لهيب “المحروقات” يصل القضاء

مجلس المنافسة المسؤول الأول عن التسريب ورائحة السياسة في واقعة الكشف قبل البت من سرب مضامين تقرير مجلس المنافسة، حول البحث بشأن الإحالة المتعلقة بوجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات؟ سؤال ينتظر جوابا من رئاسة النيابة العامة، بعد إصدار مجلس المنافسة، المسؤول الأول من الناحية القانونية عن سرية البحث، بلاغا يتبرأ فيه من أي تسريب وينفي مسؤولياته عن الخلاصات التي تداولتها مجموعة من وسائل الإعلام، كما أن شركات توزيع المحروقات لا يمكن أن تكون وراء تسريب مضامين تقرير يدينها. ويتطلب الأمر، في هذه الحالة، من رئيس النيابة العامة إصدار أمر بفتح تحقيق معمق من أجل التوصل إلى الجهة التي كانت وراء تسريب معطيات تقرير مؤسسة دستورية، من شأنه أن يؤثر على القرارات المنتظر الإعلان عنها في جلسة البت المزمع انعقادها في 21 يوليوز الجاري. واكتفى مجلس المنافسة، المسؤول عن الحفاظ على سرية البحث، بإصدار بلاغ ينفي صدور التسريبات عنه، ولم يعلن عن أي إجراءات قانونية لمعرفة الجهة التي سربت مضامين تقريره، خاصة أن ذلك من شأنه ضرب مصداقية مؤسسة دستورية، أراد لها المشرع أن تكون ضامنا للشفافية وحارسا على احترام ضوابط المنافسة بالأسواق، ومكنها من سلطات تقريرية في هذا المجال، للاضطلاع بالمهام المنوطة بها على الوجه الأمثل. يعتبر تسريب المعطيات المتعلقة بتقرير مجلس المنافسة، مسا خطيرا بمبدأ سرية الأبحاث، ويفرض على النيابة العامة التحقيق في الأمر، خاصة أن توقيت الكشف عن خلاصات البحث يوحي بأن الجهة التي تقف وراء الترويج لمضامين التقرير، قبل جلسة البت فيه، تسعى إلى توجيه الرأي العام وتأليبه ضد شركات التوزيع، للضغط على مجلس المنافسة لاتخاذ قرارات مشددة تحت تأثيرات الشارع. ولا تخفى على أحد الأبعاد السياسية التي اتخذها هذا الملف، الذي تحول إلى سلاح تستعمله أطراف حزبية، من أجل تصفية حساباتها مع خصومها السياسيين، إذ بادر العدالة والتنمية إلى المطالبة بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في وضعية المنافسة والأسعار داخل قطاع المحروقات، وترأس المهمة البرلمانية الاستطلاعية في شخص عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب "المصباح" بمجلس النواب، وسبقت ذلك اتهامات لأرباب شركات التوزيع من قبل "الذباب" الإلكتروني التابع للحزب، في محاولة لمص غضب الشارع على الحزب، بعدما قرر سحب الدعم بشكل كلي ومتسرع عن المحروقات دون توفير الشروط الملائمة للمنافسة داخل القطاع. لكن تشكيلة اللجنة المتوازنة حالت دون تسييس الملف، إذ برأت خلاصات التقرير شركات المحروقات من أي تفاهمات حول السعر، وأكدت أن الأسعار تعتبر أقل من تلك المطبقة في عدد من البلدان غير المنتجة للنفط. وعادت آلة التأليب لتشتغل من جديد، بعد انتهاء مجلس المنافسة من البحث في الملف ذاته وانتهاء اللجنة المكلفة به من إعداد تقريرها، ليتم تسريب خلاصاته والترويج لها على نطاق واسع، لإذكاء غضب الشارع على موزعي المحروقات، والضغط على مؤسسة دستورية، بما يخدم مصالح وأجندة أطرافا سياسية. سيضع ملف المحروقات مجلس المنافسة على المحك، فإما أن يكون مؤسسة مستقلة برأيها وقادرة على اتخاذ قراراتها بعيدا عن أي ضغوطات، أو سيتحول إلى صدفة فارغة، علما أن أي قرارات مبالغا فيها ضد الشركات المعنية بالملف لإرضاء الشارع، ستكون لها تبعات اقتصادية واجتماعية وخيمة. عبد الواحد كنفاوي

لهيب “المحروقات” يصل القضاء

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التجميل عند الرجال ... من الترميم إلى التجميل

الزمامرة يرفع وتيرة تحضيراته

مقالات ذات صلة