فتح الترشيحات للانتخابات الرئاسية بمصر

انقسام بين التيارات السياسية حول رفض وقبول العصيان المدني هل نحتاج إلى رئيس في توقيت يغيب فيه فكر المصالحة؟ هذا هو السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، ونحن نشهد انقساما كبيرا بين التيارات السياسية التي اختلفت حول رفض وقبول العصيان المدني، للمطالبة بتسليم فوري للسلطة وعدم الانتظار لانتهاء خارطة الطريق المقررة من قبل المجلس العسكري. على أرض الواقع فشل الإضراب والعصيان المدني، ولكن الخلاف لم يزل قائما بين الحركات السياسية التي يطالب بعضها برئيس مؤقت وهو أمر عسير قبل إقرار الدستور الجديد، لأنه يأتي برئيس يمتلك جميع صلاحيات المخلوع، المقررة في دستور 1971.ويبقى الحل الذي اقترحناه في المجلس الاستشاري بالتبكير شهرا وفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية 10 مارس المقبل، تتطلع الأمة إلى رئيس منتخب يعبر عن طموحات وتطلعات هذا الشعب العظيم نحو دولة عصرية بها مؤسسات ديمقراطية وفصل حقيقي بين السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، واقتصاد متنام يستند إلى قاعدة كبيرة منتجة وراسخة وبنية اجتماعية متماسكة تعبر عن التعايش السلمي بين كل مكونات المجتمع المصري، أي رئيس يجري مصالحة وطنية حقيقية. ولكن السؤال المهم هو: ماذا نريد من الرئيس المقبل للبلاد وما مواصفاته ومقوماته الشخصية والسياسية التي تؤهله لحكم بلد ممتد وراسخ وعميق الجذور في الحياة النيابية مهما كانت فترات تجمدها السياسي؟فالقيادة مسؤولية كما يقول الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وهذه العبارة التي ذكرها هيكل تعني، من وجهة نظري، أن الرئيس المقبل لابد أن تكون له أولا: رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة وليست رؤية مثالية أو دعائية، ولكنها رؤية لبلد في حجم وثقل مصر وتاريخها وقدراتها وطموح أبنائها، وما يطمح إليه شعبها من حياة سياسية تقوم على ديمقراطية حقيقية ومؤسسية راسخة وقوية في بنيانها الداخلي.هذه الرؤية يجب أن تكون واقعية لا تتجاهل الخيال الخلاق في مستقبل أفضل، وهذا ضروري جدا في الوقت نفسه، وليست رؤية طوباوية تتعلق أنظارها بتجارب عالمية خاضت صراعا دمويا لتصل إلى ما وصلت إليه من تجارب، بل تتوجه إلى نموذج الهند مثلا في تجربتها الديمقراطية، أو سنغافورة، التي استطاعت تحت قيادة رشيدة مثل رئيس وزرائها ومؤسس نهضتها لي كيو وان، أن تقفز قفزة هائلة من خلال الأولوية التي أعطتها للعلم والتعليم والتدريب والتأهيل، واستطاعت في أقل من ثلاثة عقود أن ترفع الناتج المحلي من 3 مليارات دولار سنة 1965 إلى 46 مليار دولار عام 1997 أي في 30 سنة، وأن يتمتع شعبها بأعلى حصة للفرد من الناتج القومي. وهو ما جعل هنري كيسنجر يقول في مذكرات وان «لو كانت لنا عقلية مثل هذا الرجل الآسيوي لما عانت الولايات المتحدة أي مشكلة اقتصادية».وهذا يعني أننا لا يجب أن نهمل الاستفادة من تجارب الدول التي وقعت بها ثورات وتقدمت في جميع المجالات. وفي رأيي أن من الأهمية بما كان أن يستعين الرئيس المقبل بجهود أبناء مصر الناجحين في الخارج علميا وماديا، ليساهموا في نهضة البلاد وتنميتها.لقد قام بلد كبير ومهم كالصين على المغتربين من أبنائه والمتعلمين تعليما رفيعا في الغرب، خاصة في التكنولوجيا الحيوية. وبصفتي مستشارة وزارة الهجرة لشؤون المصريين في الخارج ورئيسة شرف المفوضية الجديدة تحت التأسيس أقوم بعقد اجتماعات معهم بصفة مستمرة، وأشعر بفخر لحماسهم وإرادتهم للمشاركة في خدمة وطنهم.ومن مصادر قوة الرئيس المقبل أن يكون له رصيد سياسي، خاصة في مراحل التطور الديمقراطي، إذ تكون الخبرة والحنكة مطلوبتين لقيادة سفينة البلاد إلى بر الأمان.ولنضع أمامنا مقولة زعيم الهند بعد الاستقلال جواهر لال نهرو «لا يوجد بلد يتطلع إلى مكان تحت الشمس دون خبرة ودراية وعلم بأمور السياسة والتاريخ البشري».ومن مصادر قوة الرئيس المقبل أن يعمل ضمن فريق عمل جماعي، فقد عانت مصر طيلة ستة عقود حكم الفرد الأوحد والمتحكم في مصير البلاد والمهيمن على الثروة والسلطة، ولابد لأعضاء فريق العمل أن يكونوا من أصحاب الكفاءات والخبرات، خصوصا ذوي السمعة النظيفة وليسوا من أهل الثقة أو جماعة المنتفعين في كل عصر، الذين يلتفون حول الحاكم فيحجبون عنه الحقائق فيقع في المحاذير ويقود البلاد إلى كارثة، كما حصل في العهود السابقة.أما منصب نائب الرئيس الذي طالبت به القوى السياسية طيلة ثلاثين عاما، وعندما جاءت لحظة اختياره ولد جنينا مشوها في لحظة تاريخية فاصلة في تاريخ البلاد، وهو موضوع يستحق التوقف عنده كثيرا لما فيه من حقائق لابد أن تقال ومواصفات وقدرات لا تقل أهمية عن الحديث عن الرئيس نفسه، بل أكاد أجزم بأن الاثنين يشتركان في الأهمية والدور والمكانة.ورئيس المستقبل ينبغي عليه الاستعانة بالشباب المصري العظيم مصدر القوة والطاقة والمفعم بالحيوية، ويجب أن يضعه في مكانه الذي يستحقه ويعطيه فرصة القيادة في بعض المواقع دون وصاية من أحد عليه، فشباب مصر يستحق منا الكثير، فهم أمل المستقبل ودعائم صناعته، لذا كان تأهيلهم وإزالة العقبات التي تقف أمام تحملهم المسؤولية ووضعهم في بعض المواقع القيادية أمورا واجبة على كل من يسعى إلى رئاسة مصر، فالشباب المصري العظيم لم يختبر بعد، وعلى الرئيس المقبل مسؤولية إتاحة الفرصة لهم لقيادة أمور بلدهم، فليس من الطبيعي أن من شارك في الثورة يحرم من جني ثمارها واستكمال أهدافها ومسيرتها. بقلم: منى مكرم عبيد: عن موقع «المصري اليوم»

فتح الترشيحات للانتخابات الرئاسية بمصر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

20 فبراير بالبيضاء تطفئ شمعتها الأولى باعتصام في العراء

بيت الشعر ودار النهضة يحتفيان بالشعراء الشباب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات