مأساة شاب بمستشفى الأطفال بالبيضاء

خضع لعمليات تقويم عظام ساقيه فحولته التدخلات الطبية إلى أصم يتنفس من ثقب في الحنجرة ومبتور اليد لم تستسغ أسرة الشاب حمزة الحالة الصحية التي آل إليها ابنها، بعد سلسلة من العلاجات التي خضع لها بمستشفى الأطفال التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد. فحمزة دخل المستشفى أول مرة سنة 2007، بعد أن نصحه طبيب بمدينة أكادير بالتوجه إلى البيضاء، عند بلوغ الطفل 16 سنة من العمر، لتقويم اعوجاج عظام ساقيه، وأكد أن العملية بسيطة وسهلة وعادة ما تجرى على الحالات المشابهة دون عناء. التحقت الأسرة بمدينة الدار البيضاء، وتمكنت من الحصول على سرير لابنها في مستشفى الأطفال، ليشرع الطاقم الطبي منذ ذاك الحين في إجراء العمليات الجراحية على الساقين، لكن بعد خمس سنوات ينتهي الطفل إلى حالة مأساوية، إذ بترت يده ولم يعد يستنشق الهواء بأنفه بل أحدث له ثقب على مستوى الحنجرة، وأصبح نحيف الجسم. وأمام هذه الإعاقات المتعددة أصبح الطاقم الطبي يتنصل من مسؤوليته، إذ طلب من والد حمزة الأسبوع الماضي أن يأخذ ابنه ويخرجه من المستشفى لأنه لم يعد هنالك علاج يمكن القيام به!والد حمزة حائر اليوم، فهو الذي أخذ ابنه إلى المستشفى، وكان حينها يتابع دراسته مع أقرانه، يتكلم ويصفق ويمرح، يعاني فقط اعوجاج رجليه الذي يمكن تجاوزه بعكازين أو دراجة المعاقين. أما اليوم، فحمزة مجرد هيكل يحتاج إلى مراقبة لصيقة ولا يمكنه قضاء حوائجه بنفسه. وأصبح الأب نادما على اليوم الذي فكر فيه في إدخال ابنه إلى المستشفى، متمنيا لو يتقهقر الزمن ويعود إلى تاريخ 2007 ليقرر الإبقاء على حالة ابنه الأولى عوض ما اضحى عليه اليوم.إدارة المستشفى أصبحت تلح على الأب أن يأخذ ابنه ويعود به أدراجه إلى أكادير، بعد أن تكبد طيلة خمس سنوات مصاريف علاج لم تفض إلى نتيجة بل أزمته نفسيا وماديا، وأصبح يشعر بأنه من تسبب في الإعاقة الشاملة التي ألمت بفلذة كبده.ولم يكن، حسب أفراد من الأسرة، للإدارة أن تطلب إخراج الابن من المستشفى إلا بسبب الدعوى القضائية التي رفعها الأب ضد الطاقم الطبي المستبب، حسب رأيه، في الإعاقة التي ألمت بحمزة. مازال الطفل إلى حدود أمس (الأحد) يرقد في مصلحة العظام بمستشفى الأطفال التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، ومازالت الدعوى المرفوعة تسير وفق المساطر المعقدة التي يستلزمها إثبات إن كان هناك تقصير وإهمال أو خطأ طبي.وحسب أوراق القضية فإن حمزة، الذي يبلغ من العمر اليوم 20 سنة، وفي خمس سنوات أجريت له أكثر من أربع عمليات جراحية نتجت عنها مضاعفات خطيرة، وكانت آخرها أشد العمليات ألما على الطفل، إذ تورمت اليد التي كانت بها حقنة «المصل» وتغير لونها قبل أن يقرر الطاقم المعالج بترها، وهي اليد التي لم تكن تعاني مرضا.ولم يتوقف الأمر عند اليد بل أصبح يعاني ضيق تنفس ما حذا بالطاقم المعالج إلى إحداث ثقب على مستوى الحنجرة، أصبح المنفذ الوحيد للتنفس، ولم يعد الطفل يتكلم أو يمرح كما كان في السابق.وحسب وثائق القضية التي تتوفر «الصباح» على نسخة منها، فإن الضحية كان يعاني اعوجاجا في رجليه، ظهر منذ كان يبلغ سنته الأولى، ما دفع والده إلى عرضه على طبيب في أكادير حيث يقيم، ليتابع علاجا إلى أن بلغ سن السادسة عشرة، ودخل أول مرة إلى مستشفى الأطفال في نونبر سنة 2007 تحت رقم 11770، لتمديد وتقويم الرجل المصابة، وخضع الضحية إلى العلاج مرات متتالية، في دجنبر 2007 ثم ماي 2009 ودجنبر 2009 وفي أكتوبر 2010 وكانت آخر عملية والتي نتجت عنها المضاعفات الخطيرة في 31 يناير من السنة الجارية، إذ أنها المرة الأخيرة التي دخل فيها إلى المستشفى ولم تكن كسابقاتها ونتجت عنها مأساة ما زالت مستمرة إلى اليوم. وتشك الأسرة في تسبب عملية التخدير في ذلك، إذ توقف قلب المريض بعدها ما دفع إلى إجراء تدخل استعجالي من أجل استعادة القلب نبضاته لينقل الضحية بعد ذلك إلى قسم الإنعاش. ونتج عن ذلك تورم اليد اليمنى وتوقف الدم بها ثم تغير لونها شيئا فشيئا إلى أن أصبحت سوداء، ما دفع الطاقم الطبي إلى إخبار والد المريض بضرورة بتر اليد اليمنى، وهو ما تم بالفعل.كانت هذه المرة حسب ما توصل به الأب من الطاقم المعالج سيتم فيها تقويم الرجل اليسرى التي تفوق اليمنى بأربعة سنتمترات، وذلك بغية موازاتهما حتى يتمكن من المشي باتزان، إلا أن ذلك لم يتم أمام المضاعفات الأخرى التي ظهرت والتي تسببت في بتر اليد وإحداث ثقب في الحنجرة. وأرجعت الأسرة أسباب ما وقع للضحية، حسب المذكرة التي قدمتها للمحكمة إلى التقصير والإهمال وعدم التبصر سواء بالنسبة إلى المشرف على التخدير أو الطبيب المختص في العظام وغيرهما ممن شاركوهما، وحملت الأسرة المسؤولية في ما وقع إلى الجميع معتبرة أنها مسؤولية مشتركة بين هؤلاء والمستشفى الجامعي في شخص مديره والدولة المغربية.والد حمزة حائر اليوم بين ضعف ذات اليد الذي يمنعه من نقل ابنه إلى اوربا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبين ورقة الطرد من المستشفى التي أشهرها الطاقم المعالج للتخلص من الشاب حمزة بعد أن أصبح عاجزا عن القيام والقعود، وعاجزا عن الحديث للإفصاح عن آلامه، وعاجزا عن فعل أي شيء. المصطفى صفر

مأساة شاب بمستشفى الأطفال بالبيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السلطات تجدد حربها على "فراشة" أكادير

شباط: لن نغادر الكتلة الديمقراطية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات