دول الخليج.. من التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد

منطقة الخليج العربي لن يمسّها "الربيع العربي" بأيّ تغييرات بنيويّة جذرية لأنها منطقة حساسة في عام 2011 تطوّرت فكرة سياسة التعاون بين دول المجلس إلى دعوة للاتّحاد الكياني في ما بينها. وكان الداعي إلى ترجمة هذا الاتحاد الملك عبد الله بن عبد العزيز، وذلك خلال الجلسة المغلقة التي تلت افتتاح أعمال القمة الخليجية الثانية والثلاثين التي انعقدت في الرياض في19 دجنبر 2011. قال خادم الحرمين الشريفين وقتها، «إن الخليج مستهدف في أمنه واستقراره»؛ وإنه ينبغي لدول المجلس أن تكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها. وأضاف: «لقد علّمنا التاريخ والتجارب ألاّ نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، فمن يفعل ذلك، سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع. وهذا أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا واستقرارنا وأمننا، لذلك أطلب منكم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد».لقد رحبت وقتها كلّ من البحرين والإمارات وقطر بدعوة العاهل السعودي هذه، معتبرة إياها خطوة عملية مهمّة للمزيد من تحقيق أمن خليجي مستقرّ.ومع تطوّر الأوضاع وتعاظم التحدّيات في المنطقة، خصوصاً هذه الأيام، تتوقع مصادر خليجية أن تعلن المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين صيغة وحدوية بينهما، وذلك على هامش القمة التشاورية التي تستضيفها الرياض الشهر المقبل. وتتحدث المصادر ذاتها عن أن الاسم المقترح لهذه الصيغة هو «الاتّحاد الخليجي العربي»؛ وسيكون المجال مفتوحاً بالطبع لسائر دول مجلس التعاون الأخرى، لأن تنضمّ إلى هذه الصيغة الوحدوية الكونفدرالية، والتي لن تؤدّي، بحسب المصادر الخليجية عينها، إلى إلغاء الشخصية السياسية للدول التي ستنضمّ إليها.من جهة أخرى، ما يزال العديد من الباحثين الاستراتيجيّين العرب والأجانب يعوّلون على ترجمة فكرة انضمام كلّ من الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي للإسهام في تأسيس جبهة عربية قوية، أمنية واقتصادية وبشرية تواجه الأخطار المتزايدة التي تتعرّض لها دول الخليج العربي، سيما من إيران وأطماعها في المنطقة. فمن هذا المنطلق فتح مجلس التعاون، كما يقول الكاتب السياسي، أنور بوخارس، «أبوابه المؤسسية للأردن والمغرب اللذين يتشاطران مع بلدانه الهوية الدينية نفسها، والنظرة الإستراتيجية عينها إلى التهديد الخارجي؛ وهما حليفتان موثوقتان لمجلس التعاون الخليجي، وتنشران أصلاً آلاف العناصر الأمنية منذ عقود»؛ خصوصاً الأردن، حيث له وجود مزمن في العديد من دول مجلس التعاون، بخاصة على المستويات الأمنية، من جيش وشرطة وأمن سري وتدريبات...إلخ، فضلاً عن قضايا محورية أخرى تتعلق بالتربية والتعليم والطبّ والمقاولات والإعلام...إلخ.الأردن رحّب طبعاً بالخطوة، وأعلن استعداده للانخراط الهيكلي فيها، خصوصاً أن له حدوداً مشتركة مع السعودية، أكبر دول المجلس وأهمها اقتصادياًّ، ونفوذاً سياسياًّ، وثقلاً سكانيّاً.أما المغرب، وبسبب البعد الجغرافي، والاختلاف بين بنى اقتصاده واقتصادات دول مجلس التعاون، إذ أن 65 في المائة من صادراته و83 في المائة من إيرادات قطاعه السياحي و90 في المائة من تحويلات أبنائه في الخارج، تتمّ مع الاتّحاد الأوربي، فقد طلب التريّث ودرس مقتضيات الاقتراح من جوانبه المختلفة ليصبح أمراً واقعاً وغير مهدّد بأيّ مفاجآت لاحقة تنسفه من أساسه..هذا رغم أن الاقتصاد المغربي يحتاج إلى دعم مادي متواصل لسدّ عجوزاته السنوية المتلاحقة، وكذلك للمزيد من الاستثمارات وتصريف اليد العاملة المغربية ومعها عشرات الألوف من خرّيجي الجامعات من الذين لا يجدون فرص عمل ملائمة لهم في بلدهم.إن المغرب كان أعلن رسمياً، عبر وزارة خارجيته، أنه متشبّث ببناء اتّحاد المغرب العربي، لكن ذلك لن يمنعه من وضع إطار للتعاون الاستراتيجي الشامل مع مجلس التعاون تكون نتائجه مفيدة للجميع، خصوصاً في هذه الظروف الحرجة التي يمرّ بها العالم العربي برمته.لكن هل دول مجلس التعاون مهدّدة فعلاً باستقرارها على مستوى راهن واستراتيجي لاحق؟هذا السؤال يجيب عنه بالنفي أكثر من مختصّ سياسي واستراتيجي بهذه المنطقة الحيوية من العالم، والتي تضمّ نحو 65 في المغرب من الاحتياطي العالمي من البترول و26 في المغرب من احتياجات الغاز العالمية، وتزوّد الأسواق العالمية بنحو ثلث حاجتها. يقول الباحث الأمريكي جون مايك شبيت (من أصل لبناني) بالحرف الواحد في كتاب سيصدر له قريباً عن دار دورانس الأمريكية للنشر «بأن منطقة الخليج العربي، وبخلاف ما يشاع حالياً، لن يمسّها «الربيع العربي» بأيّ تغييرات بنيويّة جذرية أو طفيفة، لأنها منطقة حساسة، خصوصاً للدول الكبرى كافة في العالم. فرغم التباينات السياسية، والصراع على المصالح والنفوذ بين الولايات المتّحدة وحلف الناتو من جهة مثلاً، والصين ومعها دول البريكس الأربع من جهة ثانية، فإنه ليس من مصلحة أي من هذه الدول وغيرها، أن تعم الفوضى في منطقة الخليج التي هي رئة العالم الاقتصادية وقلبه. فالكلّ مُجمع على تجنيب هذه المنطقة أيّ تصدّع أمنيّ أو حروب متنقلة تحت أية عناوين، رغم السجالات السياسية الحادة التي تظلّ ترتفع تقريباً من هذا الطرف أو ذاك.هذا الكلام منطقي في واقعه ونتائجه، فالولايات المتحدة مثلاً، والتي لديها مصالح إستراتيجية هائلة في المنطقة تتجسّد باستمرار اعتمادها على نفط الخليج وموقع الخليج الاستراتيجي نفسه، لا تخفي أبداً اهتمامها بحاضر دول مجلس التعاون ومستقبلها.. واستطراداً البقاء فيها. أحمد فرحات, عن مؤسسة الفكر العربي

دول الخليج.. من التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رحيل وردة الجزائرية يلغي مشروع سهرتها بالمغرب

لجنة تأديبية تحل بمكتب القناة الثانية بطنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات