الخدمة العسكرية … التربية على المواطنة

القانون الجديد ينسخ مرسوم 66 ويسائل فشل المؤسسات السياسية في تأطير الشباب أعاد قرار العودة إلى نظام الخدمة العسكرية الذي أقره المجلس الحكومي، الاثنين الماضي،النقاش حول أهداف الخدمة العسكرية ودورها في إعادة تكوين المواطن، وتربيته على قيم المواطنة والتضحية، والدفاع عن الوطن. ويندرج القرار، الذي تزامن إصداره مع تخليد احتفالات ثورة الملك والشعب وعيد الشباب، في سياق إشراك مؤسسة الجيش، باعتبارها مؤسسة وطنية مهمتها الدفاع عن حوزة الوطن وحماية الحدود، في جهود تكوين الشباب المغربي، على قيم الانضباط وخدمة الوطن، وتعزيز الإحساس بالانتماء الوطني، في ظل تراجع قيم المواطنة وانتشار خطابات التيئيس واللامسؤولية، وطغيان الأنانية والفردانية في السلوك اليومي لفئات واسعة من الشباب. وإذا كانت دواعي وأسباب العودة إلى نظام الخدمة العسكرية بعد التخلي عنها رسميا في 2006، متعددة تجمع بين العوامل السياسية والاجتماعية ومتطلبات الدفاع الوطني، من خلال تجنيد الشباب، وتعبئتهم ضمن جيش احتياطي يستثمر عند الضرورة، فإن السياق الذي تعود فيه، يختلف عن السياق الأمني والسياسي الذي تم خلاله تنزيل المرسوم الملكي سنة 1966، والذي أعقب أحداث مارس 1965، والتي تميزت بانتفاضة شارك فيها الشباب، احتجاجا على السياسة التعليمية في تلك الفترة، والتي اعتبرت لحظة انفجار اجتماعية، اقتضت من الدولة التدخل لإعادة فرض هيبتها واحتواء الاحتقان، من خلال تنزيل قانون التجنيد الإجباري. وقد حدد المرسوم الملكي الأسس التي ارتكز عليها فرض الخدمة العسكرية في "تكوين المواطن تكوينا أساسيا يستطيع معه أن يقوم بواجب الدفاع عن حوزة الوطن في جميع الظروف وبصورة فعالة، وتمكينه من المهارات الفنية والمهنية، التي تسمح له برفع مستواه الاجتماعي وتأهيله إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية". كما حرص المرسوم الملكي على التأكيد أن الهدف من الخدمة العسكرية هو "فرض روح الامتثال ومزايا الإخلاص والإيثار والتضحية في سبيل القضايا التي تتجاوز المصالح الفردية إلى المصالح العليا للأمة". ويرى المختصون أن العودة إلى نظام الخدمة العسكرية الإجبارية التي ستشمل الشباب ما بين 19 و25 سنة، تستند إلى مقتضيات الدستور، التي تؤكد على واجب الدفاع عن الوطن من قبل جميع المغاربة. وأكد محمد شقير، الباحث في العلوم السياسية أن العودة إلى آلية الخدمة العسكرية، في تزامن مع احتفالات عيد الشباب، يحمل أكثر من دلالة، باعتباره جوابا من الدولة على وضعية تتسم بمناخ الاحتقان والنزوع نحو التمرد الذي يخيم على فئات واسعة من الشباب بدون تمدرس ولا عمل، أكثر منه اختيارا تربويا للتربية على المواطنة وقيم الانضباط والتضحية، كما هو معمول به في الدول الديمقراطية. ويأتي المشروع الجديد، بعد أشهر على رفض الحكومة مقترح قانون يطالب بعودة الخدمة المدنية، سبق أن تقدم به الفريق الاستقلالي، من أجل المساهمة في سد الخصاص في بعض القطاعات، خاصة التعليم، والمساهمة في حل مؤقت للبطالة التي تواجه آلاف خريجي الجامعات والمعاهد. إن إقرار الخدمة العسكرية، ورفض الخدمة المدنية، من قبل الحكومة يؤكد أن الهدف لا علاقة له بامتصاص جزء من البطالة المتفشية في أوساط الشباب، والتي يمكن أن تحل عبر التشغيل عبر التعاقد سواء في القطاع العمومي أو الخاص، بل إعادة التربية والتكوين، ومواجهة حالة التيه وفقدان الإحساس بالانتماء إلى الوطن في أوساط فئات واسعة من الشباب، أصبحت بدون أفق، خاصة في ظل تراجع دور الأحزاب والهيآت المدنية والمنظمات الشبابية عن تأطير الشباب، واحتضانهم، وهجرة العمل السياسي، والارتماء في أحضان مواقع التواصل الاجتماعي والانخراط في الحراكات الشعبية، التي أصبحوا يشكلون عمودها الفقري، في ظل انسداد آفاق التشغيل، وفقدان الأمل، أمام عجز المؤسسات السياسية والمنتخبة عن إطفاء موجة الغضب، وإعادة الأمل إلى الشباب، وتعزيز الانتماء الوطني لديهم. ويتساءل المتتبعون للشأن الشبابي، في انتظار معرفة تفاصيل القانون الجديد، عن كيفية تنزيله وطريقة انتقاء المرشحين للخدمة العسكرية من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 19 سنة و25، والشروط التي تسمح للشباب من الإعفاء من الخدمة أو تأجيل فترة قضائها، باعتبارها واجبا على جميع الشباب المغاربة. برحو بوزياني

الخدمة العسكرية … التربية على المواطنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

سقوط عصابة سرقة سيارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات