النظام الديمقراطي العلاج الوحيد للفساد 1/3

أزمة القيم والفعالية سببها عدم الثقة في المؤسسات المبنية على غياب الشفافية والمحاسبة من المؤكد أن الرهان اليوم هو التغيير فكرا ومنهجا وسياسة وعملا وإستراتيجية، فالتحدي الحقيقي ما زال أمامنا، بمستوياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتوجهات الثقيلة التي يفرضها المحيط العالمي وآثار تقلبات المناخ على البيئة والطاقة والماء والفلاحة العنصر الأساسي في الاقتصاد المغربي. من لا يملك قوة قول الحقيقة، لن يصحح أخطاءه الماضية، ولن يستفيد من حاضره، ولا يمكن أن تكون له رؤية واضحة لمستقبله. فمن منا اليوم ينكر أو يتجاهل ما يعانيه المجتمع من أزمة مرة معقدة عميقة وشاملة.بعبارة أخرى أوضح وأدق، إن أزمة القيم والأداء والفعالية التي يعرفها المغرب من أهم أسبابها عدم الثقة في المؤسسات الحالية المبنية على عدم الشفافية والمحاسبة والرقابة والمسؤولية والرؤية الصحيحة ويغيب عن تسيير وتدبير معظمها أشخاص مناسبون في أمكنة مناسبة. إن هذا الوضع التي تدهورت فيه منظومة القيم سواء الدينية أو المدنية يجعلنا في أمس الحاجة إلى مقاربة صحيحة وشاملة لمعالجة الإرث الثقيل للمنظومة الداخلية لكل مؤسسة والآثار السلبية لها وتداعيات الأزمة الدولية الشاملة التي تعيشها بعض الدول الأوربية وستشهدها دول أخرى في المستقبل لنا معها مصالح وتربطنا وإياها علاقات واتفاقيات للأسف ارتبطنا بها، ولم يكتمل بعد نضجها السياسي وقدرتنا الاقتصادية ومداركنا وآفاقنا المعرفية والعلمية، علما أنه توجد لدينا مؤسسات فيها أفراد وعائلات انفردت بالسلطة وراكمت الثروة واستفادت من الامتيازات، وأعطت لنفسها الاعتبار دون غيرها وما زالت تتحرك في حدود هذا المدار بدون اكتراث لما يقع حولنا إقليميا ووطنيا ودوليا. هذا الوضع البئيس النشاز يجعلنا في الحاجة إلى المزيد من القوة هذه المرة ليس على مستوى القول، وإنما على مستويات أخرى حضارية للتخلص من براثين الجهل والأمية والتخلف والاستغلال، وتخرجنا من مستنقع الفساد الذي استشرى وتغلغل في حياتنا الاقتصادية وتعالجنا من الأمراض النفسية والذهنية، وتضمن لنا الأمن والاستقرار الحقيقيين على المستوى السياسي والاجتماعي، وبالأخص في الوقت الراهن.وبما أنني لست رجل سياسة ولم أهتم طيلة حياتي لا بالحكومة ولا بالمعارضة، فإنني كرجل قانون أستطيع القول إن السياسة الصحيحة هي التي تعمل اليوم بمنطق الشراكة والمشاركة الحقيقية الموسعة والمكثفة والمبنية على أسس علمية وكفاءة مهنية وفعالية، وتضمن الاستمرارية، لهذا أقول ومن هذا المنطلق، لم يعد مقبولا بتاتا من أي رئيس حكومة التنصل من هذا الخيار أو المبدأ والطرح الصريح والموضوعي لقضايا المواطنين، والسعي بجدية إلى إيجاد حلول لها ولمتطلباتهم وانشغالاتهم والحد من شراسة الانتهازيين، وإقرار مبدأ عدم الإفلات من العقاب وإيجاد صيغة لإرجاع الأموال المهربة، وتظل إمكانية طرح السندات السيادية كنوع من أنواع الخوصصة واردة في حل هذا المشكل، أو ترتيب المسؤولية القانونية عن كل مخالف في هذا الباب عملا بالحديث الشريف ‘’إنما هلك من كان قبلكم إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد’’. كما لا يمكن عدم قبول قدرة الحكومة على تخليق الحياة العامة، وبداية تكريس الحكامة الجيدة وإعداد قوانين وتنظيمات استعجالية لا يمكن تجاوزها تعطي لاقتصادنا الضعيف القوة وتفتح البنية السياسية المغلقة في وجه الشباب المثقف والمتمرس.إن العفاريت والتماسيح والساحرات والديناصورات من مقولات رئيس الحكومة الحالية موجودون في هذه الأرض، وفي باقي بقاع العالم وبنسب متفاوتة، ولكن هناك وصفة للتخفيف من خطورتهم إلى حين تقويمهم وتطويعهم تدريجيا، وهي تحصين جميع المغاربة بالإيمان والعلم والعمل التضامني المكثف، لأنه لا يمكن تحقيق هذه المبادئ والمصالح وسائر الأهداف النبيلة والسامية في عالم الخوصصة وتحديات العولمة، إلا بتضافر الجهود وتماسك الحركات الاجتماعية والوطنية التي ليست هي إلا قوى للتنمية، وتبني الأفكار والمواقف والتصورات والإستراتيجيات الصحيحة في اندماج وانسجام تام وبفعالية في الميدان تتماسك فيها كل مكونات المجتمع المغربي. برعاية ملكية ومبادرة لجلالة الملك باعتباره المسؤول عن السير العادي للدولة وحماية الدستور وفاعلا رئيسا في المشهد السياسي والاقتصادي والديني... ورئيسا لمجلس الوزراء.إن بناء النظام الديمقراطي الحقيقي بالمفهوم الشامل هو العلاج الوحيد للفساد الذي يمزق الحياة الاقتصادية والتسلط والاستبداد الفكري والسياسي، وأن العدل هو أساس الملك. وفي هذا الباب، دعوني أكن صريحا لأقول إن الهندسة التي خرج بها الفاعلون السياسيون للوجود في إطار تنزيل الدستور لم تكن سليمة لحد الآن، ولن تساعد أبدا على العمل أكثر والتقدم عمليا من أجل إنجاح الانتقال الديمقراطي وإغناء الحياة السياسية، وتحريك العجلة الاقتصادية المتوقفة. كما أن حصيلة الحكومات السابقة والحالية لم تكن في المستوى المطلوب بإرساء ثقافة التدبير المعقلن الذي ينقل البلاد والعباد تدريجيا من مرحلة التخلف والتبعية إلى مرحلة الاستقلال والارتقاء الحقيقي بكل تجلياته ومعانيه ومفاهيمه و أبجدياته.فمن نعم الله على هذه الأرض أن المغاربة والمغربيات متفقون جميعا على أن الإسلام والملكية من الثوابت، وقد ازداد هذا ترسيخا في أدهانهم وفي قلوبهم وقد عبر بعضهم عن إصلاحات، وطالبوا بالمزيد من التنازلات، وبتغيير السلطة مع أن المجتمع، مطالب كذلك بتغيير جذري. بقلم: ذ عبد العالي العضراوي, رجل قانون

النظام الديمقراطي العلاج الوحيد للفساد 1/3

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفساد والحرية الاقتصادية

خسائر مالية فادحة في حريق "فندق النجارين" بالبيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات