بقلم : محمود أبو الحقوق* منذ أن تم التنصيص دستوريا على استقلال السلطة القضائية وتنصيب أعضائها، وبعد بروز إشكالات ومعيقات في التنزيل والتفعيل، بدأت التأويلات والقراءات حول استقلالية القضاء على مستوى المجلس الأعلى للسلطة القضائية أو على مستوى استقلالية النيابة العامة عن وزير العدل، باعتباره جزءا من السلطة التنفيذية. وحيث إن استقلال أي سلطة قضائية لا بد أن يكون متكامل الأركان ماديا ومعنويا وبشريا، وذلك بالتنصيص على آلية التكامل ما بين مختلف السلط، وخلق آلية التنسيق والمحاسبة وكذا شمولية هذه الاستقلالية وامتدادها إلى جميع المهن والفروع المزاولة لجزء من العمل القضائي والإجرائي، كما هو شأن مهنة المفوضين القضائيين. فلا يمكن تصور استقلالية لأي سلطة، دون استقلالها المادي وتمكينها من آلية العمل، وضمانات لتنزيل وتعزيز استقلاليتها، تفاديا لهيمنة وتغول سلطة على أخرى من حيث الموارد البشرية والعقارات والأموال لتفادي التأثير على قراراتها والضغط على عملها الإداري والقضائي. وسأقتصر هنا على مدى استقلالية السلطة القضائية وامتدادها إلى باقي مساعدي القضاء، خصوصا مهنة المفوضين القضائيين، أو ما أسميه مهنة التفويض القضائي. والجواب بالضرورة حول السؤال الأساسي هو سؤال الانتماء، أي بمعنى، هل المفوض القضائي ينتمي للسلطة التنفيذية أم السلطة القضائية؟ وجوابا عن هذا السؤال، عن المشرع الجواب بشكل واضح على موقع مهنة المفوضين القضائيين، وعن أي سلطة وعن أي انتماء، وإن كنت أرجح انتماءها للسلطة القضائية، على اعتبار أن المفوض القضائي يساهم في جزء من العمل القضائي من خلال المحاضر التي ينجزها وإيصال الحقوق إلى أصحابها في إطار تنفيذ الأوامر والقرارات والأحكام القضائية، وهو الضامن الأساسي لتحقيق الحق المنشئ من قبل القضاء. وهنا نناشد الجهة المكلفة بالتشريع، بتنزيل مقتضى بالتعريف بالمهنة والتنصيص على أن المفوض القضائي جزء من السلطة القضائية، والحرص على استقلاليته لتجسيد استقلالية السلطة القضائية، التي تدبر هذه المهنة انطلاقا من تنظيم المبادرة وللولوج للمهنة، وكذا التأديب والتخليق بجانب الهيأة الوطنية للمفوضين القضائيين ومجالسها الجهوية، وباعتبار المفوض القضائي هو الجهة الوحيدة المكلفة بالتبليغ والتنفيذ. *رئيس سابق للمجلس الجهوي للمفوضين القضائيين