طنجة يا العالية

تقدم طنجة، اليوم، نموذجا حيا لزواج ناجح بين الإرادة والكفاءة وبين الإمكانيات المالية، وبين "الكاريزما" والعمل الميداني، وبين المؤهلات المجالية والجغرافية والعمرانية، إذ يستحيل أن تتقدم مدن بالإرادة والكفاءة فقط، كما لا يمكن أن تنطلق بالإمكانيات المالية والمؤهلات وحدها. فما أنجز بطنجة في السنوات الماضية من مشاريع وبرامج ومخططات (أخرجها إلى الوجود رجال كبار بإرادات قوية وحب كبير للعمل وعطاء أكبر من أجل تنمية الوطن دون حساب)، لا يمكن سوى التنويه به، وسيكون من المجحف أن نضع مدننا جميعها، في كفة واحدة ونشطب على ديمقراطيتنا المحلية الناشئة بجرة قلم. فمن هنا، مر "بيلدوزر" تنمية كبير اسمه محمد حصاد قادما إلى طنجة من الخطوط الملكية المغربية، ووضع التصور الأولي لمدينة تخيل أن تكون مركز المغرب الجديد، ثم غادرها في 2012 إلى الوكالة الخاصة طنجة المتوسط، ثم وزيرا للداخلية فوزيرا للتربية الوطنية. ومن طنجة، مر كذلك وال اسمه محمد اليعقوبي، الذي كان عاملا على تطوان، قبل أن يتسلم مهامه واليا للجهة، وفي عهده، وضعت الجهة قدمها الأولى على سكة التنمية في جميع المجالات، ويواصل العمل نفسه اليوم في جهة الرباط. وواكب اليعقوبي أهم المشاريع المهيكلة للمدينة، وكان حاضرا في تفاصيل برنامج عمل 2017-2021 للجماعة الحضرية، وقطع مئات الكيلومترات متجولا ومشرفا على تتبع المشاريع لحظة بلحظة، حتى مرحلة التسليم، ما يفعله اليوم بالطريقة نفسها محمد امهيدية، رجل الميدان بامتياز. وكي ترى بصمات رجال ونساء وقعوا على الدفتر الذهبي لطنجة الجديدة، ينبغي أن تزور عروس الشمال، على نحو منظم، وتتجول في أحيائها وشوارعها وفضاءاتها، وتصل إلى باقي الأقاليم المنتمية إلى الجهة، وتتأكد بنفسك أن مغربا آخر قيد التشكل في هذه المنطقة العزيزة على المغاربة، وتعرف أن البلاد ولادة للكفاءات والأطر والمهندسين والتقنيين والإداريين من الطراز الرفيع. في طنجة، تشعر أن كل واحد "يمد يد الله" من أجل مصلحة مدينته وجهته، والتعاون على أشده بين جميع المتدخلين والسلطات الإدارية والمنتخبة والقطاعات الوزارية ومؤسسات الدولة الأخرى، من أجل الوصول إلى خط الفوز ورفع تحدي التنمية وخلق إطار حضري وحضاري للعيش الكريم، تحلم بالعيش فيه مدى الحياة. انطلقت طنجة، تقريبا، من الصفر، وها هي، اليوم، تضاهي مدنا عالمية في الصناعة والتجارة والخدمات والبنيات التحتية الضخمة، وفي النقل والتنقلات والتأثيث الحضري والبنايات الشاهقة والمحطات الكبرى المفتوحة على مشاريع النقل الحديث بين المدن (المطار، وتيجيفي، ومحطة الحافلات...). ومؤكد أن كل هذه المشاريع لم تنزل من السماء دفعة واحدة، بل كانت عصارة جهد جبار شارك فيه الجميع بإرادة قوية، وأطرته رؤية متكاملة تحضر فيها القيم والأهداف والتوجهات الكبرى ومناهج العمل، وتأخذ بعين الاعتبار مبادئ الحكامة وتحديث الإدارة المحلية والتواصل والتسويق الجيد والتعاون والشراكة. على هذا النحو تقدم طنجة نفسها لباقي المدن الأخرى "مدينة بيلوط"، يمكن الاهتداء بها في سبيل تنمية محلية يجني ثمارها المواطنون أولا وأخيرا. فلا تنمية بدون مواطن، مهما فعلنا.

نزيف بيئي يخنق البيضاء

منتخب الحداوي يعجز عن بلوغ المونديال

مقالات ذات صلة

مانع إعلانات!!!