التكوين الأساسي…أم المشاكل

التركيز المكثف على الدروس النظرية ومكونون حولوا مراكز إلى فضاءات إعداد أطروحاتهم الجامعية يشكل التكوين التربوي الأساسي الدعامة الأساسية لإنجاح أي إصلاح حقيقي في التعليم، إذ لا يمكن فصل العنصر البشري عن مؤهلاته وإرادته وضميره المهني للإقلاع والنهوض بأي قطاع كان. ويرتبط التكوين بإشكاليات المدرسة العمومية بشكل عام، إذ فشلت الأخيرة في تحقيق انتظارات المجتمع لأسباب ترتبط، حسب البعض، بمضامين ومحتويات الكتاب المدرسي، فيما تتهم أطراف أخرى المفتش التربوي ومدير المؤسسة التعليمية بالتقصير. ونبه آباء وأولياء التلاميذ إلى ثقل المحفظة وغلاء الأدوات، ووجهت جمعيات المجتمع المدني نداءات إلى إعادة النظر في الفوارق بين التعليم العمومي ونظيره الخصوصي إعمالا لمبدأ تكافؤ الفرص، بينما يعتقد بعض الفاعلين التربويين أن من أسباب الأزمة امتهان كرامة رجال ونساء التعليم وتبخيس مهامهم وإهمال ظروفهم المادية وعدم الاكتراث بجسامة المسؤولية المنوطة بهم. ورغم أهمية هذه الأسباب ومحوريتها، يظل ضعف التكوين الأساسي للأساتذة والمعلمين حجر الزاوية التي تتفرع منها باقي الإشكاليات الأخرى. وتجمع أغلب الدراسات على أن التكوين التربوي ينبغي أن يبنى بمراعاة مستوى الفئة المستهدفة من جهة وبموازاة معها الجهة التي تتولى العملية تنظيرا وممارسة، مستنتجة أن فشل تكوين وتأطير الطلبة الأساتذة لن يؤدي إلا إلى فشل المؤسسة في تحقيق انتظارات المجتمع، فهو السبب في ظهور باقي المشاكل التي تناقلتها الأطراف المشار إليها أعلاه، هي محطات فشل تولدت عن التكوين، لأن العنصر البشري إذا هيأته وصقلت مؤهلاته التربوية وأدرك النقل البيداغوجي الديداكتيكي إدراكا صحيحا بإمكانه تخطي هذه العقبات باستثناء الجانب المادي الذي لا يمكن تجاوزه إلا بتدخل الدولة وليست الحكومة لأن هذه الأخيرة تتحكم فيها أطياف وتلوينات سياسية ونقابية. وتحول التكوين بمراكزه إلى باحة استراحة بالنسبة إلى مكونين (بكسر الواو) وإلى محطة انتظار بالنسبة إلى المكونين (بفتح الواو). باحة استغلها بعض الأساتذة المؤطرين إلى فرصة لتجميع عروض الطلبة الأساتذة لتحضير أطروحاتهم ورسائلهم الأكاديمية بعيدا عن هم المدرسة المغربية، ما مكنهم من الترقي والانتقال من مراكز التكوين إلى دكاترة بالجامعات والمعاهد العليا، وتخرج طلبتهم بأدمغة مشحونة بنظريات بعيدة بعد السماء عن الأرض عن واقع المدرسة المغربية وهمومها. التحق الطلبة الأساتذة بمقرات عملهم، وشرعوا في تقديم الدروس ليكتشفوا أن ما قدموه من عروض وما تلقوه من معطيات لا يمكنهم من القيام بالمهمة التي هم في قلب حدثها. تمر الأيام، وأحيانا الشهور ليعقد المفتش التربوي أول لقاء أو لمناقشة درس تجريبي ليكتشف أن الفئة الحاضرة في النشاط التربوي غير متجانسة، أساتذة تلقوا تكوينا لمدة سنتين، وآخرون لمدة سنة، وفئة ثالثة تم توظيفها مباشرة، ورابعة التحقت بالتعليم عن طريق التعاقد، فئة مرتبة في الدرجة الأولى وأخرى بالثانية، وفئة تنتسب إلى الدرجة الثالثة، وهنا يصطدم المفتش المؤطر بمستويات متباعدة وبرجال التعليم يقومون بالمهمة نفسها منهم من يقل أجره عن خمسة آلاف درهم ومنهم من يتجاوز راتبه 13 ألف درهم، ولهذا الفرق وقع في نفس الأستاذ الذي لم يؤهل خلال التكوين ولم ينصف خلال التخرج. إن الحديث عن أي إصلاح للتعليم يجب أن ينطلق من التكوين وانتقاء المكونين والمؤطرين وربط المهام المنوطة بهم بالمحاسبة، وتزويد الحجرات بوسائل المراقبة عن بعد، وتغليب مصلحة المتعلم عن التجاذبات السياسية والنقابية، مع الاهتمام بالجانب العملي ممارسة داخل الفصل بعد التركيز على نظريات أكاديمية، ولتحقيق هذا الهدف، يتم حاليا اللجوء إلى رجال التعليم المتقاعدين بجميع شرائحهم لتأمين التكوين العملي الفعلي بعيدا عن الحشو وباحة الاستراحة التي تحتضنها مراكز التكوين. عبد السلام بلعرج (تازة)

التكوين الأساسي…أم المشاكل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

استنفار بفاس لتحرير الملك العمومي

أخبار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات