محلات تجارية بآسفي تعيد موتى اليهود إلى الواجهة

أملاكهم بيعت في المزاد العلني والمحكمة الابتدائية رفضت إفراغ المكترين والاستئنافية قبلت طالما افتخر سكان آسفي بعلاقات التعايش مع اليهود المغاربة، فقد جمعتهم علاقات إنسانية وتجارية يحكي الباحثون تفاصيلها بكثير من الفخر، قبل أن تنقلب الأوضاع رأسا على عقب، خلال السنين الأخيرة، وأصبحت ممتلكاتهم مثار دعاوى أمام القضاء أو أدت إلى مآس اجتماعية.إحدى هذه القضايا الشائكة ما يعرف بمحلات بيع الفحم الخشبي في كورنيش المدينة، ففي سنة 2004 قررت محكمة الاستئناف بآسفي اتخاذ إجراءات تنفيذية لسمسرة علنية لبيع عقار بحي تراب الصيني بحضور عدد من المتزايدين. وصل الخبر إلى جميع المستثمرين، إذ أسال العقار لعابهم، خصوصا أنه عبارة عن منشآت بنائية متلاشية، منها ما هو مسقوف بالخرسانة المسلحة وآخر بالطوب، ومنها ما هو مغطى بألواح قصديرية، والأخيرة عبارة عن مستودعات كبيرة تمارس فيها بعض الأنشطة التجارية، مثل بيع الفحم الخشبي، ولها ثلاث واجهات مساحتها الإجمالية 126 أر و605 سنتيار.حدد خبير المحكمة الثمن الافتتاحي للعقار في حوالي مليون و590 ألف درهم، وانطلقت المزايدة، فكان أعلى عرض من قبل مندوب إحدى الشركات بالبيضاء الذي حدد المبلغ في مليون وستمائة وخمسة آلاف درهم.لم يعلم المشترون أو القاطنون بالعقار أن نهاية المزايدة واقتناء العقار بمثابة بداية مشاكل عديدة دامت عدة سنوات، ووصل صداها إلى المحاكم وتداول تفاصيلها أعضاء لجنة من وزارة العدل.انطلقت "الأزمة" حين حاولت الشركة، التي اقتنت العقار، استغلال المحلات التجارية التي تعود ملكيتها إلى أحد اليهود المغاربة، إلا أنها وجدت نفسها في مواجهة مكتري المحلات الذين رفضوا مغادرتها، مستندين إلى عقود تجمعهم بالمالكين الأصليين.رفعت الشركة المالكة للعقار دعوى لإفراغ المحلات التجارية، فواجهها المتكرون بوثائق تشير إلى أنهم لا يحتلون المحلات، بل إن مورثيهم كانوا على علاقة كرائية بالمالكين الأصليين للعقار، وأن هذه الأملاك مؤسس عليها أصل تجاري، ومازالوا مستمرين في مزاولة النشاط التجاري نفسه حسب ما يشير إليه السجل التجاري، وأنهم لم يتم تفويته للغير، ولم يقوموا بكرائه لأشخاص آخرين، في حين أصرت الشركة صاحبة العقار على أنها فوجئت بالمدعى عليهم يحتلون العقار، دون أن تربطهم أي علاقة تعاقدية، وفي سنة 2008 تقدمت الشركة بمقال إصلاحي أمام هيأة المحكمة أكدت فيه أنها فوتت العقار إلى شركة جديدة، مشيرة إلى أن المدعى عليهم عمدوا إلى كراء بعض المرافق التابعة للعقار المحتل إلى الأغيار، وأن سبب وجودهم هو الكراء من الباطن، والتمست الحكم بإفراغهم من المحلات التجارية.واجه المدعى عليهم كل ادعاءات الشركة، وتقدموا أمام هيأة المحكمة بوثائق تؤكد أنهم يشغلون العقار منذ 50 سنة، وله أصول تجارية، كما أن العلاقة الكرائية ثابتة، وأدلوا بطلب استيفاء الوجيبة الكرائية. وبعد إدراج القضية أمام المحكمة الابتدائية أصدرت الأخيرة حكمها بقبلو طلب الشركة شكلا ورفض موضوعه، أي استمرار المكترين في مزاولة أنشطتهم بالمحلات التجارية، ثم فجأة انقلبت الأوضاع رأسا على عقب خلال المرحلة الاستئنافية، حينما حكمت هيأة المحكمة بإفراغ المكترين من محلاتهم التجارية.انتابت حالة من الغضب محامي المدعى عليهم ومكتري المحلات التجارية. وقال أحدهم في لقاء مع "الصباح" إنهم اكتروا المحلات من يهوديين يدعيان "ماي" و"فكيك"، وحين توفيا سافر الأبناء إلى خارج المغرب، إلا أن علاقة الكراء لم تنته، إذ واصل المكترون أداء الواجب شهري المحدد في 150 درهما، مقابل الحصول على وصل الأداء مسلم من طرف محامي الأبناء، مشيرا إلى محاولات تسوية الشركة معهم لم تفض إلى أي نتيجة، إلا أنه لأسباب، يرونها غامضة، حلت في السنة الماضية آلات لهدم محلاتهم، قبل أن تتراجع أمام احتجاج المكترين.مآس اجتماعية كثيرة خلفها حكم محكمة الاستئناف بإفراغ المحلات التجارية، علما أنها مصدر رزق الوحيد للعائلات، لكنها في الوقت نفسه أثارت استغراب أحد محامي المدعى عليهم ودفعته إلى الاحتجاج، وتسليم ملف إلى مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الذي بعث لجنة من أجل الاطلاع على الاختلالات التي طبعت حكم هيأة المحكمة الاستئناف.لم يخف أحد المتتبعين أن تعدد الدعاوى القضائية حول أملاك اليهود خلق حالة من الالتباس في صفوف السكان الذين وجدوا أنفسهم في متاهة مظلمة بعد أن انقطعت كل علاقاتهم باليهود. خالد العطاوي

محلات تجارية بآسفي تعيد موتى اليهود إلى الواجهة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يهود آسفي تعايشوا مع السكان وامتلكوا الأراضي

أملاك اليهود بين أطماع شبكات النصب ولوبيات العقار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات