تغول المواطن استثنائي

< لماذا ارتفعت في الآونة الأخيرة مظاهر المواجهة أو «الاحتكاك» بين الإدارة والمواطن ؟ < بدأنا نلاحظ في الآونة الأخيرة بعض مظاهر المواجهة بين الإدارة والمواطنين، وقد يبدو الأمر طبيعيا عندما نستقرئ الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المغرب. فمن الناحية السياسية أتاحت الدولة بعض الأجواء من خلال القوانين التي تنص على حرية التعبير والتجمهر، أي الاحتجاج والخروج إلى الشارع والمطالب ذات الطابع الاجتماعي. هذه المظاهر قد يقرؤها البعض كأنها تحد للدولة، لكنها في الواقع تظل وسيلة حضارية، ما دامت تبقى في إطار المطالبة بالحقوق والطموح إلى تحقيق بعض التطلعات أو الغايات المشروعة التي يسعى المواطن إلى تحقيقها. ما دامت هذه المواجهة لا تخرج عن الإطار الشرعي، فمن حق المواطن أن يحتج ويلتمس ويطالب بحقوقه. < ألا يمكننا القول إننا دخلنا حالة «تغول» فيها المواطن بعد مرحلة تغول الإدارة؟ < لا أعتقد، إذ لا يمكننا النظر إلى هذا الأمر من هذه الزاوية، علما أن هناك من يعتبر احتجاج المواطن مرحلة انفلات، باعتبار أن المواطن لم يعد يخاف الإدارة أو المسؤول الإداري، لكن هذه الممارسات ظهرت فقط بسبب ارتفاع الوعي عند المواطن، الذي أصبح قادرا على التوفيق بين الحق والمطالب. وموازاة مع الوعي المتنامي، يتعرض المواطن إلى الكثير من الاستفزازات. الجديد أنه لم يعد يتقبلها، فيظهر احتجاجه، وبالتالي علينا أن نقرأ مواجه المواطن للإدارة على أنها وعي بما له وما عليه، علما أن الموظف لم يتقبل بعد وعي المواطن بحقوقه، ويرفض السماح له باستغلال فضاءات الحرية التي كان يتمتع بها. لكن في المقابل، يجهل بعض المواطنين في واقع الأمر حقوقهم، ولا يعرفون حدودها، فتقع مبالغات في ردود الفعل والاحتجاج، أعتبرها استثنائية، ولا يمكن أن تكون عامة، لكنها قد تحدث نتيجة لعدم إدراك الوضع أو لعدم الأخذ بعين الاعتبار الظرفيات المختلفة التي قد تمر منها الإدارة. < أين يكمن أصل المشكل الحقيقي هل في العقليات أو في الإمكانات التي تتوفر عليها الإدارة؟ < نعرف أن المغاربة «دمهم حامي»، كما أنه نتيجة لتراكم الحالات التي تعرض فيها المغاربة إلى الظلم والإقصاء والحرمان من حقوقهم، فقدوا الثقة في الإدارة، وأصبحت مرادفا لضرورة التوفر على وساطة، قبل ولوجها لقضاء أي غرض كيفما كان نوعه. كما أن أصل المشكل يعود أيضا إلى أن الإدارة تعودت على حد المواطن، ولم تكن هناك شفافية ومرونة في التعامل، وكان المواطن هو الضحية دوما، لكن هذا لا يمنعنا من القول إن الإدارات المغربية فقيرة من حيث الإمكانيات، سواء تعلق الأمر بالموارد البشرية أو وسائل العمل، لكن يجب الاعتراف أن الموظف تعود على الكسل وجعل المواطنين ينتظرون في قاعات الانتظار، (المقاطعات، القنصليات..) هذا التجمهر الكبير هو ما يؤجج ويشجع الاحتجاج وكثرة المواقف الرافضة.. أجرت الحوار: هجر المغلي * (أستاذ باحث في علم الاجتماع)

تغول المواطن استثنائي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحريات تكشف أخطبوط الإحسان العمومي

البوعزيزيون ... قناديل الاحتجاج

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات