القصر والعدالة والتنمية… إسلاميو العرش

الحزب سعى إلى تبديد المخاوف وخلافات تدبير الشأن العام تعيد الصراع إلى الواجهة قبل سنوات، كتب الفرنسي ريمي لوفو عن المغرب كتابا بعنوان "الفلاح المغربي المدافع عن العرش"، واليوم يستحق هذا الوصف أن ينطبق على تجربة العدالة والتنمية في الحكومة، فبعد أن أبدت معارضتها للكثير من التصورات داخل الدولة، ومنها مشاريع وأوراش هيكلية بدعوى أنها مضيعة للمال، وسوء تقدير من مجال تدبير الشأن العمومي، يجد الحزب نفسه اليوم في موقع "المدافع عن العرش"، في ظل موجة الانتقادات التي توجه إلى تنزيل الدستور وممارسة بعض الاختصاصات التنفيذية التي خولها القانون الأسمى للبلاد للحكومة الجديدة.أخطاء الحزب وتوجس القصرحزب العدالة والتنمية الذي سعى عشية إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، وبعد تأكده من اكتساحها، إلى إعادة بناء الثقة مع المؤسسة الملكية ومحيطها، في شخص فؤاد عالي الهمة، الذي طالما هاجمه الحزب ونعته بأوصاف في حرب لم تضع أوزارها إلا بانسحاب "صديق الملك" من الساحة السياسية، عودته إلى موقعه في محيط الملك، في رسالة كانت أولى الإشارات الإيجابية التي بعثها الملك إلى حزب عبد الإله بنكيران، من أجل إعادة بناء صفحة جديدة بين الرجل والحزب. بعد أن أخذ وزراء العدالة والتنمية مقاعدهم في الحكومة الجديدة، بدأ الحزب يكتشف أن منطق الدولة يختلف كثيرا عن منطق الحزب.بالمقابل، وجه إليهم خصومهم السياسيون، في هذا الشأن، انتقادات مفادها أن العدالة والتنمية ما يزال يدير الدولة بمنطق الحزب، حقيقة تأكدت في ظل الأزمات التي مرت بها حكومة بنكيران، وحملت بعض قيادات حزبه على التلويح بالعودة إلى الشارع والاستقواء بالتنظيمات الحزبية في قضية دفاتر التحملات مثلا. هذه الإشارة، زكاها تصريح نقل عن رئيس الحكومة، في اجتماع لأغلبيته، اعتبر فيها أن الربيع العربي قد يعود إلى المغرب، بنكيران سارع إلى تصحيح تصريحاته بالقول إن ما نقلته عنه وسائل الإعلام أخرج من سياقه.الإسلاميون المدافعون عن الملكأزمة الحكومة لم تقف عند هذا الحد، بل شكلت قضية دفتر التحملات واحدا من مظاهرها، وإن هذه القضية بالذات لقيت دعما كبيرا من قبل قوى الإصلاح، بالنظر إلى أن الثقة والمصداقية التي يكتسبها رجل مثل وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، في مقابل رائحة الفساد التي تفوح من القطب الإعلامي منذ سنوات، وتأخره عن مواكبة التطورات السياسية والاجتماعية التي يعرفها المجتمع، بدعوى أنه إعلام الدولة له خطاب وأسلوب مشترك شأنه شأن باقي وسائل الإعلام الرسمي في كل بقاع العالم.بالمقابل، شكل مشروع القطار الفائق السرعة "التي جي في"، التي تبناه الوزير عزيز الرباح، وانتقده بشدة زميله لحسن الداودي إبان المعارضة، واجهة أخرى لأزمة العدالة والتنمية في سعيها إلى تفادي الصدام مع القصر، فقد استبق وزير التجهيز والنقل، كل تأويل بالإعلان عن أن مشروع القطار هو مشروع العدالة والتنمية، ليضع بذلك حدا لكل تداعيات من شأنها أن تعكر العلاقة بين الحكومة، التي تمارس صلاحياتها التنفيذية في التدبير الإداري لبعض المرافق العمومية، والمؤسسة الملكية التي تتابع هذا النوع من المشاريع الكبرى التي يتقاطع فيها الاعتبار السياسي بالاقتصادي بالعلاقات مع مصالح دول أجنبية تشارك في المشروع.بنكيران يتحاشى تنازع السلطةمن جهته، دافع مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، عن فكرة التعاون والتفاهم بين السلطة التنفيذية، التي يقودها حزب العدالة والتنمية والمؤسسة الملكية، في بلورة الإطار السياسي الذي يحكم تنزيل الدستور، وهو إطار، يقول وزير الاتصال في حوار سابق لـ"الصباح"، "اشتغلنا به قبل الوصول إلى الحكومة، وسعينا إلى ترسيخه وتثبيته على اعتبار أن الأمر يتعلق بشرط لازم للنجاح في تنزيل البرنامج الحكومي، وهذا ما عبر عنه رئيس الحكومة بالقول: لم نأت لنتنازع مع المؤسسة الملكية بل للاشتغال معها، لأن رئيس الدولة هو جلالة الملك".لقد سعى حزب العدالة والتنمية إلى تبديد مخاوف القصر، ومحيطه بالأساس، بالمقابل، قبلت المؤسسة الملكية بعملية ديمقراطية تضمن للحزب الوصول إلى السلطة وتؤمن له الأغلبية، غير أن الصراع الذي يفرزه تدبير الشأن العام، وإن كان يختفي وراء تنزيل الدستور، يكشف أن العلاقة بين الطرفين تسقط بين الفينة والأخرى في أزمة. إحسان الحافظي

القصر والعدالة والتنمية… إسلاميو العرش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مـحـنـة بـنـكـيـران فـي دار المـخـزن

التقييدات الاحتياطية تسيطر على ندوة التحفيظ العقاري بمراكش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات