مجلس البيضاء… صراع المصالح يعطل عجلة التنمية

احتجاجات بسبب "هزالة" المنح المخصصة لتسيير شؤون المقاطعات تجربة مجلس مدينة الدار البيضاء تعبير واضح عن فشل نظام وحدة المدينة، ذلك أن التطاحنات السياسية وصراع المصالح وحرب التفويضات كانت لها الغلبة في ما آلت إليه أوضاع داخل مجلس البيضاء، فكان تأجيل الدورات المتتالية منذ أزيد من سنة سببا مباشرا في فقدان المجلس الشرعية السياسية، خاصة مع غياب أغلبية قوية ومعارضة بناءة ومنسجمة ومؤطرة ومنضبطة سياسيا، لتتحول الدورات إلى حلقات مضحكة وفضاء للتسلية وقتل للوقت الفارغ لدى مستشاري العاصمة الاقتصادية. وجد رئيس مجلس الدار البيضاء محمد ساجد، نفسه أمام صلاحيات ممتدة يمنحها له الميثاق الجماعي من خلال إشرافه المباشر على وضع وتنفيذ المخطط الإستراتيجي لتنمية المدينة بتنسيق مع مكتبه المنبثق من الأغلبية المسيرة للمجلس، إلا أنه لم يتمكن من تحويل هذه الصلاحيات إلى تدبير تشاركي لشؤون المدينة، انطلاقا من دعم سياسي واضح وميثاق أخلاقي وسياسي بين مكونات التحالف التي ولدت عرجاء.لم ينفع توقيع «ميثاق شرف» بين مكونات مجلس المدينة لتصحيح الأوضاع داخل الأغلبية، ما ساهم في استمرار حالة التطاحن بين فرق داخل المجلس ورئيسه وكذا عدم احترام موعد عقد الدورات. ظلت المعارضة تطالب بمدها بالوثائق الضرورية للنقاط المدرجة في جدول الأعمال، وعقد لقاءات أسبوعية لمناقشة طريقة تسيير المجلس، رغم أن القانون لا يمنحها هذا الحق، إلا أن التزام الرئيس بميثاق شرف جعله في حل من أمره بين ضرورة الانصياع لمطالب المعارضة أو إطالة أمد الأزمة السياسية التي يعرفها المجلس منذ سنتين، في حين تتمسك الأخيرة بحقها في التأشير على كافة المشاريع والقرارات بحكم قيمتها المالية، فضلا عن المشاريع الهيكلية مثل مشروع الترامواي والمسرح الكبير، رغم أنهما حظيا بمصادقة المجلس في دورة كان لوالي البيضاء دور في انعقادها ومباركة المشاريع والقرارات المدرجة فيها.تؤكد المادة 132 المكررة من الميثاق الجماعي، ضرورة عقد ندوة رؤساء مجالس المقاطعات بالنسبة إلى المدن، التي تعرف نظام وحدة المدينة، إلا أن هذه الإمكانية ما تزال معطلة، ما جعل عددا من رؤساء المقاطعات والمنتخبين يعبرون عن استيائهم، ويحملون المسؤولية للعمدة محمد ساجد الذي يتهاون، حسب رأيهم، في الدعوة إلى عقد ندوة رؤساء مجالس المقاطعات، مؤكدين أنه في الوقت الذي يجب أن يحرص ساجد على ضرورة عقد ندوات رؤساء المقاطعات بشكل روتيني، كما يحدد ذلك الميثاق الجماعي، فإنه لا يولي لهذا الأمر أي أهمية.وحسب ما أكدته المادة 132 نفسها، فإن ندوة رؤساء مجالس المقاطعات تستشار في برامج التجهيز والتنشيط المحلي التي تهم المقاطعات، التي يعتزم إنجازها على تراب الجماعة، وكذا حول مشاريع تفويض تدبير المرافق العمومية، ويرأس هذه الندوة رئيس المجلس الجماعي، الذي يحدد جدول أعمالها بعد استشارة رؤساء المقاطعات ويستدعيها للاجتماع مرتين على الأقل في السنة وكلما دعت الضرورة إلى ذلك.قرب إجراء الانتخابات الجماعية، جعل أغلب المستشارين يصرفون النظر عن شؤون المجلس، بعدما بات في حكم المؤكد أن تجربة مجلس مدينة البيضاء انتهت إلى الباب المسدود، خاصة مع توالي احتجاجات رؤساء المقاطعات بسبب «هزالة» المنح المخصصة لهم لتسيير شؤون المقاطعات، مقابل عدم تدخلهم في وضع مخططات تنمية مقاطعاتهم، وسحب بساط منح الرخص من تحت أقدامهم، مقابل احتفاظهم بالتوقيع على الشهادات والوثائق الإدارية وصرف النفقات الضرورية وغيرها من المجالات التدبيرية المحدودة. مشاكل التدبير والتسيير التي تمخضت عن نظام وحدة المدينة، بل هناك مجالس أخرى، تعيش على الايقاع ذاته، مثل فاس وطنجة، والرباط، بسبب غياب آليات استقبالية ناجعة لتطبيق هذا النموذج في التدبير المحلي المستورد من الخارج، وغياب ثقافة المحاسبة والمسؤولية لدى المنتخبين الذين يشاركون في التدبير المحلي، فضلا عن عدم انضباطهم لأحزابها، إضافة إلى رؤى لتنمية المدن الكبرى التي طبق فيها هذا النظام. وحدة المدينة... أزمة علاقة بين المقاطعات والمجلسرغم أن متتبعين للشأن المحلي مدحوا في البداية تطبيق نظام وحدة المدينة، والإشراقات الكثيرة التي تضمنها الميثاق الجماعي الجديد، هناك من كان يرجع سبب العثرات التي تخبطت فيها تجربة وحدة المدينة، إلى عدم وجود نصوص قانونية تنظم العلاقة بين المقاطعات ومجالس المدن.من جهة أخرى، كان ينتظر أن يساهم نظام وحدة المدينة في توحيد إمكانات المدن ووضعها في يد مجلس موحد لتفادي تشتيت الإمكانيات، الذي كانت تعانيه المراكز الحضرية الكبرى، إلا أنه من خلال قراءة أولية لتجربة وحدة المدينة، يظهر أنها لا تختلف كثيرا عن نظام المجموعة الحضرية، فما يزال الاهتمام منصبا على الأحياء الراقية والتهميش نصيب المناطق المهمشة، التي تغرق في بحر من المشاكل. رشيد باحة

مجلس البيضاء… صراع المصالح يعطل عجلة التنمية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرباط تغرق بسبب طابعها الاستثنائي

تجربة وحدة المدينة... بعض أسباب الفشل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات