دفاتر التحملات تعبر عن جرأة سياسية

الرامي الباحث الإعلامي أكد أنه لا يمكن القول إنه تم اختزال التلفزيون العمومي في الدين قال عبد الوهاب الرامي، باحث إعلامي، إن التغييرات التي طالت دفاتر التحملات الجديدة للقنوات والإذاعات العمومية تعبر عن جرأة سياسية في التعامل مع التلفزيون العمومي، مضيفا أنه في ما قبل لم تكن تخرج عن تمثلات ضبابية وارتباك في ضبط مفهوم الإعلام العمومي. ووصف الرامي النقاش المثار حول دفاتر التحملات بالصحي على اعتبار أنه يعبر عن حساسيات مختلفة. عن التغييرات التي طالت دفاتر التحملات ومواضيع أخرى يتحدث عبد الوهاب الرامي ل"الصباح" في الحوار التالي: ما هي قراءتك للتغييرات التي طالت دفاتر تحملات القنوات والإذاعات الوطنية؟ القراءة الأولى تتمثل في أن دفاتر التحملات الجديدة تعبر عن قناعة معبر عنها بوضوح، وبالتالي يمكن القول إن هناك جرأة سياسية في التعامل مع التلفزيون العمومي، غير معهودة من قبل، لأنه لم نكن نخرج في السابق عن تمثلات ضبابية، أقصى ما يمكن أن ترمز إليه هو الارتباك في ضبط مفهوم الإعلام العمومي. وبغض النظر عن مختلف التقييمات التي يمكن أن تثار حول الدفاتر الجديدة، فلا أحد يمكنه القول إنها لا تتفق مع دستور 2011، والذي صفق له الكثيرون آنذاك، ثم نراهم اليوم يجادلون في أحد مظاهر تطبيقاته. والمسألة الثانية التي يجب الإشارة إليها، وهي أنه لا يمكن، موضوعيا، لأي حزب سياسي يقود الحكومة، أن يتناقض مع مرجعياته وخاصة في شقها الهوياتي. الآن، وبعد هذه الإشارات، لابد للذين يجادلون في محتوى دفاتر التحملات من تهييء مشروع مجتمعي بديل يتبارون من خلاله في الاستحقاقات السياسية المقبلة، لإقناع المجتمع المغربي به وتطبيقه بتناغم مع مبادئهم التي يكون الشعب قد انحاز إليها. هذه هي التواضعات الديمقراطية.ومن جانب آخر لا يمكن القول الآن إنه قد تم اختزال التلفزيون العمومي في الدين، وإن كان هناك من يتخوف من أن تكون دفاتر التحملات الجديدة مدخلا لفرض مسحة دينية على الإعلام العمومي، إذ لا يمكن في كل الحالات أن يكون التلفزيون العمومي الشامل دينيا، مع وجود قناة متخصصة في ضمان الأمن الروحي. وإلا فإننا سنصبح دولة تيوقراطية، يناقض وجودها كل مقولات الإسلام الوسطي المعتدل الذي هو خير ضامن للتعددية والتساكن وحوار الحضارات. ما رأيك في النقاش المثار حاليا بشأن دفاتر تحملات القنوات التلفزيونية والإذاعية التابعة للقطب العمومي؟ النقاش الدائر الآن صحي في نظري، ويعبر عن حساسيات مختلفة، لا بين التيار العلماني وبين الإسلاميين كما يقول البعض، بل بين برامج لأن المسألة ترتبط بالهوية أساسا. والهوية هي خليط يتحدد في النهاية بتعاملنا مع المشترك الإنساني بغض النظر عن أي دين نعتنق، وعن كيفية أدائنا للشعائر الدينية، إلى غير ذلك. وفي جميع الحالات، فإن دفاتر التحملات ستطبق، وفقا لإعمال مبادئ الديمقراطية، خاصة أن الدستور يسطر أن المغرب دولة إسلامية، ويجعل من إمارة المؤمنين ركيزة أساسية داخل المنظومة السياسية للدولة، وبالتالي فإن دفاتر التحملات هذه تترجم مقولات الدستور. ولا شك أنه لو تم التسريع بالترخيص لقنوات حرة، دون أن يكون هناك إلزام مسطري لها بإشباع الجانب الديني، لكان الأمر أكثر وضوحا في طريقة تعامل الحكومة الجديدة مع تصوراتها لأداء الإعلام العمومي. وربما سيتحقق الأمر في قادمات الأيام. هل تعتبر دفاتر التحملات تمريرا لخطاب سياسي داخل الإعلام العمومي؟ هذا طبيعي. لا شيء داخل قرارات الدولة يخرج عن دائرة السياسي. ولذلك على السياسيين في المغرب أن يتحلوا بقدر من الأخلاقيات، حتى نبتعد عن السياسوية والشعبوية اللتين تخدمان الحاكمين وتبيعان للمواطنين أكيالا من السراب، والأحلام السخيفة. ولماذا نلجأ دائما إلى كلمة "تمرير"، في الوقت الذي يمكننا أن نتحدث فيه، ودون مواربة، عن تنزيل لقناعات، في وضح النهار ووفق برنامج يحظى بإجماع الأغلبية. ويبدو أنه بقدر ما أقول إن النقاش حول التوجه الديني في دفاتر التحملات الجديدة الخاصة بالإعلام العمومي صحي، فإن السياسيين لا يتحملون مسؤوليتهم كاملة في هذا النقاش. وأنا أتساءل عن الرأي الصريح لحزب التقدم والاشتراكية في هذا الشأن، وخاصة وأنه الأقرب داخل الائتلاف الحكومي إلى المقاربة العلمانية في الحكم. إن الحقل السياسي بالمغرب في حاجة برمته إلى الوضوح المذهبي، حتى نخرج من المنطق الحزبي الفصامي "مع وضد" في الآن نفسه، واللعب على أكثر من حبل من أجل ضمان وجود قد يكون ضرره أكثر من نفعه إذا ما وضعناه على محك الصالح العام. كيف تنظر إلى مستقبل الإعلام العمومي المغربي؟ الدفاتر الجديدة تحيل على وضوح هوياتي وممارسة لحق دستوري من طرف الحكومة، بغض النظر عن ردود فعل المتخوفين من انغلاق التلفزيون العمومي على الهوية المختزلة في الدين، على اعتبار أن الهوية الوطنية لا تقتصر على الدين، وإن كان هذا الأخير من أكثر مقوماتها تجذرا. ولتوضيح هذا، أشير إلى أن هناك مواطنين مغاربة يعتنقون الديانة اليهودية أو المسيحية.والصيغة الجديدة لدفاتر التحملات، ستجعل من النقاش السياسي حول الإعلام في الاستحقاقات القادمة أمرا حيويا بالنسبة إلى المجتمع. والآن، أصبح الإعلام مع دفاتر التحملات الجديدة خارج دائرة الطابو، وهو ما لم يجرؤ السياسيون في سدة الحكم على اختراقه في السابق. وهذا يحسب بكل صدق وموضوعية للحكومة الحالية. وأنا شخصيا لا أحبذ أن يتم إلباس الإعلام لبوس الدين، وذلك لاختلاف المقاربة بين القلب والعقل. وإذا اقتصر الإعلام العمومي على بعض الخدمات الدينية مثل الإشعار بتوقيت الصلاة، فلا بأس، لكن الأهم أن يكون مجالا للنقاش العام حول كل القضايا المهمة داخل المجتمع، ومنها أساسا تلك المرتبطة بالديمقراطية والحداثة والعصرنة وحقوق الإنسان وضمنها حقوق الأقليات والفئات الهشة، والمساواة والعدل والتوزيع العادل للثروة، إلى غير ذلك. أجرت الحوار: أمينة كندي

دفاتر التحملات تعبر عن جرأة سياسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الإعلام العمومي بين هيمنة الحكومة ووصاية الدولة

تصدع داخل أغلبية بنكيران بسبب دفاتر التحملات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات