الحدوشي يمد منجله إلى تونس لقطف الياسمين

ملامح المشروع السياسي للشيخ السلفي في ديباجة بيانه العاجل إلى الغنوشي لم يخرج عمر الحدوشي يده من «عصيدة» عصيد حتى أدخلها هذه المرة في فرن دولة بكل ما تملكه من سيادة بدعوى أنه صاحب «بيان» حمَّله صفة «العاجل» لحزب سرق الياسمين من ثورة الشعب التونسي.بيان الحدوشي إن دل على شيء، فهو يدل على أن زهور الصبار وحدها تتفتح في ربيع السلفيين، وتنتصب أشواكها، فيما بدأت زهور الربيع العربي، زهور الحرية والأمل في الديمقراطية الحقة، تضم أوراقها مع حلول ظلمة التكفيريين. فالحدوشي لا يعتقد بالعطر الفواح من اختلافات زهور الربيع وأنواعها وألوانها، بل يؤمن بموسم القطاف، لذلك حمل مناجل «بيان عاجل» لقطف رؤوس كل من يختلف مع حزب النهضة التونسي، وها هو يأمر الغنوشي بإعدام أي محاولة للتوافق مع الآخر الموجود بقوة الرأي والفعل والعدد، أو ما يسمى في قاموس الديمقراطية بالأغلبية. ولكن ذلك لا يهم في نظر الحدوشي لأنه برأيه «الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك»، دون أن يضيف أن هذا «الحق إذا بني على باطل فهو باطل» وأول ما يبطل حق الحدوشي في توجيه «بيان عاجل» إلى دولة ذات سيادة، هو وجود دستور يحتكم إليه فرقاؤها السياسيون، ولا حاجة بهم إلى هراء الحدوشي أو من يسميهم «العلماء». لم يكتف الحدوشي بشد أذن الغنوشي بعنف، ولا بوضع يده الغليظة في قدر الجيران، بل أملى عليهم ما يجب أن يفعلوه بوطنهم، ودعاهم إلى تأييد عنف السلفيين، الذين تمردوا على الثورة، واعتقدوا أن فضل إسقاط بنعلي يعود إليهم وحدهم، رغم أنهم كانوا في السجون، وحررهم الثوريون الحقيقيون الذين انتظروا «هذه اللحظة التاريخية»، وأعادوا المطرودين منهم إلى أرض الوطن، بعد أن كانت نسائمه محرمة عليهم. غاظ الحدوشي أن تسترجع الدولة التونسية هيبتها، ولم يغظه أن يرسل السلفيون بناتهم القاصرات إلى أكلة القلوب والأكباد في سوريا. وغاظه أيضا أن يفتح الغنوشي حوارا مع أبناء بلده من «العلمانيين والشيوعيين»، وعاتبه على التقرب منهم، بل كان سيفرحه أن يصد الباب في وجوههم، ولم يغظه طلب استخدام اللين واليسر مع حملة السلاح من السلفيين المتمردين، لأنهم بنظره ليسوا إلا ناهين عن المنكر!!!تطاول الحدوشي في بيانه العاجل على الحبيب بورقيبة، الذي مازال يزعج الظلاميين، لأنه تحول إلى تاريخ. ولأنه قطع ببلاده أشواطا كبيرة، قبل أن تفرمل الأنظمة الاستبدادية الإصلاحات التي حملها إلى بلاده، وإن كان استبدادها لم يتطاول على المكتسبات، وحافظ عليها، لكن الحدوشي لا يرى في الحرية إلا أصناما وجب إسقاطها وكأن السلفي يريد أن يعيش تاريخ فتح مكة بكل تفاصيله، دون أن يسمح للعجلة بالتقدم لفتح ملفات أكثر أهمية من إعادة تمثيل أدوار بطولات تاريخ ولى، بالزحف وبدعوى أن «دين الله قادم»، مع سيف أو بالأحرى رشاشات المهدي المنتظر/الحدوشي. إن كانت رسالة أو بيان الحدوشي نجحت في شيء، فهو أنها عرت الوجه الحقيقي لرجل سيخوض غمار السياسة في البلاد، ووجه مشروعه السياسي الذي سيختزله في «النهي عن المنكر»، ولن يكون لأحد الحق في الاختلاف حتى حول نوع هذا المنكر وحجمه، وإن كان فعلا منكرا، أم أنه يبدو كذلك إذا نظرنا إليه من ثقب خرائب تفكير الحدوشي. ضحى زين الدين

الحدوشي يمد منجله إلى تونس لقطف الياسمين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أبو حمزة المغربي في شباك الفرقة الوطنية

دراسة في القانون: المحاكمة العادلة على ضوء المواثيق والمعاهدات الدولية والعمل القضائي الدولي (الحلقة الخامسة)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات