سيدي الطيبي … قنبلة موقوتة

جماعة تجاور العاصمة تعيش وضعا بيئيا واجتماعيا خطيرا وسكانها على صفيح ساخن يعيش سكان جماعة سيدي الطيبي، البعيدة عن العاصمة الرباط ب 27 كيلومترا، وضعا مزريا وخصاصا مهولا في جميع المرافق العمومية والاجتماعية دون استثناء. ولم يشفع لها قربها من العاصمة، وتعليمات الملك محمد السادس، في انتشالها من الوضع الاجتماعي المتردي، رغم برنامج إعادة تهيئتها، بل إن المشاكل تزداد اتساعا، مع مر السنين، إلى درجة يمكن اعتبارها جماعة منكوبة، رغم ما تزخر به من إمكانيات. إنجاز: صلاح الدين محسن - تصوير(عبد المجيد بزيوات) يعد مشكل النقل بجماعة سيدي الطيبي جزءا لا يتجزأ، مما يعانيه سكان القنيطرة، أقرب مدينة حضارية إليها، خاصة ضمن المقطع الرابط بينهما، إذ أن الطلبة والموظفين يواجهون معاناة يومية في التنقل، ولولا تدخل بعض الشركات الخاصة وبعض السائقين لكاد الأمر يتحول إلى كارثة، بعدما فكوا العزلة بشكل نسبي. ويؤثر مشكل النقل حاليا على سكان جماعة سيدي الطيبي بشكل كبير، خاصة من الناحية المالية، إذ أنه يكلف الجميع طلبة وموظفين ومستخدمين خمسة دراهم للرحلة الواحدة، ومنهم من يؤدي 20 درهما لإجراء أربع رحلات، الشيء الذي يؤثر على القدرة الشرائية للسكان، علما أن أغلبهم من الطبقة الفقيرة والمعوزة. ولم يتدخل المجلس الجماعي لسيدي الطيبي لإجراء شراكات مع شركات الخواص، لتخفيض ثمن الرحلة، كما هو الشأن بالنسبة إلى جماعة مهدية، التي تدخل مجلسها لتخفيض الرحلة إلى أربعة دراهم، كما أن هذه الشركات لا تشتغل ليلا. ويقول لحسن العسقلاني، مستشار جماعي، لـ «الصباح» إن مشكل النقل بسيدي الطيبي كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، بالنظر إلى ما يعيشه المواطن يوميا بسبب التنقل إلى القنيطرة، في غياب تام لدور المجلس الجماعي لحل هذه المعضلة. وأضاف العسقلاني أن سكان سيدي الطيبي يعيشون عزلة كبيرة، في ظل غياب أي بادرة من المجلس، وضعف الدخل الفردي للسكان، إذ أن هناك من يتقاضى 80 درهما، ويشتغل في الرباط، وعليه أن يقتات منها ويتنقل منها، ويصرف بها لتغطية حاجياته اليومية. واعتبر جمال العويني، رئيس جمعية العائلة الخضراء المتحدة، أن وجود العربات المجرورة بالحصان بكثرة في سيدي الطيبي مرده إلى عدم وجود بديل، بين مختلف الدواوير المحيطة به، ويتعلق الأمر بالماكينة والحنشة وولاد الطالب الغربية والشرقية وولاد سبيطة، كل سكان هذه الدواوير يفضلون التنقل في العربات بدرهم ونصف عوض خمسة دراهم في سيارة الأجرة، بسبب ضعف الدخل، مشيرا إلى أن القائد أحمد أنجار السوسي تدخل وحدد لهم موقفا بالقرب من سيدي الطيبي، ومنع عليهم الدخول إلى وسط الجماعة، ونظم تحركاتهم، بدلا من المجلس الجماعي. وأبدى جمال العويني، رئيس جمعية العائلة الخضراء المتحدة، أسفه على عدم توفر سيدي الطيبي على محطة قطار صرفت عليها الملايين أخيرا، من أجل إصلاحها وتجديدها، غير أنها مقفلة، وكان بإمكان المجلس التدخل لفتحها في وجه الطلبة على الأقل، والشيء نفسه بالنسبة إلى الطريق السيار، إذ لا توجد أي روابط تربط الجماعة به، كما هو الشأن بالنسبة إلى بوقنادل. "لا ما لا ضو" كشف العسقلاني أن جماعة سيدي الطيبي تتوفر على فرشة مائية قوية، لكن ذلك لم يشفع لسكانها في الاستفادة منها، بسبب غياب دراسة تمكن من استغلالها بطريقة صحيحة، بل إن هذه الفرشة قد تتحول إلى نقمة أثناء سقوط أمطار غزيرة على المنطقة. وأوضح العسقلاني أن السكان يضطرون يوميا إلى التنقل لجلب الماء من الحنفيات القريبة من أحيائهم، لأن جميع الأحياء غير مجهزة، في انعدام تام لأبسط الإجراءات الصحية، التي تقيهم التعرض لأمراض خطيرة، وأن أحياء مالوط من 1 إلى 8 والقطاع 9 و32، هي المحظوظة في التجهيز بالماء. وأضاف العسقلاني أنه يضطر يوميا إلى حمل قنينات بلاستيكية في سيارته لتعبئتها بالماء من المنطقة المجهزة، قبل العودة إلى منزله، وأن هناك أزمة ماء خطيرة بسيدي الطيبي، مشيرا إلى أن لديه أزيد من 200 توقيع حاليا حول التنديد بهذا المشكل. وتعيش سيدي الطيبي وضعا خطيرا يتعلق بإيصال الكهرباء إلى المنازل، إذ أن ذلك، يجري بشكل عشوائي، بوضع عدادات في أعمدة لا تتوفر على أبسط شروط السلامة، وبعيدة كثيرا عن المنازل، وفي كل عداد يشترك أزيد من عشرة منازل، الشيء الذي يرفع ثمن الأداء، إذ أن بعض الأسر تضطر إلى تأدية ما بين 200 درهم و300 شهريا، إضافة إلى ذلك، فإن العدادات توضع في أعلى الأعمدة، ما يصعب على المراقب معاينتها شهريا، لمعرفة حجم الاستهلاك الحقيقي للكهرباء. الصحة "مشات" ما رواه المواطنون لـ «الصباح» عن مشكل الصحة بالجماعة، يندى له الجبين، إذ أنها لا تتوفر على مستوصف للولادة، علما أن عدد سكان الجماعة بلغ 80 ألف نسمة، وعلى النساء أن ينتقلن إلى القنيطرة أو سلا للولادة. كما يحكي المواطنون بحرقة، أن الجماعة تتوفر على مستوصفين، طلب منها تجهيزهما بالإنارة والماء واقتناء سيارة إسعاف، فقامت بذلك، لكن الغريب في الأمر أنه لا توجد بهما مداومة، كما أن الطبيب يعمل فقط ساعتين من العاشرة إلى 12 زوالا وينصرف، وعندما يفحص المريض فإنه يقوم بذلك من وراء نافذة، ويكتفي بوصف الدواء فقط. عاصمة النفايات يمكن اعتبار سيدي الطيبي عاصمة للأزبال، إذ بمجرد دخول المواطن إليها، تستقبله رائحة النفايات بالأحضان، وكأنه دخل مطرحا خاصا بها، والخطير في الأمر، أن هناك مطارح عشوائية توجد وسط الأحياء السكنية، ولا تتوفر على أي حاويات، باستثناء واحدة عاينتها «الصباح» على الطريق الوطنية رقم واحد. وفي هذا الصدد، أكد العسقلاني أن مشكل النفايات يتطلب تدخلا من الجمعيات التي تعنى بمجال البيئة لحله، والسبب في ذلك أنه لا يوجد مطرح خاص بها، بل إنها منتشرة في جميع الأحياء، الشيء الذي له تأثير على الجماعة والسكان بصفة خاصة. وتساءل العسقلاني عن الشراكة التي عقدها المجلس مع جماعة القنيطرة، بالنظر إلى العلاقة الحزبية التي تربط مسؤوليها، إذ أنها لم تعرف النور إلى يومنا هذا، بعد أن تضمنت تكفل جماعة القنيطرة بنقلها إلى مطرحها، علما أن الجماعة اقتنت حافلة لجمع النفايات بـ 90 مليونا، ولكنها ما زالت دون حركة أمام مقر الجماعة منذ أسبوعين. وطالب العسقلاني بمعاقبة المجلس بسبب النفايات، لأنها ترمى حاليا في غابة الفلين، الشيء الذي دفع السكان إلى تنظيم وقفة احتجاجية في الأيام المقبلة، بعد أن أصبحت رائحة ذلك المطرح العشوائي تصل إلى السكان، خاصة في المساء. بنيات تحتية منعدمة تنعدم البنيات التحتية الضرورية في سيدي الطيبي، إذ أن الجماعة لا توجد بها أي شوارع معبدة، باستثناء الطريق الوطنية رقم واحد، التي تعرف بدورها مشكلا كبيرا في حال سقوط الأمطار بغزارة، وتفور من مدارها الرئيسي المياه، بسبب عدم وجود قنوات لإيصال مياه الأمطار إلى محطة المعالجة، التي وضعت بدورها دون دراسة، ما جعل دورها غير ذي جدوى، ولا تستفيد الجماعة منها. ويقول العسقلاني إن الدورة الأخيرة للمجلس نوقش خلالها مشكل الطرقات، وأن هناك ميزانية 20 مليار سنتيم لتجهيز الشطر الثاني بين ولاد نصر الشرقية وولاد الطالب الشرقية، حولها الرئيس إلى المنطقة المجهزة. ورغم أن الجماعة قامت بهدم المحلات والمنازل لبعض السكان من أجل إعادة تجهيز الأحياء التي يقطنون بها، ومنحتهم بعض التعويضات، إلا أنه لا توجد أموال لتعبيد الطرق. كما أن أغلب المتضررين من مشروع البنيات التحتية لم يتم تعويضهم، خاصة في وسط الجماعة عند المدار الرئيسي، الذي توجد به فرشة مائية مهمة. البناء العشوائي طالب رؤساء جمعيات ومواطنون المجلس الأعلى للحسابات بإجراء تحقيق حول مسألة إعادة الهيكلة، بعد التجاوزات التي عرفتها عملية القرعة لتوزيع البقع الأرضية، والأشخاص المستفيدين منها. ويقول جمال العويني، رئيس جمعية العائلة الخضراء المتحدة، إن قرعة تسويق البقع التجارية وقعت فيها تلاعبات، بعد أن أجريت مساء، وغيب منها التجار الذين يملكون حق الاستفادة منها، بالنظر إلى قرارات إفراغهم من محلاتهم، بسبب برنامج إعادة الهيلكة، مشيرا إلى أن هناك أشخاصا لا علاقة لهم بالموضوع، استفادوا من البقع المذكورة. وأضاف العويني أن هناك من استفاد من بقع أرضية بقيمة 40 مليون، وباعها في أقل من شهر ب115 مليونا، في الوقت الذي كان من الممكن أن تمنح لأصحاب المقاهي والمشاريع التجارية الموجودة على الطريق الوطنية الأولى، والمشمولين بقرارات الإفراغ. وقال العويني إن سيدي الطيبي مشكل كبير، بسبب عدم وجود مخاطب، بإمكانه أن يثير العوائق، إذ لولا السلطة المحلية لما تحرك المشروع، بعد توفيت الملف لها، إذ سارع المسؤولون إلى فك مشكل إعادة الإيواء، لفائدة 700 أسرة، والشيء نفسه بالنسبة إلى مشكل «2 أ2»، الذي حل من قبل السلطات المحلية. وأضاف العويني أن العديد من أصحاب المحلات التجارية الموجودة فوق الفرشة المائية يعانون حاليا من إعادة الإيواء، ولديهم مشاكل في التعويض، كما أن التجزئة المخصصة لهم، لا تساعدهم على ترويج تجارتهم، الشيء الذي يصعب مسألة إفراغهم. وتساءل العويني حول ما إذا كانت الشركة التي فوت إليها المجلس الأراضي لا تتوفر على السيولة المالية لتعويض المستفيدين، علما أن سكانا هدمت منازلهم، ومنحوا تعويضا هزيلا، وأنفقوه في الإيجار، ولا يجدون المال الكافي للبناء على البقع التي منحت لهم، ما يدفعهم إلى الذهاب للأحياء العشوائية وبناء «براريك»، ما يزيد المشكل تفاقما. وصرح رئيس الجمعية أن المستفيد من التعويض الهزيل المقدر مثلا بأربعة ملايين، وعليه أن يدفع 20 مليونا لبناء منزل، من أين سيأتي بالمال، ما يضطره إلى بيع البقعة الأرضية، بعد أن يصرف التعويض في مسطرة التحفيظ والتسجيل، والذهاب إلى البناء العشوائي، مشيرا إلى أن أغلبية المستفيدين يضطرون إلى بيع بقعهم، والمساهمة في انتشار البناء العشوائي. سوق يخنق الجماعة يوجد سوق عشوائي طيلة أيام الأسبوع على الطريق الوطنية رقم واحد من المدار الرئيسي في اتجاه القنيطرة على مسافة 150 مترا تقريبا، يسبب أزمة كبيرة للجماعة، بالنظر إلى أنه يتسبب في مشاكل كثيرة منها ما هو متعلق بالبيئة، ومنها ما هو متعلق بانسياب حركة المرور على الطريق الرئيسية، إذ تعرف اختناقا خاصة في ساعات الذروة، وتحديدا من الرابعة والنصف عصرا إلى حدود السابعة مساء، ما يضطر معه رجال الدرك إلى الوجود بكثافة في تلك الفترة. وأوضح العويني أن المجلس السابق وجد مكانا لبناء سوق نموذجي، لكن المجلس الحالي رفض التصميم الذي وضعه الرئيس السابق، بسبب قربه من الطريق الرئيسية وحجب بعض المحلات، في مقدمتها صاحب صيدلية اعترض صاحبها على التصميم، فأوقفت السلطات البناء. وأضاف العويني أن المشكل قابل للحل، غير أن المجلس لم يقم بأي خطوة من أجل تذويب الخلاف الموجود، الشيء الذي يجعل مشروع تهيئة سيدي الطيبي يصطدم بالعديد من المشاكل الكبيرة، التي تتطلب تدخلات قوية من جهات عليا، سيما أن الأمر يتعلق بتعليمات ملكية أعطيت في هذا الشأن، ولم يؤخذ بها. وفي الوقت الذي ينتظر السكان حل المشاكل، فإنها تزداد تفاقما سنة بعد أخرى، كما هو الشأن بالنسبة إلى البناء العشوائي. المومني: مداخيلنا ضعيفة رئيس الجماعة قال إن هناك صعوبات في جمع النفايات والصحة والنقل أكد محمد المومني، رئيس جماعة سيدي الطيبي، أن الأخيرة لا تستفيد من الناحية القانونية من الاتفاقيات الموقعة مع القنيطرة وشركات النقل، وأن الاستفادة كانت بتدخل من السلطات. وأضاف المومني في تصريح لـ «الصباح» أن الجماعة طلبت من المسؤولين أن تدرج في الاتفاقية المقبلة، المقرر أن توقعها السلطات مع شركة النقل، وأن يتضمن دفتر التحملات الإشارة إلى الجماعة، وأن تدمج بشكل قانوني. وأوضح المومني أن مسألة البناء العشوائي، تعالج بطريقة صارمة ودقيقة، يشرف عليها العديد من المتدخلين من سلطات وقطاعات حكومية، لدرجة أنها تجرى بشكل قانوني، ولا تشوبها أي مشاكل، مشيرا إلى أنه منذ 2016، لم تكن هناك وقفات احتجاجية. وقال المومني إن ما يؤكد كلامه، انخراط السكان في إعادة الهيكلة بشكل انسيابي، وإنه في الثلاثة الأشهر الأخيرة استفاد 200 من السكان من العملية، وإن الأمور تسير بشكل عاد، باستثناء بعض التأخير في منح التعويض، لارتباطه بمسطرة تتطلب بعض الوقت. واعترف المومني بوجود مشاكل في تدبير ملف النفايات، بسبب ارتفاع عدد السكان وضعف الإمكانيات المتوفرة بالجماعة، سيما أن المداخيل ضعيفة مقارنة بحاجيات السكان. وأضاف المومني أن الجماعة تقوم بمجهودات جبارة في هذا الجانب، ولديها ثلاث حافلات، واقتنت واحدة أخرى، كما أنها تعمل على توفير حاويات، مؤكدا أنها بصدد تهييء مطرح للنفايات بمنطقة بلاد الدندون، وآخر مراقب بالقنيطرة بشراكة مع مجموعة من الجماعات، علما أنها تشتغل بعمال الإنعاش، عكس القنيطرة وسيدي الطيبي التي تشتغل بعقد التدبير المفوض. وبخصوص الجانب الصحي، أكد المومني أن الجماعة تعاني خصاصا كبيرا في هذا الجانب، وأنه وقف شخصيا على الاكتظاظ الكبير الذي يوجد في المستوصفين الوحيدين المتوفرين، إذ أن ارتفاع عدد السكان، ساهم بشكل كبير في هذا الخصاص. وصرح رئيس الجماعة أن المرافق الصحية غير كافية لتلبية حاجيات السكان، وأنه يطالب بمستشفى يضم جميع الاختصاصات، لرفع الضغط على المستشفى الإقليمي بالقنيطرة، داعيا الوزارة إلى توفير الموارد البشرية الكافية لسد هذا الخصاص.

سيدي الطيبي … قنبلة موقوتة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفتق ... تورمات مزعجة

خـطـر تـأخـر الـعـلاج

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات