سوق بنجدية … خرق الطوارئ بـ”العلالي”

اكتظاظ غير مسبوق وعدم احترام تدابير الوقاية من قبل المواطنين والباعة إنجاز : مصطفى لطفي جسد سوق بنجدية بالبيضاء، التفعيل الحقيقي لخرق حالة الطوارئ الصحية، المفروضة من الدولة لمواجهة وباء "كورونا". بعد الزوال، يتحول السوق إلى قبلة لعشرات المواطنين والباعة الجائلين، ليشهد ذروة الإقبال بعد صلاة العصر. اكتظاظ كبير للمواطنين أمام المحلات التجارية، والمخابز والجزارين، دون احترام المسافة للوقاية من الإصابة بالعدوى، تشعر كأن همهم تأثيث مائدة الإفطار، بما لذ وطاب من الأكل، ولو على حساب حياتهم. القيام بجولة بهذا السوق يدفع المرء إلى وضع يده على قلبه خوفا من أن يكون التقط عدوى الفيروس، بسبب عدم التزام البعض حتى بأبسط تدابير الوقاية، وهي وضع الكمامة والاستعانة بمواد التعقيم بعد القيام بأي عملية تجارية أو مهمة، تشعر أن العناية الإلهية تتدخل لمنع انفجار قنبلة العدوى بهذا السوق، بحكم مستوى الاستهتار الذي تفنن في ممارسته مواطنون وباعة. كورونا يهدد بنجدية لسوق بنجدية شهرة واسعة بالبيضاء، بسبب جودة المنتوجات التي تعرض فيه، فهي رمز للجودة رغم أثمنتها المرتفعة قليلا مقارنة مع أسواق أخرى. الانتقال إلى المنطقة عبر سيارة ضرب من الخيال بسبب الازدحام الشديد والفوضى، لكن بعد فرض السلطات الحظر الصحي الشامل بسبب جائحة "كورونا"، توهم العديد من الأشخاص أن السوق بسبب هذا الطارئ سيفقد زبناءه وشعبيته الجارفة، نتيجة التزام المواطنين بقرارات السلطة، لكن كل هذا كان من ضرب الخيال. من بين الأشخاص الذين كان لهم هذا الاعتقاد، سعيد، مستخدم بشركة، إذ في طريق عودته إلى منزله بعد يوم شاق في العمل، قرر المرور من منطقة بنجدية للوصول إلى شارع محمد الزرقطوني. اعتقد أن هذا المسار لن يكلفه سوى دقائق معدودة بسبب الحظر الصحي، على نقيض الحقبة السابقة التي كان اختراق شوارعها في ظرف قياسي يعد ضربا من الجنون. وبمجرد أن اقترب من السوق الشهير بالمنطقة، وجد نفسه عاجزا عن التحرك بسيارته أو القيام بأي مناورة للعودة من حيث أتى، إذ أن انتشار الباعة الجائلين والعشرات من المواطنين تسبب في عرقلة سير قوافل من السيارات، التي أجبرت عل التوقف فترة طويلة قبل أن تواصل سيرها كأنها سلاحف تزحف. انتاب سعيد خوف شديد، سيما عندما عاين مواطنين دون كمامات، فأغلق نافذة سيارته على الفور.استغرق سعيد أزيد من ربع ساعة للوصول إلى شارع الزرقطوني، وقتها أدرك أن رفع الحجر الصحي من قبل السلطات بيد الله. منطقة محاصرة في جولة ميدانية إلى سوق بنجدية، يكتشف المرء أن ما يروج له في وسائل الإعلام حول التزام المواطنين بالحظر الصحي مجرد وهم. تحول السوق إلى قبلة للمئات من المواطنين من الجنسين والأعمار، يأتونه من كل فج عميق لاقتناء المواد الغذائية والخضر واللحوم والفطائر. يشهد الفضاء حركة غير عادية للمواطنين بين مرافقه والمحلات التجارية التابعة له، في حين انزوى عدد من الباعة الجائلين بعيدا عنه، يعرضون الخضر والفواكه من مختلف الأنواع، وعيونهم ترصد تحركات رجال السلطة والأمن لتفادي أي مفاجأة منهم. ما زاد في الإثارة أكثر في هذا المشهد السوريالي، وضع السلطات المحلية حواجز حديدية لمنع سيارات من المرور من بعض الأزقة، إلا أن هذه المبادرة إن كانت فعالة، فإن السوق وضع تحت حصار من نوع خاص، ساهم في ازدحام شديد، بعد أن أجبر العشرات من المواطنين على التنقل والتحرك داخل مساحة صغيرة. يتجول المواطنون داخل السوق وبجنباته، بكل حرية، لا يبدو على ملامحهم خوف من الوباء، صحيح أن أغلبهم التزموا بوضع الكمامات ، إلا أن طريقة وقوفهم أمام المحلات التجارية، تثير الهلع، فليس هناك احترام للمسافة المسموح بها لتفادي العدوى، أي أزيد من متر. اكتظاظ بالمحلات التجارية أول ما يثير الانتباه بسوق بنجدية، الاكتظاظ الكبير بالمحلات التجارية. كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا، مواطنون يسارعون الزمن لاقتناء ما يحتاجونه من سلع وخضر وفواكه. أمام محل لبيع الزيتون كان الوضع أكثر إحراجا، أزيد من عشرة مواطنين تزاحموا بطريقة تهدد حياتهم لاقتناء ما يحتاجونه، في لحظة دخل أحدهم في نقاش حاد مع شخص قريب منه، بعد الاختلاف حول من له الأسبقية، إلا أن تدخل مواطنين نجحوا في تهدئة الوضع وتجنيب المتخاصمين عراكا مجانيا. الانتقال من محل إلى آخر، يشهد عرقلة بسبب انتشار باعة جائلين في الفضاء، الذي يفصل بين هذه المحلات، منهم من عرض بضاعته على الأرض وآخرون على عربات. الفوضى تشهدها أيضا المخابز ومحلات لبيع الفطائر بالمنطقة، إقبال غير عاد وزحام شديد، الكل تخندق في تجمع لانتظار دوره، دون اتباع تعليمات السلطة باحترام الدور ووضع المسافة بين المواطنين من باب الأمان، إذ تشعر أن الكل ما زال يحن إلى الحقبة السابقة على تفشي وباء "كورونا". ولم تسلم محلات الجزارة أيضا من هذا السلوك، رغم محاولة بعض مسيريها فرض النظام وإلزام مواطنين على الدخول بالتناوب واحترام المسافة القانونية، لكن من ظل ينتظر دوره خارج المحل تسبب في فوضى بشكل مقصود أو غير مقصود، عبر إحداث تجمعات صغيرة، انخرط أفرادها في نقاشات ومحادثات ثنائية دون احترام مسافة الأمان. عالم فريد داخل السوق داخل السوق كان الوضع لا يطاق، اكتظاظ كبير للمواطنين، ساهم فيه ضيق الممرات، ما يؤدي إلى اقتراب بعضهم البعض لمسافة تهدد حياتهم. هذا الاكتظاظ، والذي يصل في بعض الأحيان إلى حد تطوع أحد المارة لفسح المجال لآخرين للمرور بسبب ضيق الممرات، كان هذا الأمر شائعا بالسوق منذ سنوات، لكن بحكم الظرفية الحالية نتيجة انتشار وباء "كورونا"، صار هذا السلوك غير مبرر. بعيدا عن السوق، انتشر العشرات من الباعة الجائلين، الذين تنافسوا في عرض منتجاتهم وعرضها بأثمان مغرية لجلب الزبناء. التفت حول عرباتهم أعداد كبيرة من المواطنين، في عملية توحي بنوع من المغامرة، لعدم احترامهم مسافة الأمان.

سوق بنجدية … خرق الطوارئ بـ”العلالي”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لناشرة أخبار زائفة

الجماعات الترابية ... الفيروس يسقط قوانين تنظيمية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات