المقاهي … غموض وصعوبة استئناف العمل

أرباب مقاه ونوادل ضحايا الخوف من المجهول وآخرون يقاطعون الطلبات المحمولة عادت رائحة البن، منذ نهاية ماي الماضي، لتنساب من جديد من المقاهي التي أغلقت، منذ بضعة أشهر، لتفتح أبوابها مجددا في وجه الزبائن، الذين أعياهم تحضير القهوة المنزلية، وظل الحنين دائما يشدهم إلى منظر كأس القهوة بسوادها المغري، وهي محمولة على صينية النادل. ورغم أن الفرحة لم تكتمل بالعودة النهائية لاحتلال طاولات وكراسي المقاهي من جديد، إلا أن مشهد معانقة كأس القهوة من جديد ولو تعلق الأمر بقهوة محمولة على عجل خارج المقهى. وبعيدا عن عوالم التندر الفيسبوكي، يجد مهنيو المقاهي، وصناع مشروباتها، أنفسهم أمام وضع لا يحسدون عليه، وفق شهادات العديدين منهم، بمن فيهم أرباب المقاهي والنوادل، الذين لا يخفون قلقهم من المستقبل الغامض الذي ينتظرهم، بعد أسابيع طويلة من الانتظار تركوا فيها لمواجهة مصيرهم أمام التراكمات المالية الكبيرة والواجبات والفواتير بالنسبة إلى أصحاب المقاهي، وهو ما أدى بهم بشكل تلقائي إلى عجزهم عن تحمل مصاريف أجور مستخدميهم الذين ظلوا الحلقة الأضعف والأكثر تضررا في هذه المعادلة. "وجدنا أنفسنا بعد أسابيع من الانتظار والقلق، نفاجأ بسماح الحكومة والسلطات لنا بالاقتصار على تسليم الطلبات المحمولة وخدمات التوصيل إلى الزبناء، معتقدين أن هذا الإجراء كفيل بإخراجنا من الأزمة التي نتخبط فيها وخطر السكتة القلبية المحدق بنا" يقول محمد صاحب مقهى بحي البرنوصي بالبيضاء. ويضيف "واهم من يعتقد أن الطلبات المحمولة حل ناجع لتخفيف الضرر عنا، إذ أننا لجأنا إلى هذا الخيار هربا من الملل والخوف القاتل من المستقبل المجهول الذي يخيم علينا، وفقط لكي لا نطيل أمد مكوثنا في البيوت، لأن هذا الإجراء وكذلك قلة الزبائن المقبلين أصلا على هذه الخدمات، لا يكفيان حتى لتغطية مصاريف التنقل من البيت وتجشم عناء فتح المحل في انتظار الذي يأتي ولا يأتي". ويتابع المتحدث نفسه أنه "رغم أن العديد من القطاعات تضررت دون استثناء، إلا أن قطاع المقاهي لن يستعيد حياته وسيره الطبيعي بسهولة، بالنظر إلى حجم الأعطاب التي لحقته، والمصائب التي ما زالت قائمة بحكم ضبابية المشهد والتشاؤم الذي يخنق المشتغلين بالقطاع". وفي السياق نفسه قال رشيد، مسير مقهى بعين السبع، في حديث مع "الصباح"، إن المقاهي وبالوضعية الحالية بعد حوالي أسبوعين من الاشتغال بنظام الطلبيات الخارجية، لم تفلح حتى في مداواة جراح النوادل الذين عانوا الأمرين خلال فترة الحجر الصحي، ووجد الكثيرون منهم أنفسهم عرضة للضياع وقاب قوسين من التشرد، بعد أن كانت المقاهي تضمن لهم قوتهم اليومي". عزيز المجدوب وأضاف رشيد إن العديد من أرباب المقاهي اضطروا إلى التعامل مع النوادل كفرد من العائلة، ومنهم من كان يتكفل بإعالتهم بطريقته الخاصة قدر المستطاع، لكن آخرين رفعوا الراية البيضاء، بعد أن وجدوا أن مدخراتهم التي حاولوا أن يواجهوا بها فترة الحجر قد نفذت، فلم يعد بإمكانهم إعالة حتى أنفسهم فبالكاد تحمل مصاريف الآخرين، وهو ما جعل العلاقة بين الطرفين تتسم بالتوتر وانعدام الثقة. ويتابع المسير الشاب أن هذا الوضع يجعل إمكانية استئناف العمل صعبة وسط هذه الضبابية، خاصة أن الجمعيات التي تتحدث بأسماء المهنيين وتحاور باسمهم الجهات الوصية، لم تتوصل لحد الآن إلى صيغة تمكنها من وضعهم في الصورة وإعطائهم الملامح العامة لما سيكون عليه المستقبل القريب، سيما أن عودة الحياة إلى وتيرتها الطبيعية، لن يعفي القطاع من المشاكل التي باتت تتفاقم يوما بعد آخر ولن يوقف نزيفها. وفي الوقت الذي شرعت فيه مقاه بالعديد من الأحياء الشعبية بتقديم خدمات الطلبات المحمولة، فضلت مقاه أخرى داخل المجال نفسه الاستمرار في إغلاق أبوابها والاستغناء عن هذا الإجراء المؤقت، كما هو الشأن بالنسبة إلى مقاهي ساحة السراغنة، التي ظلت طيلة عقود عنوانا لهوية المكان، بمشهدها المثير، وتتنافس على تقديم أصناف عديدة من القهوة، يحج إليها عشاقها من كل صوب وحدب، كًّل يقصد مقهاه المفضلة. كل هذا صار في حُكم الحجر وكأن أرباب تلك المقاهي اتفقوا على تمديد حجرهم، لتستمر الساحة في غفوتها بعيدا عن رائحة البن التي هجرتها حتى إشعار آخر، بعد أن وجد صناع القهوة صعوبة في الوقوف على أقدامهم والسير من جديد. الراية البيضاء قال رشيد إن العديد من أرباب المقاهي اضطروا إلى التعامل مع النوادل ك"فرد" من العائلة، ومنهم من كان يتكفل بإعالتهم بطريقته الخاصة قدر المستطاع، لكن آخرين رفعوا الراية البيضاء، بعد أن وجدوا أن مدخراتهم التي حاولوا أن يواجهوا بها فترة الحجر قد نفدت، فلم يعد بإمكانهم إعالة حتى أنفسهم فبالكاد تحمل مصاريف الآخرين، وهو ما جعل العلاقة بين الطرفين تتسم بالتوتر وانعدام الثقة. ويتابع المسير الشاب أن هذا الوضع يجعل إمكانية استئناف العمل صعبة وسط هذه الضبابية، خاصة أن الجمعيات التي تتحدث بأسماء المهنيين وتحاور باسمهم الجهات الوصية، لم تتوصل لحد الآن إلى صيغة تمكنها من وضعهم في الصورة وإعطائهم الملامح العامة لما سيكون عليه المستقبل القريب، سيما أن عودة الحياة إلى وتيرتها الطبيعية، لن تعفي القطاع من المشاكل التي باتت تتفاقم يوما بعد آخر ولن توقف نزيفها. وفي الوقت الذي شرعت فيه مقاه بالعديد من الأحياء الشعبية بتقديم خدمات الطلبات المحمولة، فضلت مقاه أخرى داخل المجال نفسه الاستمرار في إغلاق أبوابها والاستغناء عن هذا الإجراء المؤقت، كما هو الشأن بالنسبة إلى مقاهي ساحة السراغنة، التي ظلت طيلة عقود عنوانا لهوية المكان، بمشهدها المثير، وتتنافس على تقديم أصناف عديدة من القهوة، يحج إليها عشاقها من كل صوب وحدب، كًّل يقصد مقهاه المفضلة. كل هذا صار في حُكم الحجر وكأن أرباب تلك المقاهي اتفقوا على تمديد حجرهم، لتستمر الساحة في غفوتها بعيدا عن رائحة البن التي هجرتها حتى إشعار آخر، بعد أن وجد صناع القهوة صعوبة في الوقوف على أقدامهم والسير من جديد. عزيز المجدوب

المقاهي … غموض وصعوبة استئناف العمل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حجي يتوسط لبيع الكوكب لأجانب

أرباب المقاهي والمطاعم ... مصير مجهول

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات