الضريبة … عداوة قديمة ضد المكوس

انتفاضة دباغي فاس وجزء من سكانها في 1873 احتجاجا على الضريبة ليست العداوة بين المغاربة والضريبة وليدة اليوم، فقد واجه المولى الحسن، وهو في طريقه إلى فاس لتلقي بيعة أهلها سنة 1873 ، انتفاضة دباغي المدينة وجزء مهم من سكانها احتجاجا على عدم إلغاء الضريبة المفروضة على البضائع المعروضة في الأسواق. وكانت مطالب الإلغاء مؤسسة على أن حاملي بطاقة الحماية القنصلية من التجار المغاربة كانوا لا يؤدونها، مما كان يظهر حيفا تجاه التجار الآخرين، وذلك بالنظر إلى عجز الدولة حينها عن فرض المكوس على الأجانب والمحميين. ولمواجهة تناقص مداخل الموانئ وحاجة بيت المال إلى المداخيل جاءت ضريبة الترتيب، لتحل من جهة ، مشكلة تنصل الأجانب و محمييهم من الأداء، ومن جهة ثانية الجواب عن الإحساس بالحيف عند الذين كانوا ملزمين وحدهم بالمساهمة في ميزانية المخزن ، إلا أن هذا الانتقال الجزئي ، على مستوى القانون، من الشرعي- الديني إلى الوضعي- التنظيمي اصطدم بحاجزين كبيرين، أولهما العقلية المحافظة للمغاربة التي تتقوى و تتجدد بفعل التوجهات الهوياتية التي انتعشت أمام التدخلات الخارجية و إضعافها المستمر لسيادة المخزن، وثانيهما مناورات القوى الغربية، التي لم تكن تخطط للإصلاح إلا في ظل الهيمنة الغربية و السيطرة الاستعمارية. وعمل المولى الحسن على سن الترتيب لتصبح واجبة على كل من يمارس نشاطا إنتاجيا، مغربيا كان أو أجنبيا خصوصا في المجال القروي، أي أغلبية التراب، لذلك اعتبر أنه أول ضريبة بمواصفات وضعية، تم إقرارها مستهل 1881 ووقع عليها إلى جانب المغرب ممثلو القوى الغربية يوم 30 مارس من الشهر نفسه. و يشمل هذا القانون الضريبي 27 بندا و ملحقا تكميليا. لم يستطع السلطان المغربي خلال ثلاث سنوات من سن الترتيب تطبيقه لاحتجاج فئات اجتماعية بذريعة أنه غير عادل و غير شرعي، ولامتناع القوى الغربية عن فرض جبايته على الأجانب و على المحميين لأن معظم المغاربة لا يلتزمون بذلك، فدخل المغرب مسلسل "حركات" الحسن الأول، التي كانت حصيلتها على المدى المتوسط مزيدا من التفكيك الاجتماعي والفقر، والتيه الجماعي. من جهته حاول المولى عبد العزيز فرض ضريبة الترتيب من جديد في 1901 إلا أن القوى المستفيدة من الوضع القائم عملت على عرقلتها والتصدي لها، ولم تحظ بموافقة فرنسا التي حالت دون تطبيقها بغية جر المغرب إلى مستنقع الاقتراض، الذي ساهم إلى جانب عوامل أخرى في هدم سيادة البلاد، إذ وظفت فرنسا أيادي مغربية لضمان أهم مورد جبائي خلال فترة الحماية بعد إصدارها لظهير 10 مارس 1915 المنظم لضريبة الترتيب. وارتبطت أزمة الضريبة بأزمة المخزن الجهاز المفترض فيه أن يسعى إلى إنجاح تجربة الترتيب من خلال السهر على تطبيقها بين نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. ياسين قُطيب

الضريبة … عداوة قديمة ضد المكوس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لمسؤول تلاعب بأسمدة

الحبس لشاهدة زور بالجديدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات