رحيل وردة الجزائرية يلغي مشروع سهرتها بالمغرب

عبد الوهاب الدكالي وعبد العظيم الشناوي وآخرون يروون حكايات النجمة العربية مع المغرب على بعد أسابيع قليلة عن الزيارة المرتقبة التي كانت تعتزم نجمة الغناء العربي وردة الجزائرية القيام بها إلى المغرب لإحياء سهرة فنية، اختار الموت تغييب هذا الاسم الفني، واختطافه على حين غرة، مساء أول أمس (الخميس)، واضعا بذلك نقطة النهاية في مسار فنانة طبعت الغناء العربي وشكلت واحدة من آخر رموزه.السهرة التي كانت تعتزم وردة الجزائرية إحياءها بالدار البيضاء، شهر يونيو المقبل، كانت سترافقها فيها الفرقة المغربية للموسيقى العربية بقيادة المايسترو صلاح المرسلي الشرقاوي، الذي أكد ل"الصباح" أن المفاوضات مع المطربة العربية بلغت أشواطا متقدمة، وتم فيها الاتفاق على الأجر والطاقم الذي سيرافقها والمكون من 12 فردا بمن فيهم طبيبها الخاص.إذن فالموت حرم الجمهور المغربي من فرصة لقاء المطربة وردة الجزائرية مرة أخرى، وهي التي سبق لها أن أحيت العديد من السهرات بالمغرب آخرها كانت قبل سنتين بمهرجان "موازين" بالرباط.ولوردة الجزائرية مع المغرب قصص عديدة، تعود إلى أزيد من نصف قرن، أي منذ بداياتها الأولى، إذ ربطتها صداقات وطيدة بالعديد من الفنانين المغاربة منهم الراحل محمد فويتح والمعطي بنقاسم وبوشعيب البيضاوي وعبد الوهاب الدكالي وعبد العظيم الشناوي وآخرين.وقال الشناوي، في اتصال مع "الصباح"، إن أولى علاقات وردة الجزائرية مع الفنانين المغاربة كانت مع الراحل فويتح، على وجه التحديد، بداية الخمسينات، إذ كان يشتغل بلمهى ليلي بباريس في ملكية والدها، وهناك تعرف عليها وهي في مقتبل العمر، وشجعها على الغناء.ويضيف الشناوي أن وردة الجزائرية شاركت سنة 1958 ضمن جولة فنية سميت "نجوم المغرب العربي" ضم عددا من الأسماء منهم فويتح وبنقاسم والبشير العلج وبوشعيب البيضاوي والشناوي إضافة إلى التونسيين علي الرياحي ورضا القلعي، وشملت الجولة كلا من تونس والجزائر والمغرب.ومن بين الطرائف التي يحكيها الشناوي عن هذه الجولة، أنهم في إحدى الرحلات الجوية اضطروا إلى الوقوف بمطار "هواري بومدين" بالجزائر، وكان وقتها يحمل اسم "لا ميزون بلونش" في عهد الاستعمار الفرنسي، وبحكم الحراسة الشديدة التي كانت مضروبة على المطار اضطر طاقم الفنانين بمن فيهم وردة إلى تناول وجبة الغداء على أرضية المطار وهم محاطون بجنود فرنسيين مدججين بالرشاشات. ويؤكد الإعلامي السابق محمد عزيز السملالي ل"الصباح" أن الفنانة وردة الجزائرية أقامت في المغرب لمدة قصيرة، واستقرت رفقة والدها وشقيقتها بشقة بشارع "لالة ياقوت" (مارسيليا سابقا) بالدار البيضاء، وتحديدا في البناية التي توجد فوق مقهى "ليزارشي" الشهير.أما الموسيقار عبد الوهاب الدكالي فقد اعتبر، في اتصال مع "الصباح"، أن رحيل وردة الجزائرية يعد خسارة فادحة للأغنية العربية، وأن الفنانة الراحلة تمتعت بخصال فنية وإنسانية قل نظيرها.وأضاف عميد الأغنية العربية أن علاقته بالفنانة الراحلة تعود إلى أزيد من أربعين سنة، إذ سبق له أن زارها في بيتها بالجزائر، حين كان يقوم بجولة فنية هناك، وكانت وردة وقتها اعتزلت الغناء لفترة قصيرة بعد زواجها من الجزائري جمال قصيري، وأبدت وردة للدكالي في هذا اللقاء رغبتها في العودة إلى الغناء فشجعها الموسيقار المغربي على ذلك، وهو ما تحقق بعد أن اكتسحت الساحة الفنية مجددا خلال السبعينات.ويحكي عبد الوهاب الدكالي عن موقف إنساني وفني نبيل للفنانة وردة تجاهه، إذ سبق له أن تلقى دعوة خاصة من عبد الحليم حافظ بداية السبعينات للمشاركة في إحدى المناسبات الوطنية بمصر، وأعد الدكالي للمناسبة أغنية بعنوان "اصحوا يا عرب" فحملها معه مدونة بالنوتة الموسيقية.وأضاف الدكالي أنه لما وصل إلى الأستوديو لتسجيل الأغنية مع الفرقة الماسية وكان العديد من الفنانين الآخرين ينتظرون دورهم للتسجيل، منهم نجاة الصغيرة ومحرم فؤاد وفايزة أحمد ووردة الجزائرية وآخرون، اضطر رئيس الفرقة أحمد فؤاد حسن إلى إخبار الدكالي أن الوقت لن يكفي لكي يسجل أغنيته هو الآخر، فتدخلت وردة وطلبت من مايسترو الفرقة أن تتخلى عن دورها ليسجل الموسيقار المغربي بدلا عنها تواضعا منها، لكن لحسن الحظ انتهى الدكالي من تسجيل أغنيته في وقت وجيز وهو ما أتاح لها أيضا تسجيل أغنيتها.ويشار إلى أن وردة الجزائرية، واسمها الحقيقي وردة فتوكي، من مواليد سنة 1932 من أب جزائري وأم لبنانية، تعاملت مع العديد من رموز الفن العربي على رأسهم محمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وبليغ حمدي الذي تزوجته وشكلا ثنائيا فنيا ناجحا.وشكل أداؤها لرائعة "أوقاتي بتحلو" التي كانت تنوي الراحلة أم كلثوم تسجيلها قبل أن يداهمها الموت، انطلاقتها الحقيقية بعد أن أسند إليها الملحن سيد مكاوي القطعة، لتتواصل مسيرتها بعد ذلك مع الروائع التي بوأتها مكانة رفيعة في قلوب عشاق الطرب العربي. عزيز المجدوب

صراع الأمتار الأخيرة في أربعة ملاعب

دول الخليج.. من التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد

مقالات ذات صلة