500 تلميذ يخضعون لتكوين أكاديمي بمعايير احترافية أن ينافس اللونين الأحمر والأخضر بحي الوازيس الرياضي بالبيضاء، فذاك مستحيل، فعشرات الأطفال يقصدون، يوميا، مركبي الوداد والرجاء من أجل مداعبة الكرة... وحدها أكاديمية "ليطوال" نجحت في خطف الأنظار و"الألوان"، فقد غزا أطفال بلابسهم الأصفر والأخضر الحي، وبسطوا "نفوذهم" الرياضي على المنطقة التي تحولت إلى نقطة جذب للأسر والأطفال والموسيقيين. وفي ظل اكتساح الأكاديميات للمشهد الرياضي الوطني، وظهور مدارس كروية، تحمل أسماء أندية عالمية، خرج "ليطوال" بمدرسة مميزة، بشهادة المنخرطين، تجمع بين الرياضة والفن، من خلال حرص الساهرين عليها على دمج المجالين في التكوين. ويعيش نجم الشباب البيضاوي، ثورة حقيقية على جل المستويات، سواء منها الرياضية أوالبنيوية، خصوصا بعد إطلاق مشروع أكاديميته، التي تعد نموذجا على صعيد العاصمة الاقتصادية، وكذا تجديد بنيته التحتية التي باتت تضاهي أكبر الأندية الوطنية. ويراهن المستثمرون في هذا المشروع الرياضي، على إعادة الروح إلى هذا النادي المرجعي، الذي أنجب العديد من النجوم، أثثوا فضاء سماء كرة القدم الوطنية عبر التاريخ، في زمن قياسي، بالاعتماد على مدرسة الفريق، وتكوين أكاديمي يخضع للمعايير الدولية. نجم الشباب الممارس في بطولة القسم الوطني للهواة، أصبح قبلة لشباب العاصمة الاقتصادية، لما توفره أكاديميته من ظروف ملائمة لصقل الموهبة، والأكيد أنه في الاتجاه الصحيح نحو استعادة أمجاده، والتصالح مع التاريخ الذي خرج منه مرغما قبل سنوات. داخل فضاء أكاديمية نجم الشباب، كل الظروف مواتية لممارسة كرة القدم بأبجدياتها الحقيقية، تحت إشراف مؤطرين ومدربين مارسوا اللعبة، داخل أكبر الأندية الوطنية. وتتيح الفضاءات الخضراء المتوفرة داخل الملعب، للتلاميذ مساحة مناسبة لتفريغ ما بجعبتهم من إمكانات ومهارات، داخل إطار احترافي يحترم ضوابط الممارسة. نبذة تاريخية نجم الشباب الرياضي البيضاوي،المعروف اختصاراًبالنجم البيضاوي (E.J.S.C) ناد رياضي ممارس بالقسم الوطني الهواة ، يرتدي اللونين الأصفر والأخضر، ويعتبر درب غلف في العاصمة الاقتصادية معقل النادي. تأسس في الأول تحت اسم السعادة الرياضي،لكنه غير بعد ذلك اسمه إلى نجم الشباب، وكان يعتبر من أعتد الفرق في العاصمة الاقتصادية،بعد الوداد والرجاء الرياضيين، قبل أن يبدأ بالانهيار في منتصف الثمانينات،وينزل إلى الأقسام الشرفية، التي ما زال ممارسا فيها لحد الآن. تأسس في 1942، وكان ثالث ناد يحرز بطولة المغرب لكرة القدم بعد الاستقلال،إذحاز اللقب في 1959، متفوقا على جاره الوداد الرياضي، الذي حلَ في المركز الثاني آنذاك. الفريق الأول لا يمكن أن نفصل ما حققته الأكاديمية عن حقيقة الفريق الممارس في أحضان الهواة، والذي يتطلع إلى المصالحة مع التاريخ، والعودة إلى أندية الصفوة. ويخصص الفريق الجزء المهم من مداخيل الأكاديمية، لتدبير شؤون الفريق الأول، الذي عانى أزمة مزمنة رمت به في أحضان الهواة لسنوات، قبل أن يتحسن أداؤه بشكل لافت في الآونة الأخيرة. ويؤكد المسؤول الأول عن الأكاديمية، أن هدفه الأول يظل العودة بنجم الشباب إلى أندية الصفوة، رغم ما يكلف ذلك من مصاريف إضافية. الجميع داخل الأكاديمية في خدمة الفريق الأول، والدفع بعجلته نحو الأمام والعودة إلى قسم الأضواء. الفئات العمرية يتوفر الفريق على مختلف الفئات العمرية، تنشط في البطولات المحلية والجهوية، وحقق نتائج إيجابية خلال بطولة هذا الموسم. ويشرف على الفئات العمرية مؤطرون بكفاءة عالية، زيادة على المعدات الرياضية، التي تضاهي كبريات الأندية الوطنية، دون الحديث عن وسائل النقل والإيواء. يمتاز نجم الشباب عن باقي أندية العاصمة بتنظيمه الإداري والرياضي المحكم، بفضل مجهودات مؤطريه وإدارييه المكونين على أعلى مستوى، داخل مركب إداري حديث، أنشئ في الفترة الأخيرة، بمواصفات عالية، تضمن السير العادي داخل المؤسسة بشكل سلس ودون أدنى مشاكل. دوريات موازية لتنشيط هذا الفضاء الرياضي بامتياز، تنظم أكاديمية نجم الشباب البيضاوي، دوريات موازية على امتداد السنة، تمكن شباب العاصمة الاقتصادية من التلاقي بين الفينة الأخرى، في أجواء جميلة. باتت تشكل أكاديمية "ليطوال"، ملجأ لجميع التظاهرات داخل العصبة، وتحتضن نهاية كل أسبوع أزيد من عشر مباريات إضافة إلى مواجهات نجم الشباب في البطولة الوطنية، ومباريات الراسينغ البيضاوي، قبل أن يفتتح ملعب الأب جيكو من جديد أبوابه. وتسهر على تنظيم هذه الدوريات أطر مكونة في المجال لا تترك للصدفة مجالا، وتراها كل نهاية أسبوع تشتغل على امتداد ثماني ساعات بكل تفان، في سبيل إسعاد الزوار من مختلف مناطق البيضاء. وتنظم الإدارة التقنية الوطنية، بين الفينة والأخرى، داخل ملعب نجم الشباب البيضاوي، الدورات التكوينية للاعبين والمدربين، وتسهر بداخله على نهائيات عصبة كرة القدم، بسبب الأجواء الجميلة التي يوفرها. ميزانية كبيرة يشتغل داخل أكاديمية نجم الشباب البيضاوي أزيد من 20 مؤطرا مكونين على أعلى مستوى، بينهم دوليون سابقون للرجاء والوداد الرياضيين، مشرفون على الأكاديمية، من قبيل يونس المنقاري، وخالد أوصياغ، وهشام اجويعة، والمهدي أزوار، والباقي موزع على باقي الفئات العمرية لنجم الشباب. ويكلف هذا الطاقم، إدارة النادي، حوالي 30 مليون سنتيم، ، فيما كلفت إعادة تهييء الفضاء وتأمينات اللاعبين (40 مليون سنتيم)، حوالي 600 مليون سنتيم، جزء كبير منها خصص لإعادة ترميم المقهى الموجودة داخل المركب، والتي باتت فضاء مناسبا للقاء آباء وأولياء تلاميذ الأكاديمية. وتكلف الأكاديمية إدارة النادي شهريا حوالي 18 مليون سنتيم لتدبير شؤونها اليومية، دون احتساب الرواتب الشهرية. وتضم الأكاديمية، إلى حدود الساعة، في سنتها الثانية، حوالي 500 تلميذتتراوح أعمارهم ما بين 6 سنوات و12 سنة، من مختلف شرائح المجتمع، بينهم أبناء جاليات مختلفة، ومشاهير الفن والرياضة. إعداد: نور الدين الكرف إبراهيمي: لا يهمني الربح مدير الأكاديمية قال إنه يراهن على مشروعه لصناعة نجوم المستقبل في عقده الخامس، شعر الغوتي إبراهيمي، أن بإمكانه تقديم خدمات لبلاده في مجال التكوين بعد تجارب راكمها بالخارج، ووقف على نجاعتها في تكوين أجيال المستقبل. الغوتي المستثمر المبتسم، يدرك أنه لن يجني أرباحا في القريب العاجل، ويراهن على المستقبل، لتأكيد نظريته في التكوين، فانخرط داخل أحد أعرق الأندية البيضاوية التي أنجبت نجوما لإعطاء مشروعه الرياضي المصداقية، وإعادة الروح لمعلمة كادت أن تندثر. يراهن مدير أكاديمية نجم الشباب البيضاوي، على مشروعه الرياضي، لصناعة نجوم المستقبل، وبعث الروح من جديد داخل فريق أرهقته الأزمات ورمت به في قسم الظلمات. وفي ما يلي نص الحوار: أكيد أنك لا تراهن على التكوين من أجل كسب المال... (مقاطعا) طبعا لا، فأنا أبحث عن هوية حقيقية لأكاديميتي، ولم أجد سوى هذا النادي الذي كان محط أطماع العديد من المستثمرين، فتح لي أبوابه ومنحني فرصة تحقيق أحلامي، وأشكر بالمناسبة كل من وثقت في مشروعي وأعطاني الفرصة لأقوم بكل هذه التغييرات التي طرأت على ملامح هذا النادي العريق. هناك العديد من الأكاديميات بالعاصمة الاقتصادية، ألا تخشى المنافسة؟ أبدا، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، أنا واثق من مشروعي وإمكانية نجاحه على المستويين المالي والرياضي. الفرق الوحيد أنني لا أستعجل الربح، فهو آت لا محالة، ومهمتي الآن منحصرة في التكوين وتعليم أجيال المستقبل مبادئ كرة القدم الحقيقية. هل واجهت بعض الصعوبات في إطلاق هذا المشروع؟ بطبيعة الحال عانيت في البداية كثيرا من البيروقراطية، كما هو الحال مع جميع المستثمرين، وما حدث لي مع السلطة المحلية خير دليل، لكنني مصر على تجاوز كل هذه المعيقات، وتقديم مشروع ناجح لبلدي وأبناء وطني. الانتماء إلى فريق عريق بقيمة نجم الشباب، أكيد أن وراءه أهدافا... لي الشرف أن أنتمي إلى المعقل الكروي التاريخي، الذي صنع أجيالا وأجيالا، وهدفي الأول والأخير هو إعادة هذا الفريق إلى سابق عهده. وضعنا برنامجا من أجل ذلك، فكل عائدات الأكاديمية اليوم تصب في خزينة الفريق الأول، الذي نراهن على إعادته إلى أندية الصفوة إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه اليوم في ثلاث أو أربع سنوات على أبعد تقدير. هل تهتمون بالفئات العمرية للنادي، بالدرجة التي تهتمون فيها بالأكاديمية؟ بالفعل، لأن هذه الفئات تشكل المستقبل والرأس المالي الحقيقي للفريق، ونراهن عليها لبناء هوية حقيقية لنجم الشباب. وماذا عن الموسيقى... لا يمكن فصل الموسيقى عن الرياضة، وأحاول من خلال تجربتي البسيطة، أن أزرع حب هذا المجال داخل اللاعبين الصغار، فلا يمكن الفصل بين كرة وآلات موسيقية، وسأستمر في الدمج بين المجالين من أجل خلق جيل من اللاعبين مكونين على أعلى مستوى. بورتريه رياضي فنان يتنفس الغوتي إبراهيمي هواء الرياضة والموسيقى وحب الأطفال... تجده، يوميا، يحمل هاتفه المحمول للاستماع إلى موسيقاه المفضلة أو يلتقط صورا "عفوية" للأطفال، وهم يداعبون الكرة، وحين يتوقف لاستنشاق الهواء يحمل غيثارته، ويشرع في ترديد أغانيه... الغوتي مسير رياضي وأب حنون وفنان متمكن. يحرص الغوتي، مدير أكاديمية نجم الشباب البيضاوي، على الجمع بين موهبته الموسيقية، وحبه وولعه بكرة القدم، داخل فضاء كادت الأحداث أن تتجاوزه، قبل أن يصبح قبلة لنجوم في الموسيقى وكرة القدم. بإمكانك أن تلتقي نهاية الأسبوع داخل الأكاديمية بوجوه معروفة في شتى المجالات يتقدمها رجل بشوش، يرحب بالجميع ويرى في الرياضة والموسيقى أحسن وسيلة لبناء رجال الغد... داخل أكاديمية نجم الشباب، تشعر أنك بين أهلك وأحبابك، بسبب حفاوة الاستقبال، والعناية التي يخص بها المؤطرون الصغار من مختلف الأعمار... لا يهم أن تكون محبا لأي ناد مغربي، لكي تندمج بسرعة وسط هذا المحيط الجميل، والذي يقع بين مركبي الرجاء والوداد الكبيرين. بالعودة إلى الغوتي، الذي نال احترام وثقة الإدارة التقنية الوطنية، لما يقدمه من خدمات في مجال التكوين، يصر على أن الاحترافية في العمل، السبيل الوحيد للنجاح في أي مجال، لذلك يحاول الجمع بين الرياضة والموسيقى داخل أكاديميته التي تتحول في المساء إلى مسرح من نوع خاص يلجأ إليه كل من اشتاقت أذناه لأنغام جميلة... يتميز الغوتي عن باقي مديري الأكاديميات، بتعلقه الشديد بالصغار، الذي يرى فيهم الوسيلة الوحيدة لتحقيق أحلامه، برؤية لاعبين كبار، يمارسون على أعلى مستوى. ولم تكن الموسيقى لتفارق كيان الغوتي، رغم أنه ولج علم التكوين الرياضي، وظلت "غيثاراته" لا تفارقه أينما حل وارتحل، وارتجل مقاطع غنائية أهداها للأسود بمناسبة تأهلهم للمونديال، فأصبح نموذجا يحتذى به داخل أكاديميته، وأضحى أكثر من تلميذ مولعا بالموسيقى بقدر حبه لكرة القدم، ليحقق الإبراهيمي هاته الثنائية الصعبة... الإبراهيمي الإنسان المثقف، الذي لا تفارقه الابتسامة، جعل من الرياضة والفن أداة ووسيلة للوصول إلى قلوب الصغار قبل الكبار...