أسعار الذهب ألهبت آلام تجاره وصناعه

الأزمة الخانقة ساهمت في إغلاق 700 ورشة بفاس والمهنيون في خطر لم يفد ارتفاع سعر الذهب، صناعه وتجاره، في شيء، في ظل المنافسة الشرسة للمستورد منه، ومحدودية الإقبال من طرف العائلات متوسطة وضعيفة الدخل، التي "بالكاد تدبر تكاليف عيشها، دون تفكير في الكماليات". ويهدد الإفلاس الكثير منهم، في ظل واقع مزر يعيشونه ولا يحسدون عليه. ويتحدث المهنيون بفاس، عن أزمة خانقة يعيشها القطاع في ظل ارتفاع سعر المادة الأولية، الذي تضاعف ثلاث مرات، بشكل ألهب أثمنة الحلي والمجوهرات، التي لم يعد باستطاعة الجميع، شراءها أمام ضعف القدرة الشرائية للمواطن الذي يتخلص مما ادخره من المادة، طمعا في الربح. ويؤكدون أن سعر هذا المعدن النفيس، ارتفع بشكل صاروخي خلال 3 سنوات الأخيرة، من 120 درهما إلى 380 درهما للغرام الواحد، مقابل 600 درهم للغرام بالنسبة لذاك للمستورد، ما يعزونه إلى الأزمة الاقتصادية العالمية وإفلاس الأبناك وإفلاس المستثمرين الكبار وتقلبات البورصة. وما دام أن اقتناء الذهب، شيء ثانوي وتكميلي بعد التطبيب والأكل ومستلزمات الحياة، فالأسر تغاضت عنه، لدوافع اجتماعية محضة، إلى حد الاكتفاء بأشياء "خفيفة" عند كل زواج، والاقتصار على شراء الخواتم والسلاسل في أحسن الأحوال، عوض "المضام" وكميات مهمة من الحلي. هذا الواقع، يقول خالد الصنهاجي كرامي، رئيس الغرفة النقابية لتجار وصناع الحلي والمجوهرات بفاس، أثر سلبا على مجموعة من ورشات صناعة الذهب وتجاره، وساهم في إغلاق بعضها وإفلاس أصحابها، متحدثا عن أن نحو 80 في المائة من مجموع 1000 ورشة بالمدينة، أغلقت نهائيا. ويؤكد أن نحو 150 ورشة بأحياء مونفلوري وبن دباب والملاح، التي تتركز بها نحو 20 في المائة من الورشات، هي الوحيدة التي ما تزال تشتغل نحو 3 أشهر في السنة فقط، لكن بشكل متقطع، حفاظا على الأسر التي تعيش من هذه الصناعة المهددة بالانقراض حسب قوله، وإنقاذا لها من الضياع والتشرد. هذه الورشات تعتمد المهارات اليدوية، ميزة لها بشكل يوفر ذهبا بجودة عالية وماركات عالمية، عكس البضاعة المستوردة التي تتميز بخفة الوزن وبثمن أكبر بكثير من تلك المصنعة بالوطن، لكن الإقبال عليها ضعيف أيضا، لأسباب اجتماعية محضة مرتبطة بدخل الأسر ومعاناتها مستلزمات الحياة. ويؤكد الصنهاجي أن استيراد الذهب أصبح ممكنا بشكل أسهل من السابق، متحدثا عن استحواذ نحو 20 تاجرا بالدار البيضاء، بالعملية التي ليست في متناول جميع التجار المغاربة، لما تتطلبه من إمكانيات مادية عالية، ما ساهم وعوامل أخرى، برأيه، في إغلاق أكثر من 700 معمل بفاس لوحدها. ولعل السلاسل والخواتم والأساور الخفيفة، من أهم الأنواع المستوردة خاصة من إيطاليا بالدرجة الأولى وتركيا، فيما تستورد الفضة من الصين وتركيا، على أن المغاربة متميزون في صناعة الأحزمة و"السراتل والبزايم"، بمختلف الورشات الموجودة بشارع المرينيين (الملاح) والمدينة العتيقة. ويشير إلى أن تلك العوامل مجتمعة، ساهمت في تقليص عدد تجار الذهب، إلى 500 تاجر بأحياء الملاح والنخالين وقيسارية الكفاح بالمدينة العتيقة ومحلات متفرقة بمختلف الأحياء الراقية منها والمهمشة، ابتلوا أخيرا بظاهرة جديدة، تمثلت في السطو على محلاتهم في أحياء النرجس وكاريان الحجوي. ويؤكد أن توسع رقعة تجارة الذهب، إلى عدة أحياء، بعد أن كان ذلك يقتصر سابقا على محلات بحي الملاح معقل تجاره القدامى من اليهود الذين هجروا مهنتهم والمدينة وهاجروا قبل أكثر من 15 سنة إلى فرنسا وإسرائيل، لا يعني أن "المهنة بخير"، بل إنها "في حاجة إلى دعم واهتمام رسمي". ويشير خالد الصنهاجي، إلى أن العديد من التجار والصناع، أفلسوا ليس فقط بفعل تضافر تلك العوامل، بل لمعاناتهم مشاكل عويصة مع إدارة الضرائب، متحدثا عن اجتماعات متتالية عقدتها الغرفة النقابية مع مسؤولي الضرائب، تم خلالها إطلاعهم على الظروف الصعبة التي يعيشها المهنيون. وطالب بالمناسبة بتخفيض الضرائب كي لا يفلس الباقي من التجار والصناع، متمنيا انتعاشة للقطاعات الأساسية، لتقليص جزء من الأزمة الاقتصادية التي أكيد سيكون لها انعكاس على قطاع الذهب، وكي "تعم علينا بشوية ديال الخير، ونعودوا كيف كنا أو أقل بشوية" يقول بدارجة لا تحتاج إلى تعليق. وفي انتظار تحقق آمال كرامي، يتمنى المهنيون التفاتة رسمية إلى القطاع، لإنقاذهم من التشرد والإفلاس الذي يتهدد الباقين منهم في ساحة تجارة أدت ثمن انفتاحها على السوق الأجنبية، دون دراسة موازين القوة أو إيلاء أدنى اعتبار للمهنيين. حميد الأبيض (فاس)

أسعار الذهب ألهبت آلام تجاره وصناعه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شكري: الذهب كان وسيلة للتوفير لدى المرأة

لهذه الأسباب يبقى الذهب معدنا ثمينا

مقالات ذات صلة