التاريخ السري للشبيبة الإسلامية 6 … لغز اغتيال بنجلون

مطيع أقر بكره الزعيم الاتحادي لكنه نفى التخطيط لقتله يهدف عبد الرحيم مهتاد، أحد رموز تنظيم الشبيبة الإسلامية، من خلال هذه الحلقات، توجيه رسائل إلى الشباب المغربي، مفادها ضرورة التعامل بذكاء وحذر مع رسائل الاستقطاب من أي تنظيمات سياسية أو دينية أو أجهزة أجنبية، لتفادي المصير الذي عاشه رفقة باقي أعضاء التنظيم. يؤمن مهتاد بفكرة أن «اللعب» مع هذه الأجهزة والتنظيمات المتطرفة، يشبه رمي الصياد الطعم في صنارته للسمكة، إذ أنها تتمهل في أكلها، ولما تقع في الفخ، تكون أمام ثلاثة احتمالات صادمة، إما أن تؤكل أو يتم الاحتفاظ بها في مجمد لمدة طويلة، أو تستعمل طعما للإيقاع بفرائس أخرى. مصطفى لطفي يبقى ملف اغتيال القيادي الاتحادي عمر بنجلون لغزا محيرا إلى اليوم، إذ ما زال مطيع يتبرأ من هذه الجريمة، رغم تنفيذها من قبل عناصر التنظيم، منهم من ما يزال على قيد الحياة. كان هذا الملف يثيرني بشدة، وخلال مرافقتي لمطيع لأزيد من عشر سنوات في المنفى، كنت أستغل أي فرصة لأفاجئه بسؤال إن كان متورطا. وشهادة لله، خلال هذه المدة الطويلة، كان يقر صراحة بكرهه للقيادي الاتحادي، وأنه كان "باغيها فيه"، إذ كان دائما يردد عبارة "سرو تقتل"، لكنه لم يعترف يوما أنه من خطط أو أصدر تعليمات باغتياله، بل تشعر من موقفه أن جهات نجحت في توريط الشبيبة الإسلامية في هذا الاغتيال. وهذا ما اتضح لي في ما بعد، أي بعد سنوات التقيت المتهمين بقتل عمر بنجلون، وخلال حواراتي معهم، أكدوا أنهم لم يتوصلوا بأي توجيهات من مطيع لقتل بنجلون، بل التوجيهات كانت تأتي من عبد العزيز النعماني، وهو قيادي شاب في التنظيم، كان مسؤولا على خليتهم، والذي يعد الحلقة المفقودة في هذا الملف، وزاد اغتياله في ظروف غامضة بفرنسا 1985، في طمس الحقيقة وتحويل الملف إلى لغز صعب الحل، خصوصا في ما يتعلق بعلاقته برموز في الدولة، وفرت له الحماية بعد عملية الاغتيال. وأود توضيح مسألة في غاية الأهمية، وهي أن جميع المخابرات العالمية تعمل بقاعدة "الحلقة المفقودة"، وهم أشخاص يتم تجنيدهم للقيام بمهام خاصة، أو قذرة، وبمجرد تنفيذها، يتم اغتيالهم أو إخفاؤهم في ظروف مجهولة، فتضيع الحقيقة مع غياب "الحلقة المفقودة"، وهو الأمر الذي حدث مع عبد العزيز النعماني. وبالتالي حسب وجهة نظري، يحتمل أن يكون مطيع ضحية أجهزة في الدولة، استغلت نيته في إزاحة عمر بنجلون من المشهد السياسي، ليجد نفسه في الأخير متورطا. ولتبرئة نفسه من اغتيال عمر بنجلون، أصدر عبد الكريم مطيع كتابا أسماه "المؤامرة ضد الشبيبة الإسلامية"، تطرق فيه إلى جميع معطيات القضية، وأضاف أخرى ظلت لغزا إلى اليوم، وهي أن خشان، أحد المتابعين في الملف، والذي فارق الحياة في السجن، اعترف في محاضر الضابطة القضائية، أنهم كانوا يختبئون في دائرة أمنية، قريبة من محل سكنى عمر بنجلون، قبل تنفيذ عملية اغتياله. كما قلت، فقضية عمر بنجلون، ستظل لغزا، لأن أي بحث أو تحقيق فيها، يصل دائما إلى نقطة الصفر، بل حتى خلال محاكمة قتلته، انسحب القيادي الاتحادي الكبير عبد الرحيم بوعبيد من هيأة الدفاع، احتجاجا على غياب وثائق، قال إنها مهمة في الملف. كما أن مطيع عندما أسس الشبيبة الإسلامية، ظل محافظا على شعرة معاوية مع التيار العلماني المغربي والعديد من أصدقائه اليساريين، لكن كان أكبر منافس له في المشهد السياسي، هو عمر بنجلون، إذ بينهما خلاف إيديولوجي واضح جدا، لكن هذا لم يكن مبررا لقتله، الأكيد بحكم تجربتي وعلاقتي مع مطيع، أن حقيقة ملف عمر بنجلون اختفت مع اغتيال عبد العزيز النعماني.

التاريخ السري للشبيبة الإسلامية 6 … لغز اغتيال بنجلون

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مونديال "فوتصال" في شتنبر 2021

بولعيش: الفساد والريع ينخران كرة السلة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات