الأمازيغية … حبر على ورق

نقص حاد في الموارد البشرية وضعف التكوين ووفرة في الكتب بمضامين باهتة وتأخر وصولها إلى المعنيين يتعثر مشروع تدريس اللغة الأمازيغية وإدماجها في منظومة التعليم، رغم مرور 15 سنة على صدور قرار سياسي يقضي بتدشين مرحلة من مصالحة المدرسة العمومية مع هوياتها وذاتها المغربية الأصيلة، أي مدرسة مواطنة منفتحة على الثقافات واللغات الوطنية وتشكل مدخلا لترسيخ البعد الحقيقي والأسمى للهوية الوطنية من خلال تلقينه للناشئة والتلاميذ والشباب المغربي ليعتز بهويته المتعددة الأبعاد. وينشغل عدد من الباحثين في الثقافة واللغة الأمازيغيتين بتقييم هذه المرحلة الزمنية وطرح الأسئلة الحقيقية لاستشراف الرؤية، من قبيل، هل انطلق مشروع التدريس من النقطة التي كان ينبغي أن ينطلق منها؟ ما هي أخطاء البداية؟ وكيف ساهم الارتجال وغياب تصور واضح في تكريس نوع من الممارسة أساء للعملية برمتها؟ وهل وفرت الوزارة الكتب والمقررات الدراسية والوسائل والإمكانيات البيداغوجية اللازمة وتنقيحها وتتبعها على مدى 15 سنة؟ وما مدى إيمان المسؤولين التربويين في النيابات والأكاديميات والوزارة والمفتشين والمدرسين بـ"مشروعية" هذا المشروع؟ في دراسة حول أسباب التعثر، يطرح الباحث لحسن بازغ، معضلة الموارد البشرية، مؤكدا أن الأطر التربوية والإدارية المعنية بتدريس اللغة الأمازيغية عانت، وما تزال، نقصا كبيرا. فعدد الأساتذة الذين تولوا المهمة في الموسم الدراسي 2014/ 2015 قدر بـ 5400 أستاذ، منهم 480 متخصصا، أي 4 في المائة فقط من مجموع أساتذة التعليم الابتدائي. أما عدد التلاميذ الذين شملهم التدريس خلال الموسم نفسه فقدر بـ 560 ألف تلميذ، وهو رقم ضعيف بالمقارنة مع عدد التلاميذ في مرحلة الابتدائي الذي يتجاوز ثلاثة ملايين ونصف. ورغم إقرار صيغة الأستاذ المتخصص القار عبر التكوين الأساسي في 4 مراكز جهوية لمهن التربية والتكوين منذ 2012، لم يواكب ذلك تخصيص مناصب مالية كافية، إذ أن الاكتفاء بـ120 منصبا لن يساهم في أفق منظور في تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في كل المستويات والمسارات الدراسية ولو بعد 30 سنة أخرى. ويضاف إلى النقص الحاد في الموارد البشرية، حسب بازغ، غياب واضح للتأطير البيداغوجي في الميدان المصاحب للمدرسين المكلفين الجدد، إذ توجد صعوبة كبيرة في تحويل أساتذة غير ناطقين بالأمازيغية إلى مدرسين أكفاء في هذه المادة خلال 3 دورات تكوينية سنوية، حسب المذكرة الوزارية 130 التي تحث على تنظيمها أي 15 يوم تكوين في السنة. ورغم محدوديتها، توقفت هذه العملية التكوينية في 2008، إذ لم يطلع عدد كبير من الأساتذة على آليات استعمال الأمازيغية والتعرف على حروفها وضبط قواعدها والظروف المرتبطة بالمعيرة والتقعيد. وحتى على المستوى الكيفي، لم تدرس اللغة الأمازيغية بشكل منتظم حسب التوزيع السنوي، وفي بعض الأحيان لا يتجاوز درس اللغة الأمازيغية تعلم حروف تيفيناغ طول السنة، في الوقت الذي قامت وزارة التربية الوطنية بتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بإصدار الكتب المدرسية من الأول إلى السادس مع دليل الأستاذ "تيفاوين اتمازيغت" واعتمد في صياغة هذه الكتب على بيداغوجية الكفايات. إشكاليات التأليف بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أعدت وزارة التربية الوطنية سلسلة من الكتاب المدرسي، إذ صدرت ستة كتب من الأول إلى السادس «تيفاوين اتمازيغت»، وتعني «صباح الخير أيتها الأمازيغية»، إضافة إلى تأليف دليل الأستاذ للمستويات المذكورة ومعاجم وكتب القواعد وقصص وكتب ترفيه. ورغم هذا المجهود التأليفي، فإن عددا من الآباء والتلاميذ يثيرون ندرتها وتأخر وصولها أسوة بباقي المواد الأخرى، كما أن البعض الآخر ينتقد هذه الكتب في محتوياتها بأنها لا تستجيب للحضارة والتاريخ الأمازيغي، «فغالبا ما نجد ترجمة نصوص من العربية إلى الأمازيغية في وقت تزخر فيه الحضارة الأمازيغية بأحداث مهمة ومثيرة، كما أن بعض الأساتذة يجدون صعوبة في قراءة الجمل والمصطلحات الواردة فيها بسبب ضعف التكوين وعدم التمكن من أبجدية تيفيناغ»، حسب الباحث نفسه. يوسف الساكت

الأمازيغية … حبر على ورق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حاجي...سفير اللباس المغربي

مستنقع مديونة ... ابحثوا عن مافيا العقار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات