الجنس العابر للقارات … سفير النوايا الحسنة

الجنس لا يؤمن بالحدود ويكره الأسلاك الشائكة ويفعل أي شيء كي لا يستحم في النهر مرتين من قال إن الجنس غير عابر. إنه "عابر ونص". عابر بطبيعته. يموت الجنس إذا لم يعبر. ينتحر إذا لم يمتط بساطا، ويطير فوق الدول والقارات والضفاف، ويخترق الوديان والمحيطات والجغرافيات. لا يؤمن الجنس بالحدود. يكره الأسلاك الشائكة والحرس والعسس والكشافات وأبراج المراقبة. يعرف، بدهائه، كيف يتسلل من "الأقسى" إلى الأقصى في عز الحراسة المشددة، و"يحرك" برا وبحرا وجوا في غفلة من الجميع.. يفعل أي شيء كي لا يستحم في النهر مرتين، كي لا يظل في المكان نفسه طويلا... مخافة أن يدركه الموت. أينما وجد الإنسان، وجد الجنس. إنه سر وجوده وكينونته. وبسببه عصى آدم خالقه وأكل من الشجرة المحرمة، وخرج مع حواء "عابرين" إلى أرض الله الواسعة، حيث مازال أبناؤهما يمارسون ويلهون ويلعبون وينتجون ويتوالدون و"يعبرون" كل يوم إلى عوالم أخرى، رغم أنهم يعرفون أنهم منذرون إلى يوم يبعثون. بالجنس العابر صُنعت أمم وأمجاد وممالك وملوك وإمبراطوريات. وبه أيضا انهارت دول وأنظمة واختفت شعوب على وجه الأرض ونبتت شعوب وأجناس مكانها. إنه يفعل المستحيل كي يبقى مصدر شهادة واستشهاد وإلهام. من عليائه يلقي الشعراء بأنفسهم إلى القعر فرحين. يُحمل الجنس في حقيبة السفر مثل قميص وبذلة وربطة عنق. مثل كتاب دين وسبحة ورواية "الشيخ والبحر". مثل ملابس داخلية وأحمر شفاه. مثل حلم ومثل مشروع مهم. يوضع في الجيب السري، ويلف بعناية في ورق "سولوفان" حتى لا ينكسر خاطره. فيستحيل أن يسافر الإنسان إلى أي مكان في العالم ويترك "جنسه" وراءه. إنه يصطحبه معه مثل أي رفيق قبل الطريق. وبين الفينة والأخرى يتحسس "مكانه" كي يطمئن أنه مازال موجودا. حي يرزق. قد يختلف سكان هذا الكوكب الأزرق في كل شيء، تقريبا، عدا الجنس. إنه وثيقة تفاهم غير مكتوبة. ميثاق عالمي للتعايش والسلم الأبدي بين الأمم والشعوب والأقليات والأغلبيات. عهد دولي لـ"العيش" المشترك دون حاجة إلى هويات وجنسيات وتدقيق في ألوان العيون والبشرة. فلم نسمع أن أقواما اختلفوا في الجنس، بينما يمكن أن يختلفوا في اللباس والعادات واللغة والطبخ والعادات والثقافات وطريقة التعبير والرأي ووجهات النظر، كما لم يحدث أن خاض الدول حروبا بسبب الجنس، بل العكس هو الصحيح، إذ في عز الحروب ولعلعة الرصاص ورجة المدافع والرشاشات، كانت قصص حب وجنس (بين الأعداء) تكتب في الحواري الخلفية والمخابئ، وتحت أسوار الثكنات. لا يحتاج الجنس إلى جواز بألوان مختلفة وتأشيرات وبطاقة سفر. إنه سفير النوايا الحسنة في كل مكان في العالم وأقوى وسيلة تعارف عرفتها البشرية، حين يعبر في الزمان والمكان دون استئذان، ويصبح ضرورة قصوى في مناسبات محددة حتى يكتمل الفرح. يوسف الساكت

شبكات الفحم تحرق غابات الأطلس

هدايا لرونار في ليلة الوداع

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات