الأراضي السلالية تسيل لعاب المحتالين

مستشار جماعي ونائب للأراضي السلالية استوليا على عقار بقيمة 4 ملايير لا تزال قضايا الميراث والتركة تحتل الصدارة في عدد القضايا المعروضة على الغرف الجنحية التلبسية ومحاكم الأسرة بطنجة، إذ مافتئ الكثير من المواطنين رهائن لقضايا تتعلق بالتزوير في وثائق ومحررات رسمية، وقف وراءها عدول أو موثقون أو خبراء محلفون... الذين يتعمدون تغليط العدالة بوقائع مزيفة وأفعال منافية للقانون من أجل تمكين أفراد من الاستيلاء على ميراث أو تركة لا حق لهم فيها، ويثيرون بذلك نزاعات أسرية بين الإخوة والأشقاء تصل بعضها حد الاعتداء والقتل. ومن بين الملفات الشائكة، التي بت فيها أخيرا القضاء الجالس بغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية بطنجة، قضية توبع فيها مستشاران جماعيان ونائب للأراضي السلالية بجماعة أكزناية، الواقعة ضمن النفوذ الترابي لعمالة طنجة أصيلة، وتتعلق بالتزوير في وثائق ومحررات رسمية واستعمالها لحيازة أرض متنازع حولها بين ثلاثة أشقاء، والاستفادة من تفويتها للدولة بمبلغ مالي كبير يفوق 4 ملايير سنتيم ونصف. وتعود تفاصيل هذه القضية، إلى 2016، حين تقدمت امرأتان بشكاية مباشرة لدى الوكيل العام لدى استئنافية طنجة، تتهمان فيها شقيقيهما بتزوير وثائق ومحررات رسمية تتعلق بقطعتين أرضيتين (الصنطيحة والخزان)، وهي ضمن أراض سلالية تابعة لجماعة هوارة، التي تبلغ مساحتها 164 هكتارا وتم تحفيظها من قبل الدولة سنة 1998 تحت رقم 06/62009، حيث قام بإنجاز ملكية عدلية سنة 2016 مفادها الحيازة والتصرف والتملك لهكتارين ونصف من تركة والدهما، وذلك بناء على إفادة سلمها له نائب الأراضي السلالية بالمنطقة، وشهادة إدارية موقعة من قبل نائب رئيس جماعة اكزناية، وهو الأمر الذي مكنه من توفيت القطعتين للدولة والاستفادة من المبلغ المذكور دون أن يعير أي اهتمام إلى حقوق أشقائه الآخرين، المحفوظة لهم شرعا وقانونا. وعرفت أطوار جلسة البت في هذا الملف الشائك، الذي يحمل رقم (349/17)، فصولا مثيرة ونقاشات حادة بين هيأة دفاع الأطراف المتنازعة، حيث أكد محامي المشتكيتين أن المتهمين (المستشار الجماعي ونائب الأراضي السلالية)، تواطآ مع المتهم الرئيسي، وهو شقيق المشتكيتين ومستشار بالجماعة نفسها، وقاما بتزوير وثائق ومحررات رسمية مكنت الأخير من "الحيازة والتصرف والتملك" في هكتارين ونصف من أراض سلالية متنازع عليها، واستفاد في ظروف غامضة من تفويتها للدولة. كما أوضح في مرافعته أن جريمة التزوير في المحررات الرسمية ثابتة وتتمثل في نية الجاني واستعماله المحرر المزور في ما زور من أجله، مبرزا في الوقت نفسه أن إعداد شهادة إدارية واستعمالها في تنفيذ مشروع التزوير ليس إلا استكمالا لعنصر القصد الجنائي، ليخلص في النهاية إلى التأكيد على أن المتعرضتين لحقتهما أضرار معنوية ومادية جراء شهادة الملكية "المزورة" المدلى بها، وطالب بمتابعة جميع المشتبه فيهم بما نسب إليهم، مع أداء المتهم الرئيسي تعويضا لشقيقتيه قدره 4 ملايين درهم. من جهته، أكد ممثل النيابة العامة في مرافعته أن وثائق الملف ووقائعه تثبت أن جناية التزوير قائمة في حق المتهمين الثلاثة، وأن الأفعال المنسوبة إليهم تتطلب معاقبتهم وفق الفصلين 358-359 من القانون الجنائي، ملتمسا تشديد العقوبة على نائب الأراضي السلالية، لكونه كان الأجدر به حماية الملك العام بدلا من المساهمة في زرع الفتنة بين المواطنين، إلا أن الهيأة كان لها رأي آخر، وقررت، بعد اختلائها للمداولة، تمتيع المتهمين الثلاثة بالبراءة، والحكم بعدم الاختصاص في الدعوى المدنية التابعة، لتضع بذلك نهاية مؤقتة لملف قضائي مثير، استغرق البحث فيه مدة تزيد عن سنة. وخلف هذا القرار خيبة أمل لدى المشتكيتين، اللتين قررتا استئناف الحكم ورفع شكاية تظلم للمجلس الأعلى للقضاء في مواجهة هيأة الحكم، طبقا للمادة 86 من القانون التنظيمي للمجلس نفسه، فيما أثار الحكم جدلا ونقاشات واسعة بين عدد من الحقوقيين داخل المدينة وخارجها، الذين اعتبروا الحكم "مجانبا للصواب"، لكونه لم يعلل تعليلا سليما ولم يأخذ بما جاء في محاضر الضابطة القضائية وحجج ودلائل واقعية مقدمة من قبل دفاع المشتكيتين. المختار الرمشي (طنجة)

الأراضي السلالية تسيل لعاب المحتالين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حقوقيون يهاجمون مسودة القانون الجنائي

مختصرات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات