> كيف يمكن وصف علاقة المراهقين بالجنس ؟ > قبل أن نتحدث عن الجنس يجب أن نقف عند تمثله الخاطئ، الذي يقترن في الغالب بالممارسة (الجماع أو العادة السرية)، بينما هو في الحقيقة تربية لها أبعاد متعددة، منها ما هو نفسي وجسدي محض (كما هو في مخيلة الناس)، وما هو ثقافي واجتماعي وعلائقي (مبني على الحب والاحترام والرضى)، وكلها عناصر لا يمكن أن نتصور الجنس خارجها، لأن اختلال أحدها يجعل تمثله خاطئا. أما عن علاقة المراهقين بالجنس، فهي علاقة مهتزة على المستوى المعرفي والنفسي منذ البداية، والدليل أن المراهق (ذكرا أو أنثى) حينما يصل مرحلة البلوغ ويختبر تغيرات جسدية يسعى إلى فهمها، يجد نفسه أمام فراغ كلي في المعلومة، ويضطر إلى فهمها في الخفاء بعيدا عن "الحشومة" و"الطابو" و"المسكوت عنه"، بل أكثر من هذا، فهو ينبذ ويهان إذا ما حدث وأن ثبتت ممارسته للعادة السرية، بالتالي تكون أول علاقة له مع الجنس (بمفهوم الممارسة) فاشلة ومبنية على الأمية، لأنه لم يتلق تربية جنسية تمكنه من تفادي عواقبه وتحمل المسؤولية في العلاقة. > ما هي عواقب فهمه الخاطئ للجنس؟ > المراهق في مجتمعنا لا يعرف عن الجنس إلا الرغبة وتلبيتها، وهو بالنسبة إليه لذة تمارس في الخفاء، بالتالي سيصاحبها الجهل والأخطاء بالضرورة، بل أيضا الخطورة على صحته الجنسية، إذ كشفت دراسة ميدانية سابقة أن أول اكتشاف جنسي للمراهق يكون العاهرة الأرخص ثمنا، ما يزيد من احتمال إصابته بالأمراض المنقولة جنسيا، ناهيك عن التجارب الجنسية السرية التي ينتج عنها حمل خارج إطار الزواج (لدى القاصرات)، أو تتم عن بعد (عبر الأنترنت) وتكون مصحوبة بابتزاز جنسي، ثم الحس الإجرامي الناتج عن كبت الشهوة الجنسية أو العجز عن تلبيتها بشكل طبيعي وفي إطار معقلن، ما يحولها إلى هيجان ثم شذوذ أو عنف أو اغتصاب، أو انطواء على النفس. > ما هي أهمية التربية الجنسية في تجاوز هذه المشاكل ؟ > للتربية الجنسية دور كبير في عقلنة السلوك الجنسي للمراهق، فكلما استطعنا ملامسة عقله وفكره، كلما تطور سلوكه وكان واعيا بالعواقب. والحقيقة أنه لا يمكن الحديث عن هذه التربية في مجتمعنا دون استحضار البعد النفسي الوجداني، الذي له دور كبير في تحمل الرغبة غير الملباة، ذلك أن خصوصيات المجتمع لا تسمح لنا بتحرير العلاقات الجنسية كما هو الأمر في المجتمعات الغربية، لكنها تحيلنا على ضرورة رفع الطابو والتواصل مع المراهقين حول الجنس، كي يصبح تمثله لديهم تمثلا علميا وطبيا ونفسيا وعلائقيا. من جهة أخرى، فإن التواصل مع أبنائنا المراهقين حول الجنس، وتحسيسهم بالفوارق بين الجنسين أو حساسية المرأة وشعورها، سيقيهم من الانحرافات الجنسية ويبلور لديهم احتراما للآخر. والحقيقة أن أحد الأسباب المباشرة للتحرش الجنسي في الشارع، هو عدم فهم الجسد واعتباره مجرد ملكية لا تصلح إلا للجنس، إذ لا يدرك معظم المراهقين أن المسألة الجنسية لا تأتي بتلك الطريقة، لأنها طريقة وحشية وحيوانية. ولذلك فإذا استطعنا تمرير كل الأمور سالفة الذكر لهم من خلال التربية الجنسية، فضلا عن تمييز معنى الجنس باختلاف الذكر عن الأنثى والمساواة بينهما، سيتغير مفهوم الجنس لديهم بالضرورة، ونكون بذلك أعدنا الاحترام والاعتبار للعلاقة بين الجنسين. أجرت الحوار : يسرى عويفي * متخصص في علم النفس الاجتماعي