الإشكالات المرتبطة بمهام قضاة تطبيق العقوبات

يجب تقليص اختصاصات النيابة العامة ودورها في مسطرة التنفيذ (3/3) لكي يلعب جهاز قاضي تطبيق العقوبات دوره جيدا، يجب الالتفات إلى البنية التحتية لأقسام التنفيذ وإقرار جهاز خاص يتضمن أطرا كفؤة وتوزيع مصلحة التنفيذ إلى مجموعة من الأقسام، وتكليف كل قسم منها باختصاص معين وجعل غرفة التنفيذ تتوفر على مصالح متعددة، من ضمنها مصلحة كتابة الضبط شبيهة بغرفة التحقيق تكون تحت إشراف قاضي التنفيذ. كما يجب إعطاء حلول قانونية لمجموعة من المشاكل القانونية المثارة حول التنفيذ، والتي سبق لنا النظر إليها خصوصا مع العلم أنها أثرت بشكل واضح على مستوى العمل القضائي، واختلفت الآراء تجاهها، الأمر الذي يتطلب أصلا وجود حلول قانونية تساير وضعية جهاز التنفيذ، ومساعدته على إيجاد حلول موحدة تطبق بشكل موحد على مستوى جميع المحاكم، نذكر من ضمنها: طلبات العفو مقدمة من قبل المدانين والموجهة إلى لجنة العفو بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل وآثارها على عملية تنفيذ الأحكام، وطلبات إيقاف التنفيذ المعززة بطلبات العفو ومنها طلبات الإدماج والمسطرة الخاصة به والجهة المختصة بالنظر فيه. كما يجب تقليص اختصاصات النيابة العامة ودورها في مسطرة التنفيذ، وتفويض هذه الاختصاصات لقاضي تطبيق العقوبات في ما يتعلق بقضايا الإكراه البدني، وعدم إعطائها الصفة التنفيذية رغم موافقتها المبدئية عليها، إلا بعد موافقة قاضي تطبيق العقوبات عليها، وهو الأمر الذي سيجعل دور النيابة العامة في التنفيذ سيكون عمليا تحت مراقبة قاضي تطبيق العقوبات، ذلك أن النيابة العامة هي الجهاز المخول نظرا لوضعها القانوني وللسلطات التي وضعها المشرع بين يديها، وباعتبارها تمثل الحق العام وتهدف أساسا إلى ضمان وحماية المال العام، فهي مؤهلة أصلا لمباشرة جهاز التنفيذ في شقه المتعلق بالدعوى العمومية سواء تعلق الأمر بعقوبة حبسية أو بغرامة او تعويض مدني. وتظل هاته بعض المقترحات التي كان لابد من الإشارة إليها في نطاق الآفاق المستقبلية لمؤسسة قاضي تطبيق العقوبة، والتي حاولنا إثارة الانتباه إليها، آملين أن تتخذ الإجراءات والتدابير لمواكبتها بما في ذلك من دعم لهذه المؤسسة، التي تعقد عليها آمال، وتمثل بحق سمعة القضاء والأحكام القضائية، مع مواكبتها بتفعيل وتبسيط الإجراءات الإدارية، ليتأتى لهذه المؤسسة مواكبة الإصلاح القضائي وتطورات العصر وما يعرفه عالمنا المعاصر في جميع المجالات من عولمة وتقنيات جد متطورة، والتي كان من المفروض التطرق إليها استرشادا بما درجت عليه التشريعات المقارنة من جهة، وبمبررات إنشاء هذه المؤسسة من جهة ثانية. المشرع أراد أن يجعل من مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات العمود الفقري للسياسة العقابية شأنه شأن التشريعات الحديثة، لكن تلك الإرادة لم تتجسد في النصوص المنظمة لهده المؤسسة، إذ يتضح من المهام التي أوكلها المشرع المغربي لقاضي تطبيق العقوبات في قانون المسطرة الجنائية أنها اختصاصات إدارية بحت تنعدم فيها سلطة القاضي في اتخاذ القرار والتدخل لتعديل العقوبة وفي فلسفة تفريدها، وبالتطور الحاصل للمحكوم عليه، وبالتالي فإن مهمته تبقى مقيدة ومحصورة بشكل عام في الإشراف على تنفيذ العقوبة والمراقبة والاقتراح دون أي سلطة فعلية أو تدخلية فاعلة في مجال التنفيذ، وهي صلاحيات واختصاصات ضئيلة جدا، معرقلة بذلك دوره في إعادة إدماج المحبوسين اجتماعيا. وذلك خلافا لما سارت عليه بعض التشريعات المقارنة، ومنها التشريع الفرنسي، حيث وضع مقاييس محددة لقاضي تطبيق العقوبات ليتدخل في العقوبة باعتبارها وطبيعتها ومدتها، كما بإمكانه في بعض الحالات إدخال تغيير على المقررات القضائية أو اقتراحه الوضع تحت الحراسة، عكس قاضي تطبيق العقوبات في المغرب، حيث نجد أن صلاحياته لم تفعل بالشكل المطلوب ويكتفي بتطبيق عقوبة الإكراه البدني دون غيرها من العقوبات الأخرى خصوصا على مستوى الفضاء السجني. لم تعد السياسة العقابية مبنية على إنزال العقوبة والحبس لأجل ردع الجاني فحسب، بل أصبحت تهتم بشخصية الجاني ومحاولة إدماجه اجتماعيا داخل المجتمع وذلك بتفريد العقوبة وتتبع مراحل احتجازه داخل المؤسسة العقابية، بل وحتى خارجها تفاديا للعود، وتطبيقا لتدابير وقائية سليمة تتماشى مع المواثيق الدولية الرامية إلى حماية السجناء ومراعاة السياسة الجنائية العادلة حتى بعد مرحلة النطق بالحكم. وانسجاما مع تلك الأفكار الحديثة التي قلبت رأسا على عقب مفهوم وغرض العقوبة التي أصبحت غايتها إصلاح مرتكب الجريمة، وتأهيله اجتماعيا وهو ما لم يتأت طالما لم تحظ مرحلة التنفيذ الجزائي بالضمانات الأساسية حتى تسهم في عملية إعادة التأهيل والإصلاح. ولكي يتحقق هذا الغرض وتثمر مرحلة التنفيذ الجزائي حاولنا من خلال مقترحاتنا إيجاد حلول للنواقص والصعوبات العملية والقانونية التي تعتري ممارسات مهام قاضي تطبيق العقوبات، مساهمة منا لإنجاح هذه المرحلة المهمة في تكريس حقوق النزلاء في دولة الحق والقانون. وقد ألهمت هذه الاعتبارات مبادئ حقوق الإنسان التي ألهمت التشريعات الوطنية لتضع تدابير قانونية تكفل معاملة السجناء بما يليق بالكرامة الإنسانية فكانت النتيجة إحداث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات مع تعزيزها بالضمانات القانونية والوسائل المادية واللوجيستيكية، وتجاوز الصعوبات والمعيقات المشار إليها سالفا من قبلنا أو باقي محاكم المملكة، والاستجابة للمقترحات المطروحة. * نائب رئيس المحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء

الإشكالات المرتبطة بمهام قضاة تطبيق العقوبات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رسالة رياضية: فاندربروك

المطلقات بأبناء... وتكتمل "الباهية"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات