وكالتا البيضاء وأكادير… ورطة الاستثناءات

مشاريع فوق أراض مخصصة لمدارس وأخرى في مناطق الفيضانات ورخص في الملك الغابوي والمحميات الطبيعية خصص تقرير المجلس الأعلى للحسابات حيزا هاما لنظام الاستثناءات في تناوله خلاصات عمليات تدقيق وفحص ملفات الوكالتين الحضريتين بالدار البيضاء وأكادير اللتين خصهما بأكثر من 50 صفحة.واعتبر التقرير أن الاستخدام المفرط لنظام الاستثناءات، المنظم بموجب دورية مشتركة بين وزير السكان ووزير الداخلية في فبراير 1999 بهدف إنعاش الاستثمار من خلال تبسيط المساطر الإدارية، أفضى إلى تبعات وخيمة على التخطيطين الحضريين للمدينتين.وأشار التقرير، بالنسبة إلى الوكالة الحضرية للدار البيضاء، إلى غياب معايير واضحة في دراسة طلبات الاستثناءات، إذ لا تحدد دوريتا 2003 و2010 المتعلقتان بهذا الموضوع شروطا لدراسة الطلبات أو مسطرة من أجل معالجتها، كما أن اللجوء المبالغ فيه لهذا النظام خلال الفترة ما بين 2005 و2009 ساهم في القبول المبدئي لـ534 من بين 1214 مشروع استثناء، ما يعني حوالي 5340 هكتارا، أي ما يعادل 21.36 في المائة من المساحة الإجمالية للدار البيضاء الكبرى.وأكد التقرير أن من النتائج السلبية لهذا الاستعمال المفرط الموقف الغامض للوكالة الحضرية ازاء نظام الاستثناءات برمته، صعوبة إدماج مشاريع الاستثناء الممنوحة على مستوى تصاميم التعمير المستقبلية، بما أن هذا النوع من المشاريع يتم بمعزل عن النظرة الشمولية والمنسجمة لتصاميم التهيئة، ويزداد الأمر صعوبة في سياق يطبعه غياب مساطر قانونية ملائمة وواضحة من أجل إدماج الاستثناءات الممنوحة على مستوى وثائق التعمير.ولاحظ قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن مسؤولي الوكالة كانوا يعمدون إلى إعطاء الموافقة على مشاريع الاستثناء في مجالات خاضعة للدراسات في إطار إنجاز تصاميم التهيئة، مثل الدراسة المتعلقة بإنجاز مخطط المرجع الاستراتيجي وتصميم التهيئة القطاعي لساحل دار بوعزة موضوع عقد البرنامج الموقع في 14 دجنبر 2005. أكثر من ذلك، تم الترخيص بالاستثناء لفائدة مشاريع من شأنها التأثير على انجاز المشروع الكبير لأنفا، ويتعلق الأمر بحوالي 35 مشروع استثناء رخص لها ما بين 2006 و2010، ضمنها 14 مشروعا بعين الشق و18 مشروعا بمقاطعة الحي الحسني.فوضى الاستثناءات بالدار البيضاء لا "تستثني" المجال القروي، إذ أظهر تحليل قام به قضاة المجلس لـ59 ملفا متعلقا بالاستثناءات الممنوحة في المناطق ذات الطبيعة الفلاحية وفي المحميات الطبيعية ومناطق التشجير والحزام الأخضر إلى وجود 423 هكتارا خصصت لإحداث مشاريع صناعية وسياحية وسكنية، بل إن الترخيص شمل بعض المناطق غير المغطاة بوثائق التعمير، ما من شأنه إعادة النظر في توجهات الوثائق الأصلية.إضافة إلى هذه الاختلالات، توجد أشكال أخرى من الاستثناءات تشمل أراضي مخصصة للتجهيزات العمومية إلى حين الموافقة على استثناءات أخرى مشروطة بانجاز تلك التجهيزات، ثم الموافقة على استثناءات فوق أراض مخصصة لمؤسسات مدرسية وفي أراض معرضة للفيضانات أو أراض مخصصة للمساحات الخضراء، والموافقة على منح الاستثناء لمشاريع واقعة على أراض غير محفظة.وجوابا على كل هذه الملاحظات، قال وزير الداخلية إن دراسة الملفات المتعلقة بطلبات التراخيص الاستثنائية تتم في إطار لجنة جهوية تحت إشراف الوالي الذي يتتبع شخصيا أشغالها وتتكلف بكتابتها الوكالة الحضرية، مؤكدا أن هذه الموافقة لا يمكن أن تتحول، في أي حال من الأحوال، إلى رخصة بناء أو تقسيم أو تجزيء أو رخصة لإنشاء مجموعة سكنية.بأكادير لا يختلف الأمر عن العاصمة الاقتصادية إلا في بعض التفاصيل والأرقام والعناوين، إذ لاحظ قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن عدد الملفات التي حظيت بالموافقة بلغت 246 ملفا من أصل 459 هيمنت عليها المشاريع ذات الطبيعة العقارية، دون المشاريع الاقتصادية والصناعية والتجارية المدرة لمناصب الشغل والمقوية للنسيج الانتاجي.وفي هذا الصدد، أشار التقرير إلى أن من بين 320 من الملفات المدروسة تتعلق بهذا النوع من المشاريع العقارية، وهي عبارة عن مشاريع محدودة ذات حجم صغير ولا توفر سوى شغل موسمي، مثل بناء فيلات، ولذلك غدت مسطرة، حسب التقرير نفسه، الاستثناءات وسيلة لمنح تراخيص تجزئة وبناء عوض أن تكون وسيلة لتوفيق التخطيط الحضري مع الفرص الحقيقية للاسثتمار.واشار التقرير، في إطار حديثه عن نظام الاستثناءات المعمول به في الوكالة الحضرية بأكادير، إلى حذف المساحات الخضراء ومناطق حماية الممتلكات الطبيعية، مثل مشروع كارتين بالجماعة القروية الدراركا على أرض تقع ضمن الملك الغابوي. هناك أيضا مشروع بناء سوق السمك بأرض مخصصة لمساحة خضراء حسب تصميم التهيئة للجماعة الحضرية ومشروع بناء مقرات بأرض مخصصة لمساحة خضراء وبناء ثكنة للوقاية المدنية لأنزكان.من أوجه الاختلالات في النظام نفسه الترامي على التجهيزات العمومية، مثل بناء عمارة من خمسة طوابق بشارع الحسن الثاني على أرض كان مخصصا جزء منها لساحة عمومية حسب تصميم التهيئة بأكادير، كما توجد استثناءات في تناقض مع اختيارات التهيئة الأولية ومع الدراسات القطاعية الخاصة بالتصاميم، والغريب أن السلطات تلجأ في بعض الأحيان إلى استعمال الاستثناءات لتسوية بعض المخالفات العمرانية، كما هو الحال بالنسبة إلى مشروع بناء مساكن المستخدمين بجماعة امزكان التي شرع في انجازها قبل تاريخ طلب الاستثناء، يضاف إلى ذلك غياب دراسات عن وقع تغيير خاصية المناطق بفعل الاسثتناءات. يوسف الساكت

وكالتا البيضاء وأكادير… ورطة الاستثناءات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضريف: الأحزاب مطالبة ببذل جهود من أجل الشفافية

التقرير يفضح واقع جامعتي الحسن الثاني ومحمد الخامس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات