وهج السلطة الخداع يورط نخبا في ممارسات قذرة

نظام الإغراءات والامتيازات والمنافع يسهل السقوط في الهاوية في البلد السعيد تسود ثقافة واعتقاد راسخين أن الحدود بين حالة القانون واللاقانون تكاد تنعدم، أو لا يراها إلا كل ورع لا يملك إلى الحصانة الدستورية والقانونية والسياسية سبيلا مضمونا. درجات سلم الارتقاء الاجتماعي تختلط فيها الوجاهة بالمال والعلاقات المصلحية بالدهاء والمكر والتآمر، مع القليل من الذكاء والنظر الثاقب، ونصيب غير يسير من الحظ والحظوة لدى جهات تستقطب كل من ترى فيه القدرة و"الأهلية" لخدمة أجنداتها المعلنة والخفية؛ باذلة إزاء ذلك الكثير من الإغراءات العينية والمادية ومزيد من الوعود بوجاهة أكبر وثراء أوسع وسلطة أوثق ونفوذ أشمل .إنها إغراءات ووهج السلطة الخداعة التي تستدرج الأعيان وقادة الأحزاب السياسية وزعماء الهيآت النقابية ومناضلي الحركات اليسارية ورواد الحركات الثقافية والأدبية والفنية. إنه سحر السلطة الذي ينجذب إليه ضعاف النفوس وعديمو الضمائر ويحومون حوله كما تحوم العقبان والغربان حول جيف الأنعام والضواري المتعفنة، ولا يقوى على مقاومته إلا قليلون في قلوبهم كثير من القناعة والأنفة والكبرياء، وهم على أي حال قلة قليلة لم يعد لمبادئها وقناعاتها وقيمها صيت، أو وزن في مجتمع تغلغلت في أوساطه القيم المادية حتى صارت تجري في عروقه مجرى الدم..هذه بعض من العوامل التي قد تقارب تفسير انجراف الكثير من رجالات الدولة والسياسة والزعماء النقابيين والنشطاء الحقوقيين وراء سلطة خادعة، متناسين أن من عبد لهم سبيل بلوغ ما وصلوا إليه سينقلب عليهم أيما انقلاب عندما يبلغ العد العكسي للعقدة المصلحية بينهم منتهاه... وذلك مصير كل أفاق كذاب باع قضيته ومبادئه بثمن بخس، واختار أن يردف ذلك ببيع روحه للشيطان، أو بالأحرى الشياطين.. الحمر منها أو حتى السود.لا وزن للماضي النضالي، أو الإرث السياسي شبه المشرف، طالما أن المقابل مغر يسيل اللعاب. فمن سيلتفت إلى زمن النضال وشعارات العدل والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات وإرساء أسس النظام الديمقراطي الناظم للعلاقات بين الحاكم بأمره والمحكومين، فيما الإغراءات كثيرة ووافرة تُمنح بسخاء وجود لا يقاومان؟فهي تتوزع بين المناصب الوزارية والسياسية وكل أشكال ريع مقدرات البلاد، سواء رخص الصيد في أعالي البحار، أو مقالع الرمال أو الرخام أو الجبص أو "التوفنة"... ومأذونيات النقل للحافلات الرابطة بين كبريات المدن... هذا دون إغفال التعويضات المالية التي تُصرف من صناديق سيادية سوداء لا يعلم مخابئها وأوجه التصرف فيها وهوية المنتفعين منها إلا الماسكون بخيوط لعبة توصف، بهتانا، بالسياسية، يضيف إليها بعض المتندرين وصف "القذرة"...اللاعب السياسي الأبرز لا يستهين بزملائه وخصومه ورفاقه وإخوانه في الساحة السياسية، كما يعرف جيدا أن جانبهم لا يُؤْمن، وهو لأجل ذلك يغض كثيرا وطويلا الطرف، ويمتطي ظهر نصوص قانونية وفصول دستورية قابلة للمط والتأويل في الاتجاه الذي يقتضيه الهوى والظرف الزمني والسياسي وهو في ذلك رابح لا خاسر، في المديين القريب والمتوسط على الأقل. الخاسر هو من أبهره وهج السلطة والنفوذ والوجاهة الخداع، وهو جاهل أن بساط الخديعة والتحايل والدسيسة والتآمر والانبطاح الذي وصل على متنه إلى الجاه والثروة قابل للسحب، كلما رأى اللاعب الأكبر أن الظرفية وموازين القوى تقتضي إدخال رتوشات تغيير وتصويب لبعض الأوضاع، ليس رغبة منه في الإصلاح الحقيقي والمأمول، بل فقط من أجل ذر الكثير من الرماد في العيون... المصابة أصلا بالرمد.محمد أرحمني

وهج السلطة الخداع يورط نخبا في ممارسات قذرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الدولة الغنائمية" تنتج سياسيين بشهية مفتوحة على الفساد

سياسيون في قفص الاتهام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات