مـحـنـة بـنـكـيـران فـي دار المـخـزن

إسلاميو العدالة والتنمية متحمسون لخطهم الدعوي ويخشون أن يقتلعهم الحكم من جذورهم كشفت التطورات الأخيرة التي تعيشها حكومة بنكيران خللا كبيرا في مقاربة إسلاميي العدالة والتنمية لواقع تدبير الشأن العام بالمغرب، أو لنقلها صراحة، ضعف تمرس الحزب وعدم انضباط بعض رجالاته لواجب التحفظ الذي يفرض على رجل الدولة عدم الإدلاء بتصريحات "عفوية" أو محررة من كل قيود، أو الخلط بين صفة المناضل الحزبي والوزير، بين الرأي الشخصي والموقف الرسمي الذي يلزم الحكومة، فضلا عن ميل وزراء العدالة والتنمية إلى إثبات وجودهم و"وفائهم لقاعدتهم الناخبة" من خلال إصدار قرارات فردية تهم القطاعات التي يشرفون عليها، رغم أن هذا يظهر أنه يدخل في صميم صلاحياتهم، إلا أن طبيعة هذه القرارات ونتائجها تعني الحكومة بأكملها، خاصة أنها تحمل في طياتها دلالات سياسية وتحكمها مرجعية وبرنامج حزب داخل الحكومة، قد لا تلقى القبول من لدن باقي مكونات الأغلبية، أو أنها محط نقاش ولا تتوجه إلى كافة مكونات المجتمع، بل تعني هيأة ناخبة على مقاس العدالة والتنمية، وهو ما من شأنه إحراج باقي مكونات الحكومة أمام ناخبيهم، وتحويلهم إلى مساندين خانعين لتوجه حكومي مهيمن.علاقة الحكومة بالقمار والمهرجانات والسياحة والإعلام، وتوظيف الدين في السياسة، نقاط خلافية أساسية تهدد استمراريتها، وتجد نفسها اليوم أمام مفترق الطرق، فإما أن تكون حكومة ملتحية تماما، يقودها ويتحكم فيها إسلاميو "جلالة الملك" أو أن تنتهي إلى سحب الثقة منها في أي لحظة بسبب الحروب الناجمة عن سوء التنسيق بين مكوناتها، وميل رئيسها إلى وزراء حزبه في معظم القرارات التي يتخذونها، قبل أن يمارس نقدا ذاتيا ويقبل بتغيير منهجية تدبيره للحكومة.إسلاميو العدالة والتنمية، وإن كانو يسلمون بثوابت البلاد، الملكية والدين الإسلامي والوحدة الترابية، إلا أن عنصر الخيار الديمقراطي وتدبير التعدد والاختلاف الذي أضافه خطاب تاسع مارس إلى هذه الثوابت ما يزال محل نظر لدى زعماء ال"بي جي دي"، لماذا؟ لأنهم متحمسون لنظرية "الحزب المهيمن"، وهم يعتقدون عن خطأ، أن الملك يجب أن يكون في صفهم الذي يعتبرونه صف الإصلاح والتغيير، كما أنهم لم يتراجعوا بعد عن خطاب التهديد وازدواجية المعايير في التعامل مع النظام، وبرز ذلك جليا من خلال تهديد بعض قادة العدالة والتنمية بالنزول إلى الشارع، والإشارات السلبية التي أرسلها زعيمهم بنكيران، وكانت هفوة، بأن الربيع العربي لم ينته بعد ومن الممكن أن يعود في أي لحظة، فهل هو ابتزاز أم ضغط أم شكوى من محيط الملك الذي تصالح معه بنكيران بعد تعيينه رئيسا للحكومة وكان في قت سابق من أشد المهاجمين له؟ بنكيران قبل قواعد اللعبة وشارك في هندستها حين كان يجول بين الأقاليم والمدن مدافعا منافحا عن الدستور الجديد وواجه لجنة تعديل الدستور وأعضاء في حزبه وحركة 20 فبراير بشأن الحفاظ على صلاحيات الملك كما كانت في دستور 1996، وأكد مرارا أن لا إصلاح دون توافق مع الملك، وأنه لن يدخل في مواجهة مع جلالة الملك، وبالتالي فمطلوب منه اليوم الاستمرار في اللعبة إلى نهايتها مادام قبل بشروطها، والتحلي بصفات رجل الدولة و توخي الإصلاح بنفس طويل فالأرض لن تكون مفروشة أمامه بالورود وكان يدري ذلك جيدا من قبل. رشيد باحة

مـحـنـة بـنـكـيـران فـي دار المـخـزن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

دفاتر التحملات تفجر أزمة والحكومة تختار التهدئة

القصر والعدالة والتنمية... إسلاميو العرش

مقالات ذات صلة