حملة نظافة بمركب محمد الخامس وتحدي مشجعي الفرق الأخرى بشعار كل واحد يجمع زبلو يغري "كوكب اليابان" كل مشجعي الفرق الرياضية العالمية على "غزوه"، فثقافة اليابانيين والقيم الإنسانية جعلتهم شعبا راقيا يتباهى أمام باقي الأمم بحضارته... حتى في كرة القدم. ألهمت تقاليد "الساموراي" الرجاويين، الأحد الماضي، وتشبث مئات المشجعين "الخضر" بتقليد اليابانيين وحرصهم على النظافة والالتزام بقيم المشاركة، فهب "الخضر" من مقاعدهم بمركب محمد الخامس للتأكيد على أن سلوكات، مهما بدت صغيرة، إلا أنها تكشف عن معدن المجتمعات الراقية المتقدمة، والنظافة، مثلها مثل الرياضة، منبع الأخلاق وعنوان التميز. ما إن أطلق الحكم صافرة نهاية مباراة فريقي الرجاء الرياضي وأسيك ميموزا الإيفواري، معلنا فوز النسور الخضر في الجولة الرابعة من دور مجموعات كأس "كاف" برباعية، حتى هب الرجاويون نحو المدرجات، حاملين أكياسا بلاستيكية زرقاء، ينقبون تحت الكراسي، ويبحثون في الزوايا عن الأزبال، ثم يجمعونها ويحملونها على الأكتاف، في مشهد لم نعاينه، يوما ما، في الملاعب المغربية، التي تفوح من أغلبها روائح النفايات والأوساخ، وتدفع الكثيرين إلى العزوف عن ارتيادها. بدأ المشهد من رجل يحمل نظارة طبية، ويشبه، فعلا فرسان "الساموراي" اليابانيين، إذ ظل يوزع الأكياس البلاستيكية داخل المركب الرياضي، الذي طالما شهد اقتتال المشجعين، وتكسير عشرات الكراسي، والاعتداء على رجال الأمن، ثم استهوت التجربة شبابا آخرين، فحملوا الأكياس، باحثين بين الكراسي عن قارورة نسي صاحبها رميها في الحاويات، أو بقايا مأكولات رماها مشجع في لحظة انتشاء، وأعجب أطفال بالمشهد، فكثر عدد "اليابانيين" بمركب محمد الخامس، كما تعددت مشاهد الرقي والتحضر والروح الرياضية. قلد الرجاويون اليابانيين في تنظيف الملاعب، وانتشرت الأكياس البلاستيكية الكبيرة في الزوايا، وتكلف صاحب النظارة الطبية بتوزيع المهام والابتسامات والنصائح، فالأهم بالنسبة إلى "يابانيي البيضاء" ترك المكان نظيفا كما وجدوه تماما، في حين حمل آخرون هواتف محمولة لتسجيل "اللحظة التاريخية"، فليس اليابانيون وحدهم من يملكون الرقي والسلوك الحضاري!. يحكي أحد المعجبين بحملة النظافة بالمركب الرياضي ل»الصباح» بفخر عن المشهد، ف»الأكيد أن رحلة الجماهير المغربية بأعداد كبيرة إلى روسيا أحدثت مفعولها السحري، وأسهمت في بداية الوعي بأهمية احترام المنشآت الرياضية، فهناك عاين المغاربة احتفالية باقي الجماهير، قبل وبعد أي مباراة ونبذ العنف والتعصب والحرص على تسويق صورة مجتمعاتها الحضارية التي تؤمن بالروح الرياضية». وكشف رجاوي آخر عن تأثير الإعلام العالمي على الجماهير، فالمشجعون الرجاويون عاينوا كيف انبهر العالم بصورة اليابانيين لحظة انهماكهم في جمع النفايات، رغم هزيمة منتخبهم، وتتبعوا تفاصيل لحظات تفوق فيها «كوكب اليابان» بسلوكه الراقي. يستحق سلوك الرجاويين وسام الاعتراف، فجمع النفايات درس وتحد لباقي مشجعي الفرق الأخرى، ولم لا تمتد العدوى إلى المدارس والمستشفيات والشوارع، وإطلاق حملة واسعة تحمل شعار: «كل واحد يجمع زبلو»، فربما تستغني الجماعات المحلية عن شركات تستنزف الملايير لتنظيف الأحياء والدروب... فمن يقبل تحدي «الخضر»؟ خالد العطاوي