زاد الهوس، خلال السنوات الماضية، على الرغبة في الحصول على شهادات "الماستر" والدكتوراه، الشيء الذي ساهم في إحداث العديد من "الماسترات"، بأغلب الجامعات، في جميع التخصصات. هذه الحمى حول التحصيل الجامعي، لم يكن سببها مفهوما، هل هو الرغبة في مواصلة الدراسة فعلا، أم لغاية في نفس يعقوب؟ في بداية الأمر، اعتبر الأمر حالة صحية، في مدرجات الجامعات التي أضحت تستقبل عددا لا يستهان به من الشخصيات العامة، في ميادين عديدة، بل شكل حافزا مهما لطلبة في بداية مسارهم الجامعي في الاقتداء، ليتحول إلى كابوس، بعد أن اكتشف أن بعض من ولجوا الجامعة لم تكن لهم أي رغبة في التحصيل سوى الحصول على تلك الوثيقة أو اللقب دون عناء، وهي البقعة التي نمت فيها بعض الطفليات ممن يفترض فيهم أنهم "رسل"، وتحول الحرم الجامعي إلى سوق للبيع والشراء، والثمن يختلف حسب الشخص والمكانة الاعتبارية له والجنس. قيل عن بيع شهادات الماستر الكثير وقدمت بشأنها شكايات عدة، وكانت حديث العام والخاص، لكن كان هناك بالمقابل صمت مريب من الدولة، وهو ما ساهم في اتساع بركة الزيت تلك، وظنت تلك الطفليات أنها محمية، مادامت شخصيات معينة استفادت من خدماتها، ومادام أن العلم والمعرفة أضحيا يقاسان بدبلومات، على خلاف المثل المصري الشائع "العلم في الراس مش في الكراس". آخر تلك الفضائح تلك التي وقعت، الأسبوع الماضي، وانتهت باعتقال أستاذ جامعي كان يشتغل في وقت سابق رئيس شعبة بجامعة ابن زهر بأكادير في فضيحة بيع شهادات الماستر، بعد أن أظهرت الأبحاث تورطه إلى جانب آخرين في هذه الجناية، والتي لم يكن لها أن ترتكب دون وجود مساهمين ومشاركين من الجانبين، وعلى رأسهم الراغب في الشهادة دون معاناة و"السماسرة". فهذه الفضيحة إن ذهبت التحقيقات إلى أبعدها في الموضوع ستكشف النقاب عن أصحاب شهادات ماستر ودكتوراه لا يعرفون منها إلا العنوان، وعلى أبعد تقدير الملخصات التي قرؤوها لحظة المناقشة. الكل مسؤول في هذه الفضيحة، بدءا من الشكايات التي قدمت من قبل ضحايا ضد هذا الأستاذ، منذ أكثر من أربع سنوات، في شأن "السمسرة" في الدبلومات، ولم يتم اتخاذ أي إجراء قانوني ضده ما زاد لديه "الأنا"، وجعله يظن في قرارة نفسه أنه محمي، وصولا إلى ذلك الطالب المفترض الذي قبل على نفسه الحصول على شهادة لا يستحقها مقابل مبالغ مالية مهمة، وساهم في جريمة التزوير تلك، بل استفاد منها، وهنا يفترض أن يطوله أيضا العقاب، بالنظر إلى تداعيات تلك الشهادة على مساره المهني، والتي ربما مكنته من الترقي في سلم وظيفته أو الحصول على منصب مهم، وحرم من كانوا يستحقون ذلك. في هذا الملف ولتحقيق العدالة، فالأبحاث والتحقيقات يجب ألا تقف عند "ويل للمصلين". للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma