ذاكرة الأولمبياد : عشيق: من “الحلقة” إلى الأولمبياد 2

لم يكن سهلا على الملاكم عبد الحق عشيق ابن الحي المحمدي أحد الأحياء الأكثر شعبية بالدار البيضاء، والمتحدر من عائلة فقيرة أن يصعد إلى منصة التتويج بالألعاب الأولمبية في رياضة يعتبر التتويج فيها من أصعب الإنجازات التي يحققها الرياضي في مساره الرياضي، بالنظر إلى احتكارها من طرف دول أوربا الشرقية وأمريكا، لكنه استطاع أن يجد له مكانا بينهم، رغم الظروف القاسية التي عاشها، وقلة ذات اليد وضعف وسائل التكوين، وغياب الإمكانيات المادية .ويقول عبد الحق عشيق، الفائز بنحاسية وزن 57 كيلوغراما في أولمبياد سيول سنة 1998، لـ "الصباح الرياضي"، إن تتويجه بالميدالية الأولمبية لم يكن سهلا، لانعدام ظروف التدريب في المغرب، الشيء الذي اضطره إلى الهجرة إلى فرنسا من أجل التمرن واكتساب الخبرة والتجربة، بعد أن اكتشفه محمد حجي أحدج المؤطرين المعروفين بالدار البيضاء، وأرسله إلى مدرب آخر يدعى محمد الزروكي، الذي كان ينتهج معهم أسلوبا خاصا في التدريب، إذ لم يكن يكتفي بتدريبهم في الحلبة، بل كان يقودهم إلى إجراء مباريات للملاكمة في "الحلقة" بالحي المحمدي، مع ملاكمين من أوزان مختلفة، لكن ذلك منحهم، إذ كانوا يتوجون بالبطولة الوطنية بسهولة بالغة.غير أن عشيق يعترف أنه لم يتعلم الملاكمة الحقيقة بالمغرب وإنما بفرنسا، إذ أهلته إلى الفوز بالعديد من الميداليات على المستوى العربي والإفريقي والمتوسطي، وكانت وراء تتويجه بنحاسية أولمبياد سيول، لكن قصته مع الأولمبياد لم تبدأ من عاصمة كوريا، إذ كان سيشارك في أولمبياد موسكو سنة 1980، إلا أن المغرب قاطعه، والشيء نفسه في لوس أنجليس بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1984، إذ كان ينتمي إلى منتخب إفريقيا رفقة زميله مصطفى فضلي، إلا أنه رفض احتجاجا على عدم تشغيله، فاضطر إلى الذهاب إلى فرنسا وخوض تجربة احترافية إلى جانب ملاكمين كبار.وفي سنة 1985 عاد إلى المغرب. ولما علم المسؤولون الجامعيون بذلك طلبوا ملاقاته لإقناعه بخوض بطولة الألعاب العربية الخامسة التي أقيمت بالدار البيضاء وفاز بالذهبية، وأثبت قوته في العديد من الدوريات العالمية أبرزها دوري اليونان الذي فاز فيه على الإيطالي باريزي الذي فاز بذهبية أولمبياد سيول، غير أنه أصيب بكسر في يده اليمنى، فقرر العودة إلى فرنسا من أجل تسوية وضعيته، قبل أن ينادى عليه للمشاركة في بطولة العالم بشيكاغو سنة 1986، واعتذر مرة أخرى بسبب وضعيته الاجتماعية، بعد أن رفض مسؤولو الجامعة توظيفه مرة أخرى.ويتذكر عشيق وجوده بفرنسا في أحد التدريبات الروتينية، إذ زاره البختي ابن حيه بالدار البيضاء وأحد أفراد مجموعة المشاهب رفقة مجموعة من الصحافيين، والتقطوا له مجموعة من الصور ونشروها بعد عودتهم للمغرب، ما دفع بليوط بوشنتوف، رئيس جامعة الملاكمة إلى استدعائه مجددا للمشاركة في ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1987، ورفض مرة أخرى للسبب ذاته، ما استدعى مدربه الفرنسي بروطونيل إلى التدخل واشتراط منحه وثائقه الاحترافية من الجامعة للمشاركة والفوز بالذهبية، وتسلم أكبر منحة في مساره الرياضي آنذاك وكانت 70 ألف درهم.وبعد هذا الإنجاز طلبت منه الجامعة العودة إلى المغرب للتحضير لأولمبياد سيول وساومته بمنحه وظيفة في مركز الحليب مقابل فوزه بميدالية أولمبية. يروي عشيق قائلا "قبلت المغامرة، وبدأت في التمرن وخضت العديد من الدوريات بتركيا وكندا واليونان وكانت تجمعات مع ملاكمين يقاتلون بشراسة، وشاركت في الأولمبياد رفقة مجموعة من المغاربة ضمنهم أخي محمد وكمال مرجوان الذي يعد عدم فوزه بميدالية أولمبية للمغرب خسارة لأنه كان ملاكما قويا وذا تجربة كبيرة، وواجهت ملاكما من السالفادور في الدور الأول وفزت عليه وآخر من فنزويلا في الدور الثاني وفزت عليه بالضربة القاضية، وفي الدور الثالث فزت على ملاكم صيني بالضربة القاضية، غير أن الملاحظة الأساسية التي ميزت مساري في أولمبياد سيول، هو أنني كنت أدخل جميع المباريات بفكرة أنني منهزم من البداية، إلى أن بلغت نصف النهاية وضمنت النحاسية، فقلت إنني سأربح وأتأهل إلى النهاية للفوز بالذهبية أصبت بكسر في يدي، التي سبق أن أصيبت سنة 1985 على هامش مشاركتي في البطولة العربية، غير أنني لم أتلق العلاج المناسب".ويضيف عشيق" لكن ما لا يعرفه العديد من المتتبعين هو أنني أصبت في المباراة الأولى، جلعتني أواصل لكن رغبتي في الحصول على عمل وإنقاذ مستقبلي من الضياع، وكان الوحيد الذي يعرف ذلك الدكتور الدزاز، وهو بالمناسبة الطبيب الخاص للبطل العالمي والأولمبي سعيد عويطة، الذي طلب منه الاهتمام بي والإشراف علي، وهذه ذكرى جميلة أحتفظ بها لعويطة وطبيبه الخاص، إذ كان يطلب من التوقف وعدم إتمام المنافسات، نظرا لوضعية يدي الحرجة، غير أنني كنت أرفض إلى أن كسرت بصفة نهائية، لكن بعد انتهاء مسيرتي الرياضية سنة 1991 طردت من عملي بمركز الحليب، ولم أعمل إلا سنة 1994، كما أن وثائقي الفرنسية ضاعت مني ولم يف بوشنتوف بوعده، إلا أن الملك محمد السادس أنقذني من الضياع بمنحي مأذونية النقل، وأنعم علي بأموال مكنتني من شراء منزل وإيواء عائلتي".

ذاكرة الأولمبياد : عشيق: من “الحلقة” إلى الأولمبياد 2

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فائض مالي ورئيس جديد لرجاء بني ملال

عرض للرجاء لمواجهة ريفربلايت

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات