الفريق اتهامات بإقحامه في حسابات سياسية وتهييج الجمهور للاحتجاج لا حديث داخل الأوساط الرياضية بالقنيطرة، إلا عن سقوط ممثل كرة القدم الغرباوية، إلى القسم الوطني هواة، بعد أن أنهى منافسات القسم الوطني الثاني في الرتبة ما قبل الأخيرة برصيد 35 نقطة، وتأثير الجانب السياسي على أداء وتدبير النادي القنيطري منذ سنوات. وكشف نزول النادي القنيطري إلى القسم الثاني، الكثير من ردود الأفعال الغاضبة، بعد تحميل المسؤولين السياسيين جانبا كبيرا من المسؤولية، في ما وصلت إليه الأمور، سيما من قبل عزيز الرباح، رئيس المجلس البلدي، إذ أن هناك العديد من المعطيات التي تدينه، بحكم أنه كان أول من قاد سلسلة من الاحتجاجات، بداعي وضع خارطة طريق لإنقاذ الفريق، ضد الرئيس السابق حكيم دومو، الذي قدم كبش فداء خلال الربيع العربي. واتهم متتبعو الشأن الرياضي بالقنيطرة الرباح، بإقحامه النادي القنيطري في المشاكل السياسية، بحكم أنه قاد حملة كبيرة على دومو، بعد أن اختار الأخير الترشح ضده، ما ساهم في سلسلة من الاحتجاجات عليه، ومارس عليه ضغطا كبيرا، علما أن الفريق في تلك الفترة كان يحتل الرتبة الرابعة بالقسم الوطني الأول، وبلغ نصف نهائي كأس العرش، ودفع الجمهور إلى رفع شعارات للمطالبة برحيله. وأقرت العديد من الجماهير القنيطرية بالضغط الذي مارسه السياسيون على النادي القنيطري، من أجل تطويعها للدفاع عنهم، واستغلالهم في الحملات الانتخابية، مستدلين على ذلك، باكتفاء المجلس البلدي بتوفير منحة مالية لم تتعد 150 مليون سنتيم في عهد دومو للـ «كاك»، وبمجرد إزاحته من الرئاسة وصعود حلفاء الرباح، أصبحت المنحة تصل إلى 500 مليون سنتيم، واعتبرت من بين أضخم المنح، التي يقدمها المجلس لفريق المدينة. وتساءلت مجموعة من الغيورين على الفريق، أين اختفت الحملات والاحتجاجات على مسيري ومسؤولي النادي القنيطري، في عهد الرؤساء الذين جاؤوا بدعم من المسؤولين السياسيين بالمدينة، رغم أنهم لم يسجلوا نتائج مثل التي سجلها دومو، ومن جاء قبلهم، بل لم يحرك الجمهور ساكنا، وظل يراقب الوضع عن بعد، علما أن الفريق الآن نزل إلى الهواة، ولم يعد لديه مكان بين الكبار، رغم تاريخه الحافل بالألقاب، واللاعبين الذين ساهموا في تألق المنتخب الوطني في السبعينات والثمانينات والتسعينات. إنجاز: عيسى الكامحي وصلاح الدين محسن

حداد بالقنيطرة بعد اندحار “الكاك”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

واجب التناوب

"بوب آب" على "دوزيم"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات